كيف استطعت أن أوفق بين أمومتي وحياتي

1210

بكتب المقال ده بإيد واحدة على الموبايل٬ في الإيد التانية طبق فيه مكرونة بحاول أقنع ابني ياكل منها حتى لو معلقتين.

اللي يشوفني يقول ست شاطرة بتشتغل وبتربي ابنها، وكمان فيه مكرونة وبانيه مجهزاهم في المطبخ، مفيش بعد كده شطارة، بس في الحقيقة أنا مش شاطرة ولا أي حاجة، على الأقل أنا مش أشطر منك أو من أي حد تاني، لأن لو أنا بعمل حاجات إنتي شايفاها كتير وشايفاني متحملة مسؤوليتها، فأنا متأكدة إنك بتعملي حاجات تانية كتير أنا معرفش أعملها، ليه؟ لأن الحياة كلها مسؤوليات، وكل المسؤوليات صعبة، وكلنا واخدين نصيبنا منها.

أبرز صفات الحياة هو التغيير٬ مفيش حاجة بتفضل على حالها٬ من الطبيعي جدًا إن مع كل مرحلة جديدة تواجهي مسؤولية جديدة٬ كده كده هتتحطي فيها ومفيش قدامك حل غير إنك تواجهي وتشيلي المسؤولية دي وتحاولي تقفي وهي على كتافك٬ اخترتي أو مخترتيش٬ المسؤولية ومتطلباتها غالبًا بتبقى مفاجآت.

جرب حاول عاند

المرحلة الأولى في أي مسؤولية جديدة هي مرحلة الخضة٬ حتى لو إنتي اللي مخططة للمرحلة دي لحياتك إلا إن مسؤوليتها بتكون مفاجأة ليكي٬ أنا فاكرة أول مرة جت ماما تزورني بعد الجواز٬ أنا متجوزة كبيرة وبكامل إرادتي وعمري ما كنت اعتمادية، إلا إني مفهمتش حجم المسؤولية دي غير لما دخلت المطبخ عشان أقدملهم حاجة يشربوها، ومكنتش طايلة الصينية٬ بشكل تلقائي تمامًا ندهت على ماما٬ وبعدين اكتشفت إن البيت ده كله بقى مسؤوليتي لوحدي٬ ومبقاش ينفع أنادي على ماما كل شوية٬ لأنها أصلاً مش هتكون معايا٬ ولأني اكتشفت إن رغم إن شخصيتي قوية جدًا وفاهمة إني مستقلة من زمان إلا إن المسؤولية كبيرة وإن في تجارب حياتية كتير لازم اخوضها لوحدي مهما كان.

بالتدريج قدرت أفهم مسؤوليات البيت والجواز٬ مش من أول يوم٬ وبصعوبة٬ كنت حاسة إن دماغي بتتفرمت وبينزلها ويندوز جديد٬ أنا كنت متعودة على أي مسؤوليات برة البيت، إنما جوة البيت معرفش حاجة٬ بس النهارده وفي عيد جوازي الرابع أقدر أقول إني قدرت أتعود على المسؤولية الجديدة.

بعد مرحلة الخضة بتيجي مرحلة الاختيار٬ ما هو إنتي يا هتتحملي المسؤولية٬ يا هتتحمليها برضو بس بكثير من الكآبة والإحباط والإحساس بالصعوبة وعدم الكفاءة٬ هيساهم في ده كلام ونصايح وتعليمات وتبكيت المحيطين بيكي٬ ومحاولاتهم الدايمة للتعديل منك ومن سلوكك ومن طريقتك في التعامل مع مسؤولياتك٬ في المرحلة دي لازم تخلقي لنفسك فضاء آمن.

تجارب حياتية ناجحة

بعد ولادة ابني٬ أمي اضطرت تمشي بعد ما ولدت بأسبوعين، لأن أختي كانت على وش ولادة٬ وقتها اضطريت أدخل تجربة الأمومة بكامل طاقتي٬ اخترت إني رغم السهر والتعب والمسؤوليات الجديدة مضيعش الوقت في الشكوى والإحباط.

ابتديت أرتب مسؤولياتي وواجبات اليوم، بحيث مضغطش على نفسي في أي شيء٬ استعنت بمساعدات في تنضيف البيت كل فترة٬ وعرفت سكة الأكل سابق التجهيز٬ وفهِّمت مديريني المرحلة الجديدة اللي بمر بيها وتفهمَّوا ده ومبقتش متطلبات الشغل زي الأول. استعنت بماما وبأصحابي القريبين إني أسألهم لو فيه حاجة قالقاني أو مش فاهماها في التعامل مع “أدهم”٬ والنهارده وبعد عيد ميلاد “أدهم” الأول بشهر أقدر أقول إني نجحت في تحمل مسؤوليات الأمومة.

تجارب حياتية مفيدة

بعد مرحلة الاختيار بتيجي مرحلة التقييم٬ إنك تبصي للمرحلة اللي خلصت وتقيمي طريقة تعاملك مع مسؤولياتها٬ وهل كنتي ناجحة ولا أداؤك مكانش مُرضي ليكي٬ في المرحلة دي مش عيب أبدًا إنك تكتشفي إن فيه حاجة إنتي مش قدها أو متقدريش تقومي بيها٬ لأن مفيش حد بيقدر يعمل كل حاجة ويكون ناجح فيها٬ ولأن مش كل الفرص اللي بتجيلنا والمسؤوليات اللي بتتحط علينا بتكون على مقاسنا٬ فمش غلط أبدًا إننا ننتقي واجباتنا عشان نقدر نقوم بيها.

أفتكر من حوالي سنتين اتعرض عليَّ شغل في مكان هيفيدني جدًا، واسمي هيتنقل نقلة نوعية لما ينزلي شغل هناك٬ وافقت فعلاً وابتديت معاهم٬ وبعدين اكتشفت إن الشغل مش شبهي٬ والكتابة اللي من النوع ده مش هي اللي بحب أكتبها وبفهم فيها٬ وإن مهما كانت الاستفادة المادية إلا إني هحس بضغط وحصار مش هكون معاه مبسوطة٬ فانسحبت بهدوء٬ واعتذرت عن الشغل ده.

الخلاصة من كل الكلام ده٬ إنك لازم تحاولي وتكوني قوية كفاية في مواجهة مسؤوليات حياتك٬ لأن هي اللي بتكبرك وبتبروز شخصيتك وكيانك٬ والنضج اللي هتكتسبيه من كل مسؤولية جديدة هتواجهيها وهتتغلبي عليها٬ هيخليكي أقدر على مواجهة الحياة وأنجح في انتقاء مسؤولياتك بعد كده٬ والتحدي اللي هتدخليه هتعرفي تنجحي فيه٬ حتى لو كان تحدي بتخوضيه لأول مرة.

المقالة السابقةالاهتمام مبيطلبش: الاهتمام من طرف واحد واثره على النفس، هل الاهتمام هو الحب؟
المقالة القادمةإليك تجربتي كيف تعملت قيادة السيارة بسهولة!
إنجي إبراهيم
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا