اللي ميعرفش يقول: معرفش!

157

 بقلم/ محمد عبد القادر

 

عارفين مستر know everything؟

الشخص اللي دايمًا عارف كل حاجة، وفاهم كل حاجة، وخبير في كل حاجة .. الشخص اللي بيلمع كدا، وفرحان بنفسه، وعنده رغبة طول الوقت أنه يقف وسط الناس يعلمهم من فيض معرفته وعلمه وخبراته اللي مفيش زيها. وفي نفس الوقت، مبيبقاش عنده أي استعداد أنه يقبل أي انتقاد أو حتى يسمع رأي مختلف.

يؤسفني أقول إن هذا الشخص وارد جدًا أنه يطلع في آخر الفيلم مش فاهم أي حاجة، أو على الأقل، وارد أن معلوماته تبقى قديمة أو غير متطورة. ده إن ماكانش نسبة كبيرة منها غلط أصلًا. طيب يا ترى ايه اللي ممكن يوصَّل شخص كان في يوم من الأيام “طالب علم” أنه يبقى “مُدَّعي علم”؟

طيب حد قبل كدا فكّر في كلمة “طالب علم” دي؟! .. طالب جاية من طلب. وبما أن العلم بُحُوره واسعة ولا تنتهي، فمن الطبيعي أن عملية طلب العلم “التعلُّم” هتبقى هي كمان لا تنتهي. التعلم مسيرة مستمرة، بتحتاج بنزين علشان تفضل مكملة وشغالة. بس يا ترى البنزين بتاع التعلم ده يطلع إيه؟

لو حاولنا نحصر أهم المبادئ اللي بتخلي مسيرة التعلم فعَّالة جوَّانا طول الوقت؛ فأعتقد هنلاقي الآتي:

التواضع

بيتهيألي مفيش تعلم بجد ممكن يحصل بدون تواضع. أصل ببساطة أنا لو شخص مش متواضع، مش هقدر أقر -قدام نفسي حتى- بأني لا أعلم! .. وبالتالي مش هيبقى عندي رغبة حقيقية ولا شغف حقيقي نحو التعلم. ويمكن لو فتشت جوَّايا أكثر، هكتشف أن الدافع ورا التعلم في الحالة دي هو مجرد الاستعراض وفرد العضلات؛ لتعويض شعور ما بالنقص جوَّايا مثلًا! ومع الوقت أتحوّل لبغبغان حافظ مش فاهم، أو زي ما بيقولوا: ريش على مفيش.

 

الصبر والرأفة مع النفس

علشان الحاجات اللي بتعلمها (مواد دراسية / مهارات حياتية / هوايات / …) تستوي جوَّايا صح، بحتاج أتعلم الصبر .. أصبر على نفسي وأكون رَءُوف عليها. طبيعي وأنا بتعلم لازم هغلط، لحد ما شوية شوية اللي بتعلمه هيبقى طالع من تفاعل حصل جوَّايا نتيجة ممارسة عملية، مش مجرد كلام نظري أجوف. وإلا مع الوقت هلاقيني زهقت وفضّيتها سيرة .. ويا إما ساعتها أبطل أتعلم خالص، يا إما أفضل أتنقل من سكة لسكة بدون ما أكمل في حاجة. وللأسف النهاية في الحالتين تقريبًا واحدة. هبقى زي اللي رقصوا على السلم.

 

التفرد والمرونة

التعلم مش كتالوج ثابت بنطبَّقه على كل البشر بنفس الطريقة! .. فيه حد بيتعلم بالملاحظة، وحد ثاني بيتعلم بالتجربة، وحد بيتعلم بالخطأ، وهكذا.. أنا بتعلم بالطريقة اللي تناسبني أنا، واللي مبنية على خبراتي الشخصية أنا، واللي ممكن تبقى مش مناسبة تمامًا للآخر. إيماني بتفرُّدي بيخليني كمان قادر أشوف وأراعي تفرد الآخرين. وساعتها مش هقع في الفخ وأتعامل مع اللي حواليا أنهم مش عارفين حاجة، وأنا بس اللي عارف وفاهم الصح .. بالعكس، هكون منفتح ومرن أكثر، وهقدر أستوعب وأسمع وأشوف من وجهات نظر مختلفة.

 

المواصلة والاستمرارية

التعلُّم مالوش سقف .. مالوش آخر .. واللحظة اللي هحسّ فيها أني جبت آخر الحاجة اللي بتعلمها، غالبًا بتبقى دي اللحظة اللي بيموت فيها الشغف جوَّايا، وبالتالي بتتوقف عملية التعلم بالنسبة لي. والأزمة بقى لما بكتفي باللي اتعلمته، وأتعامل مع اللي حواليا أني خلاص وصلت! .. ومع الوقت، بتبقى الحاجات اللي اتعلمتها قديمة أو عطلانة، وأنا كمان بتحول ساعتها لكيان جامد، جامد من الجمود مش من الجمدان.

مهم كمان أكون بحب أتعلم أكثر من أني أكون بحب أعلم. أتصور الفرق كبير بين الحالتين! .. وعلى رأي المثل: يموت المعلم وهو بيتعلم.

كلمة أخيرة

وأنا ماشي في سكة التعلم الخاصة بي، محتاج  دايمًا أفكّر نفسي أني مهما عرفت واتعلمت، عمري ما هكون عارف “كل” حاجة .. بحتاج كمان أصدق أن كلمة “معرفش” عمرها ما بتقلل مني. بالعكس، ده جزء أساسي من الشغف اللي جوَّايا نحو التعلم، بييجي من إحساسي بأني مش عارف! .. ويمكن عشان كدا قالوا زمان: من قال لا أعلم فقد أفتى.

 

المراجعة اللغوية: عبد المنعم أديب.

المقالة السابقةدروس خصوصية 
المقالة القادمةرحلة تعليم

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا