الحيض في الثقافات المختلفة بين النجاسة والتقديس

801

كاميليا

 

“العوافي.. ستو الحاجة.. العادة.. مدام إكس…” كلها أسماء غرضها إضفاء المزيد من الغموض على هذا السر الذي يعرفه الجميع، يحدث للفتيات والنساء في كل أنحاء العالم شهريًا، ورغم ذلك يشيع الخجل في الحديث عنه. وكعادة الأسرار أحيط هذا السر بعدد من المحاذير والأفكار الغامضة في العديد من الثقافات، تتأرجح بين اعتبارها نجاسة ودنسًا أو اعتبارها حدثًا احتفاليًا مقدسًا.

في مصر يقال إن دخول الحائض على المرأة في فترة النفاس يسبب “الكبسة”، والتي تتسبب في انقطاع حليب الأم، أما مرورها فوق شخص نائم على الأرض فقد يتسبب في سقوط شعره. كما يحظر على الفتيات الاستحمام أو إزالة الشعر أثناء فترة الحيض في بعض المناطق الريفية. 

أما في أفغانستان فتتجنب النساء الاستحمام أثناء فترة الحيض، لأن هذا يسبب العقم. وبسبب ارتفاع ثمن الفوط الصحية، حيث يصل ثمن الواحدة إلى 4 دولارات، لذا قد تضطر النساء إلى استخدام قطع القماش الممزقة، لكن قد لا يتمكنَّ من غسيلها وتجفيفها بطرق صحية.

في بعض المناطق الريفية في الهند يُعتَقد أن طهو النساء للطعام في فترة الحيض يفسد الطعام، وريَّهن للنباتات يتسبب في جفافها. وتمنع النساء من الحديث مع أي رجل أثناء الحيض كي لا يسببن له المرض.

وفي نيبال تُعزل الفتيات في أكواخ خاصة تشبه حظائر الحيوانات، في تقليد يسمى “تشاوبادي”، لوجود معتقد قديم بنجاسة النساء في وقت الحيض، وعلى الرغم من حظر هذه الممارسة عام 2005 لكنها ما زالت موجودة في بعض القرى النائية.

في اليايان حتى وقت قريب كانت بعض مجالات العمل قاصرة على الرجال، ومنها العمل في طهو السوشي، لوجود معتقد قديم بأن الحيض يفسد حاسة التذوق ويجعلها غير متوازنة، وهو ما أدّى إلى منع النساء لفترة طويلة من العمل في هذا المجال، إلى أن اقتحمه بعض النساء مؤخرًا وتميزن فيه.

في بالي بإندونيسيا لا بد أن تفصل المرأة أي ملابس ترتديها أثناء فترة الحيض عن تلك التي ترتديها في دور العبادة.

ويسود الاعتقاد في جزيرة سومبا بأن السبيل الوحيد للتخلص من الأمراض المنقولة جنسيًا هو ممارسة الجنس مع المرأة ونقلها لها، حيث يُعتَقد بأن أجساد النساء تستطيع التخلص من العدوى مع دماء الحيض.

يُعتقد في بوليفيا أن التخلص من الفوط الصحية المستعملة مع بقية المهملات قد يسبب الأمراض، مما يدفع الفتيات في المدارس للاحتفاظ بالفوط الصحية المستعملة في حقائبهن المدرسية حتى يعدن إلى منازلهن ويتخلصن منها.

ومن أغرب الخرافات حول دم الحيض تلك المتعلقة بالسحر، فبعض الطقوس الأفروأمريكية التي تعود جذورها إلى غرب إفريقيا تستخدم دم الحيض في تعويذة سحرية للإتيان بالحبيب.

تنص الكثير من الديانات على عزل النساء أثناء فترة الحيض، وتختلف درجات المنع بين التشدد التام الذي يشمل منعها من ملامسة أي رجل من أفراد الأسرة أو الجلوس معه أو تناول الطعام معه، كما في اليهودية. 

بينما لا تكتفي الهندوسية بمنع النساء من ممارسة الشعائر الدينية أو الدخول إلى أماكن العبادة، لكنها أيضًا تمتنع عن دخول المطبخ، وفي بعض الأحيان عن العيش مع بقية أفراد الأسرة في منزل واحد، فتضطر للانتقال إلى بناية أخرى أو جناح منفصل من المنزل.

أما في المسيحية كانت هذه الفكرة سببًا في استبعاد النساء من مناصب السلطة الدينية.

وفي الإسلام تمتنع المرأة عن الصيام والصلاة والطواف بالكعبة، كما يحظر الجماع أثناء فترة الحيض، وتختلف الآراء الفقهية حول جواز لمس المرأة الحائض للمصحف. 

بينما يختلف السيخ، حيث لا يتعاملون مع الحيض باعتباره نجاسة أو دنسًا، وإنما باعتباره نعمة من الإله. ويدين الجورو “ناناك” مؤسس السيخية، معاملة النساء أثناء فترات الحيض باعتبارهن غير طاهرات، ويؤكد أن النجاسة الحقيقية هي نجاسة العقل والروح، فيسمح للنساء بممارسة الشعائر الدينية والدخول إلى المعابد بحُرية.

على الرغم من هذه النظرة التي تعامل الحيض باعتباره نجاسة أو عارًا ينبغي إخفاؤه، نجد في المقابل بعض المجتمعات التي تحتفي بالحيض بوصفه حدثًا مقدسًا.

في قبيلة يورك، وهي قبيلة محلية تسكن الساحل الشمالي الغربي للولايات المتحدة الأمريكية، ترى مجموعة من نساء الطبقة الأرستقراطية فترة الحيض باعتبارها فرصة لتنقية أرواحهن، حيث يقُمن بسلسلة من الطقوس الروحية التي تساعدهن على التطهر.

أما النساء في جزيرة بورنيو فينظرن للأمر بلا مبالاة. حيث لا يرون به تطهيرًا ولا دنسًا، فهي مجرد سوائل يحتاج الجسد للتخلص منها.

وفي غانا وبعض مناطق غرب إفريقيا، يُحتَفَل بالمرة الأولى التي تحيض فيها الفتاة، حيث تجلس تحت مظلات مزينة ويُحتَفل بها كملكة تعامَل بإجلال وتقدَّم لها الهدايا.

في قبائل نوتكا بإفريقيا يُعد الطمث الأول للفتاة حدثًا هامًا تحتفل به القبيلة وتشهد طقسًا يقيس قدرة الفتاة على التحمل، حيث تؤخذ في البحر بعيدًا عن الشاطئ، وعليها أن تسبح عائدة بمفردها، حيث تنتظرها القرية بأكملها ليعتبروها امرأة ناضجة.

أما السكان الأصليون لأمريكا الشمالية فتتنوع طرق قبائلهم المختلفة في الاحتفال ببلوغ الفتيات، فتقيم قبيلة الأباتشي احتفالاً سنويًا للفتيات اللاتي حِضنَ للمرة الأولى خلال العام، يسمى الاحتفال “ماسكاليرو” ويستمر لعدة أيام من الرقص والغناء، وتُقدَّم الهدايا للفتيات. ويعتبر طقس “الماسكاليرو” من الاحتفالات الهامة التي تؤمن القبيلة أنه يضمن لها التجدد والازدهار والثروة. ويؤمنون أن الفتاة التي تحيض للمرة الأولى لديها قدرات خاصة على علاج ومباركة أفراد القبيلة.

وفي قبيلة نافاجو يمثل الاحتفال ببلوغ الفتيات طقسًا دينيًا هامًا، ويسمى “كينالدا”، تنقل خلاله التعاليم المقدسة للفتاة، وترسم صورة على الرمال مرتبطة بدور المرأة في خلق العالم، وشرح رموزها للفتاة، حيث يُعتَقد أن للنساء قدرة إبداعية ممنوحة من قِبل القمر يمكنها أن تشفي وأن تقتل أيضًا.

وعلى الرغم من التغيرات الكثيرة التي مرت بها مجتمعات السكان الأصليين، فإن هذه الاحتفالات ما زال بعضها يتم، وإن كان بشكل مختلف وفي نطاق العائلة.

المصادر:

1

2

3

4

5

6

7

 

المقالة السابقةأنا بنت.. إذًا بتجيلي الدورة
المقالة القادمةالله ألطف علي من أذي المحيض

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا