بقلم : كريستينا ناجي
Risk to Benefit ratio
مبدأ موجود في علم الطب والأدوية، ويعني حساب نسبة الخسارة إلى نسبة الاستفادة من الدواء، أو الخطوة اللي هيتمّ اتخاذها في علاج أو بحث ما. النتيجة المثالية أن نسبة الفائدة تكون أكبر؛ وبالتالي نأخذ الخطوة بأمان، أن ده أفضل قرار.
لكن أحيانًا بيكون القرار صعب؛ المريض في حالة صعبة، وآثار الدواء الجانبية أو الخطوة العلاجية المقترحة ليها خسائر أو تأثيرات سلبية عليه. لكن في المقابل المرض بينتشر، ولازم نخطو خطوة تسيطر عليه وتوقف. وكأن الحلين صعبين، لكن لازم نختار الصعب المناسب في الموقف ده لإنقاذ صحة إنسان.
أعتقد أن المبدأ ده ممكن نطبقه على حاجات كثيرة في الحياة، ومنها عاداتي اليومية البسيطة. بمعني أني هحسب تكلفة خسائر ومكاسب استمراريتي على العادات دي، بدايةً من عدد فناجين القهوة اللي بشربها، عدد ساعات استخدامي للموبايل أو “السوشيال ميديا”، نوع أكلي، بقضي أغلب وقتي في ايه، عدد ساعات نومي..
وده ممكن يساعدني:
-
أنتبه أنا بقضي وقتي في ايه.
-
أشوف بشكل أوضح اللي بخسره أو بكسبه.
-
أبصّ على عادات حياتي وأقيّمها بشكل أعمق شوية.
-
يساعدني في اتخاذ قرار أكمل أو أوقف العادات دي.
حساب التكلفة
لاحظت في أغلب المرات اللي كنت بقرّر فيها تبنّي عادة مفيدة، مكنتش بفكّر في تكلفتها. كمثال، لو قررت أني هنزل “الجيم” من السبت الجاي؛ فهيبقى عندي التزام أسبوعي جديد عليَّ، احتمال أحتاج أعتذر عن خروجات لطيفة في المواعيد دي، هيحصل تغيير في نوعية أكلي، وهيكون فيه التزام بدفع جزء من فلوسي للمكان ده. كل ده في مقابل أني بعد شوية وقت أشوف جسمي أكثر صحة ونشاط، وأبدأ أتعلم الالتزام، ويمكن ده يساعدني أنظم يومي أكثر.
اللي حصل ده أني حسبت خسائر ومكاسب العادة اللي نفسي أتبنّاها أو أعملها. وده كمان هيساعدني أفكر قبل ما الحماس يزغلل عيني .. لأني في كل مرة بدأت بالحماس وبس .. عُمر العادة كان قصير جدًا جدًا ويومين وبطّلتها. لكن حساب التكلفة والتفكير لشوية وقت بيخلّيني لما أستسلم أفتكر أنا بعمل كده ليه، وهكسب منه ايه. وده ممكن يساعدني أتحمل وأصبر وأعافر علشان عيني وهدفي على المكاسب الأبعد القادمة بعد شوية.
حساب التكلفة كمان ممكن يساعدني وأنا بواجه بعض الأفكار اللي هتيجي في دماغي خلال رحلة بناء عادة جديدة زي -مثلًا- المقارنة:
ليه كلهم بيعملوا كده وأنا لا؟!
ليه أنا اللي بصحي بدري، والناس كلها نايمة عادي؟
ليه كل الناس بتأكل الأكل كله، وأنا لازم أختار أكلي بتركيز؟!
أعتقد لو أنا مش حاسبة التكلفة، أو مش عارفة ايه اللي هخسره مقابل مكسبي؛ فساعتها تحدي المقارنة ده هيكون صعب جدًا. والحقيقة هو دايمًا صعب، بس جايز الخطوات دي تساعدني شوية، وأنا بتعرّض للتحدي ده.
بس كمان على أرض الواقع حساب التكلفة أو معرفة خسايري ومكاسبي من تبني العادة الجديدة؛ مش ضمان أن الموضوع هيبقى سهل، أو بيجي لوحده. بالعكس، أيام كثيرة هبقى صاحية مش قادرة، مكسّلة، مليش مزاج، أو الموضوع ثقيل عليّ جدًا، ومش عاوزة أعمله.
ودي كلها حاجات طبيعية .. توقعاتي من نفسي أني من أول يوم هبقى ملتزمة جدًا ومكملة، بلا أي مُعطلات لسنين. ده توقع خيالي شوية .. أيام هبقى متحمسة، أيام مش قادرة، أيام مكسلة، وأيام بقول أنا ايه اللي بعمله في نفسي ده! .. بس بعد شوية وقت لو كملت في الرحلة دي، رغم كل تقلبات مشاعري، وعرفت أتعامل معاها هتفاجئ بنفسي وباللي بعمله؛ أني فعلًا قطعت شوط كبير في الحتة دي، وأقدر أقول إني ماشية في السكة.
بخطوات صغيرة .. مستمرة
أغلبنا عارفين قصة الأرنب والسلحفاة اللي سمعناها في طفولتنا .. قالوا لنا القصة كثير زمان .. بس لما كبرت اكتشفت أن السلحفاة كانت ذكية علشان عملت اللي مفروض يتعمل واستمرت عليه. ايوه كانت بطيئة وخطواتها مملة، وأتخيل لو أنا ماشية وراها كنت هزعّق فيها وأقولها: انجزي واجري شوية! .. بس غالبًا لو تخيلنا السلحفاة جريت كانت هتجري دقيقة وتتعب، وتريح وتنهار لمدة ساعة!!
وبالمثل احنا كمان .. متحبطش من خطواتك البطيئة، وبلاش تحط تصورات عملاقة عن الإنجاز اليومي اللي مفروض تعمله في حاجة لسه بنقول فيها يا هادي. لكن خطوة خطوة، وبكرة خطوتين، ولمدة سنة! أعتقد ساعتها هيكون إنجاز كبير والأهم أنك تعلمت وعوّدت نفسك على خلق التزام جديد في روتين يومك.
باختصار أعمل ايه؟
فكر في عادة محتاج تتعلمها وتواظب عليها الوقت الجاي .. اكتب مكاسبك وخسايرك لو قررت تتبناها .. فكر وخذ وقتك .. ابدأ بالخطوات الصغيرة اليومية .. واستمر .. واستمر حتى لو وقعت أيام ارجع كمّل من ثاني .. وافتكر السلحفاة أنها رغم بطء خطواتها، لكن استمراريتها خلّتها تكسب السباق في النهاية.
المراجعة اللغوية: عبد المنعم أديب