أشكي لمين؟ تعالي وأنا أقولك

871

الحياة الصح هي اللي مليانة تجارب غلط وفاشلة. متستغربيش، عمرك اتعلمتي حاجة مفيدة من موقف اتصرفتي فيه صح؟ أكيد الإجابة لأ، لكن لو اتصرفتي غلط عقلك بيشتغل على طول، بتسألي أنا إيه اللي دفعني أتصرف بالشكل ده، وليه معملتش العكس، إيه اللي خلاني أقول الكلمة دي… إلخ من التصورات والترتيبات ومراجعات النفس.

 

طيب.. إحنا بنحتاج نتكلم ونحكي للغير دايمًا، ودي ظاهرة صحية وضرورية لاستمرار الحياة، وأكبر مشكلة بنواجهها هي اختيار الشخص اللي نحكيله من غير ما نخاف على مشاعرنا من ردود الفعل الكاسرة، أو نخاف على أسرارنا وحياتنا الخاصة من كشفها لآخرين مخترناش نحكيلهم حاجة، والأهم هو عملية تبادل الدعم النفسي، وإنك متكونيش شخص أناني، وتتعلمي زي ما بتحكي إنك كمان تسمعي.

 

سألنا الإذاعية فردوس عبد الرحمن، صاحبة البرنامج النفسي “على ضفاف الحياة” بالإذاعة المصرية، إذاعة البرنامج الثقافي، ومؤلفة كتابَي “أنا العزير” و”خطيئة التصورات” وكتاب “العقل الخفي”، وديوان “قدم متسخ”.

 

نقدر نحكي لمين في مراحل حياتنا المختلفة؟

تقدر تحكي للي تحس إنه شايفك بجد عبر تصرفات كتير، لأن كتير من الناس مبيقدروش يشوفوا الإنسان بجد، بما فيهم الآباء والأمهات، يعني مثلاً كتير من الآباء والأمهات مبيقدروش يشوفوا أطفالهم وهم بيكبروا، وبيفضلوا مثبتينهم على عمر الطفولة مهما كبروا، وده بيخلي معظم المراهقين بيحسوا بالعدمية، لأن اللي شايفينهم لسة شايفينهم أطفال، وده معناه إنهم مش شايفينهم أصلاً، والاحتياج للرؤية غريزة، والإنسان لو مش متشاف يحس بالموت والعدم.

 

نميز إزاي بين الأشخاص الإيجابيين اللي ممكن يدعمونا والأشخاص السلبيين اللي ممكن يؤذونا؟

الإحساس بالأشخاص الإيجابيين بييجي من التجربة والتعامل معاهم، إنت أدرى بنفسك، لو كل مرة بتتعامل مع حد بيسيبك وإنت ممتلئ بالمشاعر السلبية، أو بيفضي روحك، فلازم تدوَّر على السبب، ممكن يكون بيعمل معاك عملية إسقاط، يعني بيسقط السوء اللي جواه عليك، وعلى فكرة بدون وعي، لأن الإسقاط آلية لا واعية بيتخلص بيها الإنسان من البشاعات اللي جواه، اللي تقريبًا ميعرفش معظمها.

 

ثانيًا أسوأ علاقة.. اللي تحرك جواك الإحساس بالذنب. عالم النفس إريك بيرن رصد 36 لعبة مرضية الناس بتلعبها مع بعض، من شأنها إنها توصلك إلى إنك إنسان سيئ، بس ده أمر يطول شرحه، لأن السؤال ده كبير جدًا.

 

وفي حالة قام شخص ما بإسقاط بشاعته وسوئه علينا، نتصرف معاه إزاي؟

تبعًا لنوعية العلاقة، لو قريب وذكي تنبهيه لما يفعله، ساعتها هيتكسف ويبطل يسقط عليكي. لو مجرد معرفة ابعدي عنه. لو مدير أو شيء من هذا القبيل يكفي تعرفي ما يحدث، وهنا بيكون الألم اللي بيسببه أقل بكتير، ويمكن مجابهته بنظرة قوية وده هيوصل رسالتك.

 

إيه العلامات اللي ممكن تقولنا إننا تجاوزنا مرحلة إن عندنا مشكلة بسيطة تنتهي بالحكي مع صديق مثلاً.. وإننا دخلنا في مرحلة الاحتياج للجوء لطبيب نفسي؟

نحس إننا عدينا مشكلة، لما نرجع نكمل حياتنا بدون أعراض تشل حركتنا في الوجود، حتى لو الأعراض بعضها لسة موجود بس مش معطلانا، نعرف إننا على طريق السلامة، بس لازم نشتغل على نفسنا، لكن لو حسينا إن الحياة متوقفة، فلازم نلجأ إلى مرشد متخصص.

 

لو حكينا مشكلة لشخص واستغلها ضدنا بأي شكل نتصرف إزاي بشكل صحي؟

لو شخص استغل اللي حكيناه ضدنا بشكل نفسي، فالحل في وعينا ورؤيتنا له، يعني ممكن أعريه قصاد روحه، وأفسد أي آلية بيلعب بيها ضدي، بس شرط أكون واعي باللعبة اللي بيلعبها معايا.

 

إزاي نساعد نفسنا نتخلص من الخجل والخوف من التحدث مع الآخرين وحكي مشاكلنا ليهم؟ وإزاي نشجع الآخرين يحكولنا؟

التخلص من الخجل واكتساب الأمان والقدرة على الحكي ده محتاج جروب، كل الناس فيه بتحكي آلامها. فيه قاعدة بتقول الفضح المتبادل يزيل الشعور بالخجل ويعطي إحساس بالثقة والأمان. في ورشة “القمر السري” اللي أنا بعملها كان فيه ناس كتير مش قادرة تحكي، لكن لما شافوا زمايلهم بيحكوا آلامهم، قدروا يحسوا بيهم وعرفوا إن الألم مشترك والغلب واحد، فاتشجعوا وبدؤوا يحكوا هما كمان.

 

أخيرًا.. بعد الكلام المهم اللي عرفناه ونقدر نقول عليه ضوابط للعلاقات والحكي الصحي بيننا وبين الآخرين، من المهم إننا نحاول الاختيار صح، وإن وقعنا في علاقة مؤذية نتحمل النتيجة ونعديها، ونتعلم منها، منسمحش للتجارب السيئة إنها تخرسنا وتقتل رغبتنا في الكلام.. ومننساش أبدًا إن الكلمة باب للحياة الصحية السعيدة.

المقالة السابقةأيتها النساء لا تبكين في الحمامات
المقالة القادمةإليك تجربتي مع الطبيب النفسي ومدى فائدة العلاج النفسي وكيف يتم

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا