هذا المقال يرتكز على وقائع حقيقية روتها لي إحدى الفتيات يومًا ما. وأنا لم أتدخل بالحذف أو الإضافة في الأحداث المذكورة.
***
وكأنما اختفت الأرض من تحت قدمي، فما عاد قانون الجاذبية يهتم بي. كنت وحيدة وكل ما كنت أهتم به وقتها قطعة أرض أقف عليها وجدارًا أحتمي به.
ظهر هو. زميل ما في مكتب ما، فبدأت فراغات حياتي تمتلئ وظهرت الأرض على استحياء وبدأت أحجار الجدار تأخذ مكانها.
بدأت أستعيد نفسي من الجب الذي كنت أحتمي به، فتألقت شخصيتي مرة أخرى تحت شمس حريتها.
امرأة حرة تقود بعقلها العلاقة مهتدية بضوء قلبها. لا تنصاع لأمر مهما بدا بسيطًا إلا بعد اقتناع وأخذ ورد.
كانت قراءاتي منذ الصغر قد صقلت عقلي وعلمتني أن قوتي في حرية فكري ومواقفي، بينما علمتني سنوات الوحدة أن الجميع يأتون ويذهبون بينما أنا الباقية لي، فلا يجب أن أسقط لأن في سقوطي هلاكي الأكيد.
بينما كان يريد هو امرأة تتبع الشمس التي تشرق من فمه وتدور في فلكها. ولم أكن أنا هذه المرأة.
اتسعت الهوة بيننا فكان لا بد أن ينكفئ فيها أحدنا. وكنت أنا قد اكتفيت من الانكفاء.
لم أقبل أن أدور في فلكه. لم أتنازل عن قوة عقلي وحرية رأيي وشجاعة مواقفي. استشعر خطري عليه فكانت المواجهة.
قلت له إن كرامتي لا تسمح لي بأن ألغي عقلي وأن أتبعك. وأن حريتي هي أنا فإن انتهت فقد انتهيت.
فقال لي ملعونة كرامتك التي تريدين بها إلغاء رجولتي. كل امرأة في بلدنا عليها أن تتبع رجلاً. وإن لم تتبعه هي فسوف يتبعها هو.
لم أكن أريد تابعًا. بل كنت أريد رجلاً أضع يدي في يده ونصنع مستقبلنا. فنجوت بنفسي وتركت له الهوة يسقط فيها وحيدًا.
خرجت من التجربة وقد تعلمت أن الرجل الذي يخاف من كرامة امرأة وحريتها ويستشعر خطورتها على نفسه، ليس هو الرجل الذي سوف يساعدها على أن تنجح في حياتها أو تبدع في مجال عملها.
تعلمت أيضًا أن الكرامة والحرية سبيلي لعيش حياة سوية لا أقهر فيها أو أظلم أو يتم تهميشي أو نفيي.
تعملت أن النور الذي يضيء طريقي يخرج من عقلي وفكري، وليس من رجل يمسك بمصباح الفكر وعليّ أن أتبعه.