صديقي أبو رنا بتاع الفراخ

610

كنت ماسكة الموبايل وبدور على اسم حد مش فاكرة مين بالظبط، فأثناء السكرول داون لقيت كونتاكت اسمه أبو رنا، أنا اتخضيت، مين رنا وليه معايا رقم أبوها، النمرة غلط يا عماد، لحد ما فقت من الصدمة وافتكرت إن أبو رنا ده ببساطة بتاع الفراخ اللي بشتري منه وبيبعتلي الحاجات ع البيت دليفري.

أبص لروحي فجأة لقيتني.. لقيتني كبرت فجأة تعبت.. تعبت من المفاجأة.. ونزلت دمعتيييييي.

هي دمعتي منزلتش بصراحة ولا حاجة، بس فعلاً اكتشفت إن كل حاجة اتغيرت وإني كبرت لدرجة إن رقم أبو رنا على موبايلي، وأبو يوسف بتاع الخضار اللي على أول الشارع، وأهم رقم على تليفوني هو رقم السوبر ماركت اللي تحت البيت.

في المقال ده هندردش شوية عن الحاجات اللي بتتغير في حياتنا بعد الجواز، عشان متتفاجئيش بحاجات بديهية، وعشان متتخضيش لما تلاقي نمرة أبو رنا على موبايلك.

بصي يا ستي.. بغض النظر عن حياتك قبل الجواز، كنتي بتشتغلي، كنتي قاعدة في البيت، كنتي منطلقة وبتخرجي كتير، أو كنتي بتفضلي قِلة الخروج، كنتي بتتكلمي في التليفون كتير أو لأ، فيه حاجات كده بتتغير فينا بعد الجواز وغالبًا (غالبًا مش في المطلق) بتتغير فينا كلنا، بتكون حاجة أشبه بمتطلبات المرحلة كده.

يعني مثلاً الكلام في التليفون، ياااااه ع الكلام في التليفون! حتى لو كنتي قبل الجواز زي حالاتي كده تليفونك على طول هيفصل شحن من كتر ما إنتي مش بتستخدميه، بعد الجواز هتبقي إنتي وتليفونك توأم ملتصق، أصل لو ماما كلمتك وإنتي مرديتيش ممكن جدًا من كتر القلق تلاقيها نزلت وطخت المشوار لحد عندك عشان تسألك إنتي كويسة؟ صحباتك اللي كنتي بتقابليهم بعد الشغل مش هتبقوا بتتقابلوا بنفس الكثافة، والتليفون هيبقى أحد الوسايل المهمة جدًا عشان متقاطعوش بعض، وخلينا مننساش أهمية التليفون في طلب كيس ملح/ كيلو طماطم/ نص كيلو فراخ بانيه، أو أي حاجة تانية هتكتشفي إنك محتاجاها أثناء اليوم.

كمان حاجة من الحاجات اللي هتتغير بعد الجواز، سرعتك في اتخاذ القرارات المتعلقة بالخروج، يعني قبل الجواز واحدة صاحبتك هتكلمك تقولك يلا ننزل نشتري شراب فانتي تقوليلها هنتقابل الساعة كام، كده على طول من غير تفكير، إنما بعد الجواز لازم الأول تفكري عندي أكل ولا لازم منزلش وأقعد أعمل غدا، فاضل معايا كام عشان ننزل، لأن إنتي أكيد عارفة إن الموضوع مش هيرسى على شراب، جوزك بيرجع من الشغل الساعة كام.. وحسابات تانية كتير قبل ما تاخدي قرار الـ”إشطة هلبس ونتقابل بعد نص ساعة”.

مواعيد نومك وصحيانك هتبقى مرتبطة بشخص تاني، هو بيصحى الساعة كام فلازم أنا كمان أكون صاحية عشان نفطر سوا أو نتكلم قبل ما كل واحد فينا يروح شغله، مواعيد الأكل ومواعيد العلاج وأي مواعيد ثابتة في يومك لازم في الأول تفكري هتناسب شريكك ولا محتاجة تظبيط.

بعد الجواز لازم تبقي عارفة إن حريتك أخدت شكل تاني، ده مش معناه إن حريتك بقت مُقيّدة إنما الالتزامات بتخلي الواحد غصب عنه يفكر الأول قبل ما ياخد قرارات فردية، وأنا هنا بتكلم عن القرارات اليومية البسيطة جدًا، واللي بتتمثل في إني مثلاً مينفعش أشرب قهوة بعد الساعة عشرة بالليل عشان كده هسهر وبالتالي ممكن جدًا تاني يوم مقدرش أصحى مع جوزي وهو رايح الشغل، وتقريبًا مش هنتقابل اليوم ده خالص ولا هنلحق نشوف بعض.

هتكتشفي مثلاً إن ماما مش هتنزل هي تجيب الأكل من السوق، فلازم تبقي عارفة إيه لازم يتجاب امتى ويتجاب بأي كميات وهيتشال في الفريزر ولا هنستخدمه على طول، ماما مش هتغسل الغسيل وإنتي تقعدي تتخانقي معاها عشان هي طلبت معاكي النهارده إنك تلبسي البلوزة الفلانية والبلوزة دي متغسلتش، لا ده إنتي اللي لازم تفتكري تشغلي الغسالة أول ما المية تيجي.

هتكتشفي إن فيه تفاصيل إنتي مكنتيش تعرفي بوجودها في الحياة من أساسه، زي مثلاً إن المواعين دي مبتغسلش نفسها تلقائي، لا ده إنتي اللي بتغسليها بعد الفطار وبعد الغدا ولو بتتعشي يبقى لازم تغسليها قبل ما تنامي، والعصير اللي في التلاجة ده، التلاجة مش بتنتجه مع نفسها، ده إنتي اللي بتعمليه حضرتك.

رغم إن طباعنا الأساسية مبتتغيرش، والتأقلم مع شريك حياتك بياخد وقت، إلا إن فيه حاجات كتير هتتغير بشكل تلقائي، ولازم تبقي ناضجة كفاية عشان تفهمي إنك كده مش بتتخلي عن شخصيتك ولا بتتحولي لست عادية أو الصورة النمطية عن ست البيت اللي لا تفقه في الحياة شيء غير البيت والطبيخ والسوق وبس.

لازم تبقي عارفة إنها متطلبات المرحلة، وزي ما كان قبل الجواز فيه أشياء ثابتة وأساسية في حياتك والراجل بتاع مستحضرات التجميل هو الشخص الوحيد اللي بيفهمك من غير ما تتكلمي وبيعرف يجيبلك البرفان اللي هيليق على ذوقك وهيعجبك من غير ما تقوليله، فبعد الجواز بتاع الخضار وبتاع السمك وبتاع الفراخ هيبقوا أصدقاء حميمين، ده إنتي ممكن في لحظة صدق مع الذات تكلمي السوبر ماركت عشان تشكريهم على وجودهم في حياتك.

بس مش معنى كده إن شخصيتك القديمة هتختفي، لا خالص، أنا بس عايزاكي متتخضيش لما تلاقي نفسك بتقدّري أبو رنا نفس تقديرك للراجل بتاع الكتب اللي بيقف ع الرصيف وبيجيبلك نسخ مضروبة بس نضيفة من الإصدارات الجديدة.

الحياة بتتغير وأدوارنا فيها بتحتاج تعديلات طول الوقت عشان الحياة تبقى أريح وأحلى، لو عاندنا ونشّفنا دماغنا وقررنا إننا مش هنتغير أو زعلنا من التغييرات دي واعتبرناها إهانة هنبقى بنضيّع وقتنا وعمرنا في صراعات مش صح ومش مجدية.

لازم نفهم متطلبات المرحلة، ونفهم إن كل شيء في الدنيا قابل للتعديل والتغيير طالما مش بنيجي على كرامتنا أو بنلغي شخصيتنا، يعني مثلاً أنا بقيت بفتح الميل أتشيك عليه وأنا بقطع البتنجان عشان أعمل المسقعة، وبقعد أتفرج على فيلم هكتب عنه مقال مهم وأنا بلف حلة ورق عنب.

مش عيب أبدًا إننا نعدّل أدوارنا في الحياة، العيب إننا منعرفش نقوم بيها صح.
وبعدين ماله أبو رنا يعني؟! ده حتى بيقطع البانيه رفيع.

المقالة السابقة20 نصيحة لحل مُشكلة أنانية طفلك
المقالة القادمةابنك مرآتك
إنجي إبراهيم
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا