رمضان جالك؟!

457

كل الحاجات بتتغير، إحنا نفسنا بعد فترة بنلاقي روحنا صحيح لسه شبهنا بس مش أوي، فإشمعنى رمضان اللي طعمه هيفضل جوة الروح زي ما هو؟!

 

زمـــان.. وأنا صغيرة رمضــان كان بيبقى جو روحاني، وبيت بيتلم ع الفطار والسحور، يصلي جماعة ف الفجر والمغرب ومبيخلاش م العزايم. من ليلة رمضان كلنا مستنيين الهلال بشوق ،كنا بنصوم من سن 7، مبنقولش مش قادرين، وإحنا لسه عيال ولا أهالينا بيكبّروا دماغهم مننا ويقولوا مش مهم. 

 

الحلويات مفيش حاجة اسمها نشتريها جاهز، نعمل القطايف والكنافة في البيت، ووقت الكحك ننقش ونشارك. وإن كان ده ميمنعش إن وإحنا صغيرين أحيانًا كان المجهود الوحيد اللي بنعمله لما نفرهد هو إننا نصوم ونصلي، ولو تعبانين ممكن ننام شوية لحد المدفع ونقوم نلاقي الأكل جاهز، وع السحور أهلنا يقعدوا يصحونا يصحونا يصحووووونا، وإحنا مش عايزين نقوم، ولـمَّـا نقولهم مش هنتسحر نلاقيهم عملولنا سندوتشات وجابولنا مية لحد السرير.. الله يخرب بيت الدلع اللي بوظ أخلاق الواحد!

 

دلوقتي.. الناس شايلة رمضان على قلبها ونفسها يخلص النهارده قبل بكرة عشان مأساة الصيام تنتهي، والعيال مبيفكروش يصوموا ولو للضهر! أما إحنا فكبرنا والحال اتغير. الواحد بقى يقف يعمل الأكل بنفسه ويجهز السفرة، ولو كان عامل أكل من اليوم اللي قبلها وحب يريّح شوية ميقدرررررش، لأن فيه عيال مبتنامش، لأ وبتفرهدك جري وراها طول النهار. ولو مش هتتسحر فيه ناس تانية معاك في البيت عايزينك تسحرهم وتصحيهم، ولما ميرضوش يصحوا تعملهم سندوتشات وتوديلهم المية لحد عندهم في السرير.

 

زمـــان.. وإحنا أطفال كنا بعد الفطار بننزل نلعب بالفوانيس اللي كلها شبه بعضها، فانوس زي الكتاب ما بيقول، بشمعة أو بلمبة صغيرة، ونفضل نجري ورا بعض وإحنا بنغني “وحوي يا وحوي” أو “حالُّو يا حالُّو”، ولما نرجع بيتنا نلاقي أمهاتنا عاملالنا حاجة حلوة، ناكلها وإحنا بنتفرج ع الفوازير ولا ألف ليلة وليلة.

 

دلوقتي.. الفوانيس بقت ع الموضة! حاجة ملهاش طعم وزيها زي أي عروسة ممكن تيجي في أي وقت في السنة، هتلاقيهم على أشكال شخصيات كرتونية، قطط وكلاب، أو السيسي! وبدل ما بتغني أغاني رمضان بتطلع فقاقيع صابون، بتلف كأنها مروحة أو بتغني تسلم الأيادي! وبدل الشمعة ولا اللمبة الصغيرة بقت أنوار ملونة ولا اللمض النيون. كل ده خلى الفوانيس مبقالهاش قدسية ولا فيها شيء حميمي، والعيال نفسهم مش بيتعاملوا معاها باحتفاء وبيجيبوهم كُتر لعب وخلاص، وهو يوم وتلاقيهم اتكسروا.

 

أما ثقافة الاحتفال الجماعي الخاص فدي بخ، متلاقيش طقوس لكل مناسبة زي أيامنا، بهجة دخول رمضان مش محسوسة، فرحة العيد وصلاته ناقصة حاجة، ومعظم الأطفال مش حاسة بفرق غير إن هياكلوا كنافة بالمانجة أو هيجيلهم لبس جديد وياخدوا عيدية.. العيال بقيت مادية أوي يا سيادة الريس! 

 

في الواقع رمضان مبقاش زي زمان، معرفش العيب فينا ولا في الظروف، ولا يمكن في طريقة ممارستنا للحياة، أو جايز غضب علينا من ربنا؟! أيًا كان تَبقى النتيجة واحدة: شكوى سنوية متكررة من أغلب الناس بتقول إن رغم التَعَبُّد والصيام والقيام لكنهم مش قادرين يستشعروا روح رمضان اللي اتعودوا عليها!

 

ليصبح السؤال كالتالي..هو رمضان راح فين؟! والأهم إمتى اتحوِّل من لمة العيلة والدفا اللي بيجمَّع الحبايب وبوابات مفتوحة ع البحري بين قلوبنا وربنا، لأوفر دوز مسلسلات وبرامج وإعلانات عن ناس هَدَّها الفقر والحَوجَة والمرض ومحتاجين تبرعات، يا إما عن شاليهات وفيلل وكماليات لطبقة الكِريمة اللي بيلعبوا -حرفيًا- بالفلوس لعب؟ وإحنا بين هنا وهنا حاسين بالبؤس ووجع القلب ع النص الأولاني، ودهشة من النص التاني.. همّ بيجيبوا الفلوس دي منين؟!

المقالة السابقةسجن النسا يبدأ من أسمائهن
المقالة القادمةمتضايقة ومتضايقة إني متضايقة!
ياسمين عادل
امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفن بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا