النفسية مش عايزة إيه

262

الحياة ليست رحيمة بنا مطلقًا، فنحن نتعرض يوميًا لسلسة من الضغوطات الحياتية تؤثر سلبًا على صحتنا النفسية.

خاصةً أننا نميل لتجاهل تلك الضغوطات، معتقدين أن ذلك قوة ومقاومة، وكثيرًا ما ننسى أن للمقاومة حدود.

البعض يعتقد أن سلامه النفسي في أمان طالما لم يقع فريسة الاكتئاب، لكن الأمر ليس كذلك، حيث تُعرف منظمة الصحة العالمية الصحة النفسية كالتالي:

 

“حالة من العافية يستطيع فيها كل فرد إدراك إمكاناته الخاصة، والتكيف مع حالات التوتر العادية، والعمل بشكل منتج ومفيد، والإسهام في المجتمع المحلي”.

 

أي أن الصحة النفسية حالة من اكتمال السلامة النفسية، لا مجرد انعدام المرض فحسب.

على ضوء ذلك أعتقد أن غالبيتنا نعاني بشكلٍ أو بآخر.

لست بصدد الحديث عن الأمراض النفسية في هذا المقال، فلا أملك المعرفة التي تخولني لذلك.

 

الحملة التي أكتب لأجلها مقالي عنوانها “النفسية عايزة إيه”.

النفسية تريد أشياء كثيرة، تريد.. التفهم، القبول، المشاركة، المحبة، الاحتواء، الحنان، والقائمة لا تنتهي

لكن مع ذلك لا أريد أن أكتب عما تريده النفسية أيضًا، أريد أن أكتب عما لا تريده النفسية.

 

فعندما أمر بأزمةٍ نفسية ما قد أغفر لمن حولي إن لم يمنحوا نفسيتي ما تريد، لكن بالتأكيد لن أغفر مطلقًا لمن يقوم بالآتي:

 

  1. المزايدة

س: أنا مخنوق.

ص: أنا مخنوق أكتر منك.

س: حاسس إني مكتئب.

ص: وأنا أكتر منك.

س: أنا نفسي أموت.

ص: أنا ميت أصلًا.

 

أعتقد أن كل من يقرأ مقالي الآن قد مر بهذا الحوار بالطبع، ص الشخص الذي يشعرك أنك في سباق، تحدي، مزاد، فمهما قلت ستجد في جعبته ما عندك وأكثر.

 

عزيزي ص: أنت لا تساعد س بذلك، إنك تقتله كمدًا، هل تعتقد أنه سيرقص فرحًا بحوار كهذا؟! بالتأكيد لا، فأنت كل ما تفعله أنك تجعل الأمور تزداد سوءً، حيث تصبح الحياة في ناظريه أكثر بؤسًا وسوادًا.

 

  1. بص لغيرك

أسوأ شيء يمكن أن يمر به من يعاني من مشكلة نفسية ما أن يقال له “بص لغيرك”.

طبعًا الأمر لا يقتصر على هذه العبارة فقط، بل تتبعها عشرات القصص عن كل المصابين والمكلومين وأصحاب العلل، وكل ما يمكن أن يشعره بتفاهة مشكلته.

قد يبدو للبعض زيادة بضع كيلو غرامات مشكلة في غاية التفاهة أمام السرطان مثلًا، لكنها قد ترمي بالبعض في اكتئاب مدمر.

فكل واحدٍ منا يرى في مشاكله نهاية الحياة، ويحتاج عندها للدعم المعنوي، أو لتقديم حلول، لذا لا داعٍ لأن نستصغر مشكلات الآخرين، فهذا آخر ما يريدونه حقًا.

 

  1. ما بلاش نتكلم في الماضي

في بعض الأحيان تكون أزماتنا النفسية نتيجة أفعال قمنا بها سابقًا، وعادةً ما نندم أشد الندم على هذه الأفعال، لذا آخر شيء نحتاج لسماعه هو اللوم، لأننا نكون قد أشبعنا أنفسنا لومًا وتقريعًا وفي غنى عن المزيد.

عادة ما يسمع الواحد منا عبارات على غرار:

“لو أنت كنت عملت س، مكنش حصل ص”.

” مش أنا قلت لك، إن ده اللي هيحصلك”.

“ما أنت ما سمعتش كلامي”.

 

هذه العبارات لا تساعد إطلاقًا في علاج أي مشكلة، فاللوم يجلب المزيد من الندم، السوء، والإحباط.

الماضي غير قابل للتعديل، أمامك وأمام من يشكو إليك الحاضر والمستقبل، قدم دعمًا أو حلًا و”بلاش تتكلم في الماضي”.

 

هذا جزءٌ يسير مما لا تريده النفسية، فأنا أتكلم من واقع تجربتي فحسب، والتجارب كثيرة والمعاناة فيها لا تنتهي، لكن على اختلافها يظل البوح بالمشكلة ليس يسيرًا على الإطلاق، لذا لا يجب أن تكون مكافآته ما عرضته سابقًا.

يقول قائل: “بعض الكلمات نور، وبعضها قبور”.

 

لذا كل ما أرجوه أن يفكر كلٌ منا قليلًا، فيما سيقوله لمن يمر بمشكلة نفسية، فبعض الكلمات تكون قاتلة حقًا.

 

المقالة السابقة10 أنماط فكرية تؤدي للاكتئاب
المقالة القادمةأنا أم لأول مرة.. ارحموني!

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا