بنت صغيرة كانت هتحط إيدها في الكهرباء، فقلتلها أنا وجوزي في نفس واحد “لا، غلط تحطي إيدك في الكهرباء”، فالبنت قالتلنا “وحشين إنتم”، ولما حد تاني قالها نفس الكلام وفهمها ليه غلط، قالت عليه هو كمان وحش! ضحكت وقتها على الموقف لكن شفت نفسي في الطفلة الصغيرة دي.
مؤخرًا لاحظت إني ساعات بزعل من النصيحة حتى لو في مصلحتي، وحتى لو الكلام مفيهوش حاجة تزعل، وحتى لو كان الأسلوب كويس، لقيت نفسي بفضل أدوّر على أي حاجة غلط في كلام الشخص أو أسلوبه، وأفضل أدافع عن نفسي جوايا، وأقعد أكبّر الموضوع بيني وبين نفسي وأدخل في حالة من الغضب أو الرثاء للذات.
اكتشفت إن الموقف المبالغ فيه اللي باخده ده سببه إن الشخص بنصيحته جالي على الجرح، فمثلًا لأن عندي خوف من الرفض بفسر النصيحة على إنها عدم قبول من الآخر ليّ، وبالتالي بكبّر الخوف جوايا وبدعم بنفسي اعتقادي (الخاطئ) بإني غير مقبولة. فالمشكلة أو الجزء الأكبر منها جوايا أنا مش في كلام الآخر. ده غير إن الإنسان غالبًا مش بيحب يحس إنه غلط، وخاصة لو عنده مشكلة في الثقة بالنفس، فوقتها بياخد موقف دفاعي.
كنت بكتشف عدم موضوعيتي أحيانًا لما بتكلم مع حد عن مشاعري، أو لما أحاول أنا أفند أفكاري وأتحاور مع نفسي. كنت بلاقي نفسي كمان متحاملة على الشخص بسبب الكلمتين اللي قالهملي (وكأني بقول عليه “وحش” زي البنوتة الصغيرة اللي حكيتلكم عنها في بداية المقال) لكن لما أقعد أفكر بموضوعية برضو ألاقي إن الشخص مش وحش، لكن بالعكس له مواقف كويسة معايا.
فقررت تهذيب نفسي وترويضها على ود الشخص اللي نصحني، عشان أؤكد لنفسي إني مش شايلة حاجة من ناحيته. بحاول أعوّد نفسي أنام وأنا مفيش جوايا أي حاجة ناحية أي حد، لأن ده شيء ممكن يكون من أسباب دخول الإنسان الجنة. والحقيقة إني مش دايمًا بقدر. الموضوع مش سهل ومحتاج مجاهدة للنفس، ومحتاج إن الواحد يتعلم مهارات كتير، أهمها إنه يكون واعي بمشاعره ويعبّر عنها، إنه يكون صادق مع نفسه، إنه يكون عنده وعي بأفكاره ويعرف يعمل حوار داخلي مع نفسه، إنه يدوّر إزاي ممكن يتعامل مع المشاكل اللي بتقابله مع الناس، ويركز على دوره في كونه سبب للمشكلة ودوره في حلها، وغيرها كتير.
في رحلتنا للنضوج، محتاجين ننمي الصفات الطفولية اللي جوانا، زي الشغف والخيال والمرح، ونسعى للتخلص من الصفات العيالي زي اللي حكيتلكم عنها في المقال ده!