إهداء إلى النهانيهو، وسلمى.
السؤال الأول: أنقذ نفسي من إيه؟
ده سؤال كويس، بس إجابته عندِك إنتي. بالمناسبة أنا بكتب لمخاطبة مؤنثة، بس المقال عادي جدًا يمشي على الولاد كمان، يعني النصايح عالمية.
نرجع للسؤال: أيوة، إنتي غالبًا محتاجة إنقاذ. إحنا في بلد بتبتزنا عاطفيًا جدًا، وعلاقاتنا بالآخرين مش دايمًا صحية، وبنلاقي نفسنا ساعات بنروّح البيت منهكين جدًا، ندخل من الباب ونرمي الشنطة والمفاتيح ونقلع الجزمة ونقعد في الضلمة نعيّط، لأن مش هي دي الحياة اللي عايزينها لنفسنا، ومش عارفين نعمل إيه.
في الجزء التالي من المقال هكتب شوية خطوات ممكن نتبعها، ويحصل تغيير إيجابي في حياتنا للأفضل. تابعي معايا واسألي لو حبيتي.
1- اخرجي من العلاقات المسيئة. فيه معايير معينة لمدى كون العلاقة دي مش مناسبة ليكي أو مسيئة. أولًا وده مهم جدًا، لو كان الشخص ده -أيًا كانت درجة قرابته ليكي- بيمدّ إيده عليكي، وده تتركيه فورًا، ومفيش مانع تبلغي عنه كمان، لو ملقيتيش جماعة أو مركز للعنف الأسري في بيئتك المحيطة، ممكن تلجئي لحاجة على المستوى الدولي، وحتى لو مساعدوكيش، يبقى اسمك جرّستيه وكتبتي عنه مقالة أو تدوينة باسمه الحقيقي. في المرة الجاية اللي أي حد يدوّر عليه عشان عايزه في شغل مثلًا ويلاقيه مسيء مع أهل بيته، هيفكر كتير قبل ما يوظّفه، وبكده تبقي حققتي انتقامك.
فيه معايير تانية للعلاقات المسيئة، زي اللي بيستنزفك عاطفيًا، ويقعد كل شوية يتمسكن، بدون ما يكون فيه سبب حقيقي لده، عشان يصعب عليكي وتقعدي تطبطبي عليه وتعمليله ما يطلب. لو ده ابنك ودّيه لدكتور نفسي فورًا، لأن ده خلل في النضج الشعوري ولازم يتعالج. لو لأ، تخلصي منه.
لو حد بيعتدي عليكي لفظيًا لازم تقفيله وتبيني إن ده سلوك غير مقبول وإنك مش هترضي بيه.. لازم تحددي لنفسك معايير عالية للتعامل الإنساني وتحاولي تلتزمي بيها، لأن الجروح الناتجة عن إساءة المعاملة بتاخد كتير على ما تتعالج، وأحيانًا مبتروحش أبدًا.
2- اتعلمي تقولي لأ. لو حد طلب منك حاجة وكانت تقيلة عليكي، قولي لأ. قولي لأ للخروجات اللي ملهاش لازمة ويمكن تجنبها وميحصلش أي سوء، قولي لأ لأي حاجة ممكن تسيء ليكي بأي شكل من الأشكال. افتكري بيتين من شِعر أمل دنقل: “المجد لمن قال لا في وجه من قال نعم”.
3- احصلي على وظيفة بتحبيها، مفهوم إنك ممكن تقبلي بأي شغلانة لأنك محتاجة للفلوس أو للخروج من البيت عادي، دي احتياجات بشرية مفهومة جدًا، لكن اللي مش مفهوم إنك متدوريش على الحاجة اللي بتحبيها وتعمليها.. اخلقيها خلق لو مش موجودة. في فيلم “عَشم” لماجي مرجان، كان فيه البنت “رضا” اللي ابتدت تشتغل في الحمّام في المول الكبير، وهي كانت راضية وكل حاجة، بس كانت بتتطلع لحاجة أكبر، ووصلتلها في الآخر، مع بعض التغيرات الشخصية. اعملي زيها، اسألي، خلّيكي نحلة مبتهمدش، ومترضيش أبدًا بالوضع الحالي طالما بيحمل قدر من الضرر ليكي.
4- عبّري عن نفسك، عن آرائك وآلامك ومشاعرك. متسكتيش أبدًا، افتكري أغنية كايروكي “مطلوب منك السكوت تكون إنسان بديل، مطلوب تسكت تموت أو تعيش أسير”، وفكّري إن معاهم حق جدًا، إنك لو سكتي هتكوني حد تاني مش إنت، لو مقلتش لأ، لو مقلتش للغلط إنه غلط وحاولت تصلحه، هتكون مسخ بيوافق على الخطأ ومبيحاولش يدفعه عن المتضررين.. وقرَنوا بين السكوت والموت، لأنه فعليًا موت جزئي، لأنك مبتعملش المطلوب منك لما اتخلقت تعمّر الأرض.
اتكلّمي.. قولي رأيك، ولو حدّ قاطعك اطلبي منه يحترم مساحتك في الكلام، بهدوء ولطف، وهيسمع لك. اكتبي لو بتحبي الكتابة، غنّي، أحيانًا الأغاني بتحمل قدر من البلاغة بيعبّر عن ألمنا أو مشاعرنا بأقل الكلمات الممكنة، سماعات الودان لطيفة لأنها بتحسسك بالعزلة والمحاوطة، بس أحيانًا السماعات الكبيرة مهمة في توصيل رسالة بتقولها أغنية.. غني واكتبي وارسمي والبسي لبس حلو واتكلمي، متسكتيش أبدًا.
5- حاولي تصلّحي ما فسد بالتربية السيئة والعلاقات المسيئة. كلنا اتعرضنا لمشاكل أثناء نشئتنا، إلا حبة محاظيظ قليلين، أهلهم قرأوا وعرفوا يعملوا إيه وميعملوش إيه. متضايقيش، حاولي تصلحي. كونك كبرتي وبقيتي واعية إن اللي حصل غلط يبقى لازم تدوّري على الصح. اقري، اقري كتير جدًا كل ما كان عندك وقت فراغ، ومتقضيش وقت فراغك في إنك تنزلي بالماوس لتحت عشان تشوفي آخر تحديثات الشبكات الاجتماعية. اقري تربي ولادك صح إزاي، وإزاي تصلحي اللي حصل معاكي وساب أثره على وجدانك وعقلك اللا واعي. روحي لدكتور نفسي (مش عيب أبدًا) تطلبي منه المساعدة، لأن علمه أكتر واطّلاعه على الحالات المتعددة بيخلي عنده ثقافة واسعة. ومتزعليش، ممكن الآثار دي متتمحيش بسهولة، فمتزعليش يعني، واستمري في المحاولة.
6- اكتشفي إنتي مين وعايزة إيه ونِفسك في إيه، دوّري على أسطورتك الذاتية.. أوباااا! دي نقطة مهمة جدًا. أيوة، اقعدي كده في مكان هادي، وإضاءته مش تقيلة عليكي، واسألي نفسك: أنا مين؟ هل أنا بعرّف نفسي بالشغلانة اللي بشتغلها؟ أو بالعلاقة اللي أنا فيها؟ أنا مين؟ وفين؟ وليه؟ وإزاي؟ متعمليش زي جدّتي الله يرحمها، اتجوزت على طول بعد الكلية وخلّفت على طول وعاشت لشغلها وولادها، مفيش غبار على كده، بس لما ولادها كِبروا واتجوزوا وولادهم كانوا على وش جواز، جاتلها حالة من المرارة الفظيعة اللي خلتها تقول لهم إنها ضيعت حياتها عليهم، وإنها كان نفسها تطلع دكتورة، وإنها مش راضية عن نفسها أبدًا، مع الكثير من الدموع والتصعّب. متعمليش كده، انقذي نفسك من وإنتي صغيرة، قرري عايزة إيه واعمليه، خليكي شجاعة وجريئة، ما دام اللي بتطلبيه مش حرام دينيًا ولا ممنوع قانونًا.
7- توقفي عن الرقابة الذاتية: بطّلي تراقبي مشاعرك، وتحجّميها، وتقولي لأ المفروض أحس كذا.. مفيش في المشاعر مفروض، ومفيش عيب في التلقائية. افتكري إن أغلب اللي بتقوليه لنفسك من ملاحظات مش حقيقي، ده في دماغك إنتي بس. متراقبيش أفكارك، ادّي نفسك حرية في التفكير والتنطيط بدماغك في كل مجال. متخجليش أبدًا من مشاعرك وأفكارك، مفيش صح وغلط إلا من الناحية الدينية والقانونية، ودول بحرهم واسع، فمتقلقيش، حتى لو غلطتي، ربنا بيقبل التوبة، خليكي خطاءة يا ستي وتوّابة، إيه اللي فيها؟
8- بطّلي قلق. كل ما تفكري في حاجة وحشة هتحصلك أو تحصل لحد من حبايبك، الكون بيستشعر أحاسيسك وبتزيد فرصة إنها تحصل فعلًا. فكري كويس، وتفاءلي، ومتقلقيش على الناس كلها، كلهم يقدروا يديروا شؤونهم حتى لو كانوا أطفال صغيرين، وافتكري إن الحماية الزائدة مؤذية بالضبط زي قلة الحماية. خدي نَفس عميق، استرخي، أيوة، بالضبط، شطّورة.
9- توقفي عن الحكم على نفسك والآخرين. افتكري إنك مش صح على طول الخط، ومش غلط برضو على طول. كل موقف وله معطياته، وإنتي بتتصرفي طبقًا للمعطيات دي. افتكري إنك لو حسيتي إنك غلطتي في شيء ما، حاولي تصلحي خطئك، وتعتذري، لو منفعش، خدي الدرس المستفاد من القصة دي، وبعدين ارمي كله ورا ضهرك. بطلي تأنبي نفسك على الفاضية والمليانة، وملكيش دعوة بالناس، إنتي مش في وضع يسمحلك بالحكم عليهم لأنك ببساطة مش عايشة نفس ظروفهم. قولي لنفسك كده “رأيي مش مهم، مش هحكم ع الناس” نقطة
10- بطّلي تحسي بالذنب. افتحي إيدك وسيبي كل المواقف والمشاعر والأفكار تنسال منها زي رملة الشط النضيف. ششششش.. مفيش حاجة وحشة حصلت، ولو فيه، دي مسؤولية الكون، عادي إن حاجات خطأ تحصل، والواحد بيعيش ويتعلم. Let it go.
11- سيبك من اللي الناس بتقوله عنّك، وافتكري قصة جحا وحماره. عيشي حياتك زي ما إنتي عايزة، وافتكري أزمة “ليلى” مع الأصول في رواية “الباب المفتوح”. اقري الرواية كويس أوي وعيشي مشاعر البطلة، وحاولي توصلي لاستنتاجات زي ما هي وصلت، وخدي قرارك.
12- مفيش خطط بتمشي صح للآخر، لأن المعطيات بتتغير، ومش هتقدري تتحكمي في كل العوامل، لأنها ببساطة خارجة عن إرادتك. خليكي مرنة، بدل ما تقولي أنا فشلت في إني أمشي تبع الخطة، قولي المسألة دي مثلًا مش حقيقية، والوقت اتغير، وحطّي خطة تانية، وهكذا.. المرونة هي المفتاح، عشان متصابيش بخيبة أمل بالنسبة لحياتك وشغلك.
13- متسمحيش للناس إنهم يعلقوا عليكي أخطاءهم بدل ما يتحملوا نصيبهم من مسؤولية اللي حصل واللي عملوه بإيدهم. افتكري: قولي لأ. وبطلّي تقلقي حِيال كل حاجة بتحصل في دايرتك، إنتي مش إله ومش هتسيّري الكون بدماغك، والكون مش مسؤوليتك أساسًا.. استرخي!
14- ودي نقطة مهمة جدًا: غيّري العبارات الذهنية اللي بتقوليها لنفسك. يعني بدلًا من “أنا تخينة، أنا فاشلة، أنا مش جميلة، وشي مش أبيضاني ولا دمي خفيف، عندي حبوب كتيرة، أنا وحشة، أنا مش وفية لصحابي.. إلخ”، بدل ده كله اعترفي إن عندك مشكلة في شيء ما وحاولي تحليها قدر الإمكان، ولو مأمكنش متعصريش نفسك عشان تدخلي في حيّز مش على مقاسك. تقبلي نفسك زي ما هي، وحبيها، وحاولي معاها إنك تصلحي الأمور اللي شايفاها مش مضبوطة. كلمي نفسك كويس، عشان متخلقيش إحساس دائم جواكي بالتعاسة. حبّي نفسك بحق الله!
بس كده خلاص. المقالة طويلة شوية معلش، ممكن تقريها على مرتين. شوفي كده، والأمر مفتوح للمناقشة. حاولي، وما دام فتحتي سكّة للتغيير، فالكون هيساعدك في استقبال الإشارات الجيدة، ويحط في طريقك المهمات اللي ممكن تعمليها عشان تبقي أحسن، وتحسي بمشاعر أفضل ناحية نفسك. حاولي، وربنا معاكي.