من هم ريا وسكينة الحقيقيين، عائلة ريا وسكينة قصة ريا وسكينة كاملة

4107

بقلم/ لبنى علي

شاءت الأقدار وأنا أمشي على خطوات هادئة، أن لا أدرك حجم ارتفاع الرصيف وتنزلق قدمي أسفل مني، وحدث ما كنت أتوقع، وتم وضع الجبس لمدة ثلاثة أسابيع. لم أتمادَ في التذمر، فقد وجدت هذه الأسابيع فرصة للاسترخاء والاستجمام. وفي أحد الأيام وأنا أشاهد التلفاز تابعت إحدى حلقات مسلسل “ريا وسكينة”، وقررت متابعته على الإنترنت حتى أشاهد حلقات متتالية في اليوم الواحد. ورغم أني شاهدته من قبل، وكنت أعلم أنه عمل درامي أكثر من رائع، فإنني لم أفكر قبل ذلك في متابعته بهذه الدقة، وقررت بعد ٣ أيام فقط من مشاهدته كاملاً على الإنترنت أن أقرأ نص الكتاب الأصلي لصلاح عيسى “رجال ريا وسكينة“.

وبالفعل قرأته، وطوال مدة قراءته كنت أقارنه بالمسلسل، فوجدت أن هذا العمل الدرامي يجسد ما وصفه صلاح عيسى، وكأنك تعيش معهم في هذا الزمان. وكيف تعرضوا لكثير من الضغوط، خصوصًا إبان الحرب العالمية الأولى وثورة ١٩١٩، وما ترتب على ذلك من أزمات اقتصادية شملت العالم أجمع. فمن يقرأرجال وريا وسكينة”، هذه الرواية التي أبدع بها صلاح عيسى، ورغم ضخامتهافهي تفوق الـ٩٠٠ صفحة- فإن قراءتها لم تتعد خمسة أيام، من شدة براعته ووصفه للأحداث التاريخية وما تعرضت له مصر بشكل عام في هذا الوقت، وما تعرضت له شخصيات الرواية بشكل خاص.

والمعتاد أن من يقرأ أي قصة لا يميل إلى مشاهدة العمل الدرامي، حتى لا يصاب بالإحباط بفرق المستوى، فدائمًا الرواية أفضل من تجسيدها كفيلم أو مسلسل، إلا أن هذا المسلسل يعد تحفة فنية، لاهتمامه بنقل تفاصيل الرواية كما ذكرها صلاح عيسي. كما أن البارعة عبلة كامل تضيف لأي شخصية تجسدها، فهي حقًا فنانة لن تتكرر. ولا أنكر دور “سكينة”، من أبرز أعمال سمية الخشاب حتى يومنا هذا. كما أن الديكور يجعلك تعيش وكأنك معهم في هذا الزمن وبتلك الظروف الحياتية البسيطة للغاية.

التعليق الوحيد على هذه التحفة الفنية هو أن عدد حلقات المسلسل كان من المفترض أن تزيد عن ٣٥ حلقة، لتصبح ٤٥، لأن تفاصيل التحقيقات بعد القبض على العصابة أكثر من ٣٠٠ صفحة في كتاب صلاح عيسى، فكان يجب سردها على عدد حلقات أكثر، وأيضًا حتى نستمتع أكثر بالأداء التمثيلي البارع لكل العاملين بهذا المسلسل، ليس الشخصيات الرئيسية الستة فقط (ريا وسكينة وحسب الله وعبد العال وعرابي وعبد الرازقولكن كل من شارك في المسلسل، حتى الشخصيات الثانوية، “أم أحمد النص” وزوجها، وكل شخصية أدت دور ضحية من ضحايا عصابةريا” و”سكينة”، بدءًا من “خضرا اللامي” وحتىفردوس” آخر ضحيه لهم.

فأوجه الشكر لكل من شارك في المسلسل، وجهة الإنتاج (العدل جروب) والمخرج المبدع جمال عبد الحميد، وأيضًا الموسيقى التصويرية، وروعة المواويل بأداء عمار الشريعي. فكل ما سبق ذكره جعل هذا المسلسل سيبقى في ذاكرتي ووجداني، فهو لم يظهرريا” و”سكينة” شخصيات مرعبة، بل شرح تفاصيل التحول في شخصية ونفسية كل منهما، كما أن العصابة ما كانت تتجرأ على بدء أول جريمة قبل انضمام سادس أعضاء العصابة إليهم، وأكثرهم شرًا، وهوعبد الرازق”.

ويوجد دروس كثيرة في هذا العمل، فكلما تذكرت تفاصيل حياتهم وكيف أن الشر يبدأ ببذرة، وقاموا بري هذه البذرة حتى تحولوا إلى ارتكاب هذه الجرائم، وكيف أن الصحبة السيئة تفسد صاحبها حتى لو لم يكن بهذا السوء. كما أرى أن شخصيةسكينة” كانت ضحية، ليس فقط للظروف الاقتصادية في هذا الوقت، ولكن كانت ضحية أختهاريا”، ولضعفها أمام زوجهاحسب الله”. وكثيرًا أتساءل لو ابتعدت كل منريا” و”سكينة” من البداية عن بعضهما أو ابتعدتا حتى عنحسب الله” فقط، هل كانتا ستصلان إلى نفس النتيجة، الإعدام شنقًا. أم كانتا ستعيشان كشخصيات عادية مثلنا وتشبهنا جميعًا، تخطئ أحيانًا وتصيب أحيانًا؟!

اقرأ أيضًا: روايات تحولت إلى أعمال فنية: الصراع بين الأدب والتمثيل

المقالة السابقةطعام يحسن المزاج: 12 نوعًا صحيًا يشعرك بالسعادة
المقالة القادمةهل يتعافي المرء بأصدقائه كما يقال؟!
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا