يمكننا أن نجزم بسهولة من الوقائع الحياتية، ودون الرجوع إلى المحللين النفسيين والمقالات الأكاديمية المنشورة على المنصات العالمية، نرى أن جمال الإنسان المحكوم بواقع يرى الجمال محددًا بالشكل النمطي و الوزن المثالي ، أحد أهم الأسباب للإصابة باضطرابات الأكل. يوجد العديد من الأسباب الأخرى الخفية التي تحرك تلك المسألة، مثلاً مخزون الجسم من الطعام يحدد الصحة العامة للإنسان، كما يحدد الوزن الفعلي له، ويحدد شكله الخارجي، لكن ما هي أشهر اضطرابات الأكل وكيف يتم تشخيصها وعلاجها؟
ما هي اضطرابات الأكل ؟
هي اضطراب واضح يسهل ملاحظته، لا يلاحظه الشخص نفسه أحيانًا وينكره، ولكن يمكن لأي شخص ملاحظته بسهولة عند تتبع العادات الغذائية للشخص، ويؤدي ذلك الاضطراب إلى سلوكيات غير متوقعة، مقارنة بما هو متوقع فيمن نفس سنه وظروفه وحالته العامة. ويوجد نوعان هما أشهر أنواع اضطرابات الأكل: فقدان الشهية العصبي Anorexia Nervosa، النهم العصبي Bulimia Nervosa. وتختلف نسية الشيوع بحسب الدولة، ولكن يمكن ملاحظة أن نسبة البنات تزيد بنسبة كبيرة على نسبة إصابة الذكور، كما أن ٨٥٪ من الإصابة بأي نوع من اضطرابات الأكل تحدث بين عمر الـ13 إلى 20 عامًا. وتعتبر اضطرابات الأكل من أكثر الأمراض النفسية التي تؤدي للوفاة.
1. فقدان الشهية العصابي Anorexia Nervosa
في هذا المرض يلجأ المريض إلى تجويع نفسه عمدًا خوفًا من زيادة وزنه، بالرغم من أنه بالأساس ذو وزن طبيعي، وهنا تسيطر عليه تلك الأفكار، حتى أنها تصل في كثير من الأحيان إلى هلاوس وضلالات تجاه وزنه. إن لم يعالج هذا المرض فإنه يؤدي للوفاة، فنحو 15٪ من إجمالي المصابين يموتون في النهاية بسبب سوء التغذية.
أعراض فقدان الشهية العصبي
• خوف شديد يصل إلى اضطراب ذهاني من الشخص تجاه وزنه.
• وزن الشخص يقل عن ٨٥٪ من المتوقع.
• اضطرابات في الدورة الشهرية لمدة تزيد عن 3 أشهر.
• اضطرابات جسدية واضحة نتيجة لعدم تناول طعام صحي متوازن، مثل: انخفاض كتلة العظم، عدم انتظام ضربات القلب، انخفاض ملحوظ في ضغط الدم، مشكلات في القلب، هشاشة العظام، ثقوب في الأسنان وتآكل ملحوظ في مينا الأسنان، مشكلات في الكبد، تدهور عام في الصحة البدنية للشخص.
انتشار المرض
ينتشر المرض بين الإناث بصورة أكبر، أي من بين كل ١٠ إناث تظهر الإصابة لرجل واحد. وينتشر المرض أيضًا في مرحلة المراهقة أكثر من أي مرحلة عمرية أخرى. كما أن هناك أشخاصًا أكثر عرضه للإصابة، مثل عارضات الأزياء وراقصات البالي، أو أشخاص لديهم تاريخ عائلي للإصابة.
اقرأ أيضًا: فقدان الشهية العصبي: لماذا نعذب أجسادنا؟!
تشخيص المصاب بفقدان الشهية العصبي
• نصف المصابين تقريبًا يعانون الاكتئاب.
• الرهاب الاجتماعي، فالمريض يخاف التجمعات ويخشى التفاعل الاجتماعي مع البشر، ظنًا منه أن الجميع لا يركز إلا على شكل جسده.
• اضطرابات وسواسية لدى الشخص تجعله طوال الوقت يسعى للكمال وسعيه المستميت لفرض الكمال.
• نظرة المريض دائمًا سلبية لجسده، فلا يشعر مطلقًا بالرضا عن شكل جسده ومظهره الخارجي.
• تنتاب المريض دائمًا نوبات خوف وهلع.
2. النهم العصبي Bulimia Nervosa
في هذه الحالة لا يقدر المريض على التحكم في أكله لمدة محددة، مثلاً ساعتين متواصلتين، فيأكل بشراهة غير مبررة، ثم يحاول بشتى الطرق التخلص من ذلك الأكل، كما يصاحبه اضطراب شديد في تصور أبعاد الجسم. ولتشخيص ذلك المرض يجب أن يكون المريض قد قام بنوبة الشره ومحاولة التخلص بعدها من الأكل مرتين في الأسبوع على الأقل لمدة ثلاثة أشهر.
أعراض النهم العصبي
• حالات نهم شديدة في خلالها يفقد المريض القدرة على التوقف عن الأكل.
• التخلص من الطعام بطرق غير صحية، كاستخدام الملينات أو التقيؤ عمدًا، الحقن الشرجية، الصوم لأيام، استخدام مدرات البول، الرياضة العنيفة.
تشخيص الإصابة بالنهم العصبي
• الانشغال المفرط بحساب كل ما يتعلق بالطعام، كحساب السعرات الحرارية لكل شيء.
• التركيز على أجزاء معينة من الجسد وعدم الالتفات لغيرها.
• الشعور المستمر بزيادة الوزن مما يثير اشمئزازه من جسده.
• الانعزال الاجتماعي.
• صعوبة التعبير عن المشاعر.
• يتميز بنمط فكري صلب ويسعى للكمال، ولا ترضيه أنصاف الحلول مطلقًا، وأي نسبة خطأ لا يقبلها وتحسسه بالفشل.
• تقييمه لنفسه قائم على تقييمه لوزنه، لذا فإنه دائمًا ما يشعر بهوان قيمته.
الفرق بين النهام العصبي وفقدان الشهية العصبي
بالرغم من أن مرضى النهم العصبي يأكلون بكميات كبيرة جدًا، فإن وزنهم لا ينخفض بصورة حادة، كما يحدث مع مرضى فقدان الشهية العصبي، فمرضى فقدان الشهية يتعمدون تجويع أنفسهم، ويمتنعون عن تناول أي طعام يحتوي سعرات عالية، ويقومون بعدها بأنشطة بدنية عنيفة وسلوكيات خطرة بشكل قهري للتخلص من الوزن.
أسباب الإصابة بأمراض اضطرابات الأكل
• عوامل أسرية كالتحكم الزائد في الطفل، فيرغب في إعلان التمرد عن طريق تلك الممارسات.
• بعض الأشخاص يمتلكون تركيبة نفسية تسعى بصورة دائمة للكمال.
• الاعتداء الجنسي يرسخ داخل الفرد إحساس بأن جسده هو السبب الرئيسي فيما مر به.
• بعض التغيرات الهرمونية خصوصًا عند الانتقال من الطفولة إلى مرحلة المراهقة.
• بعض العوامل البيئية كوجود الشخص في بيئة تركز بصورة مبالغ فيها على الشكل الخارجي للجسم.
لماذا تنتشر أمراض الأكل بين الإناث؟
تنتشر اضطرابات الأكل بين الرجال والإناث بالطبع، لكن النسبة الأكثر تكون للنساء، مما يعكس بصورة واضحة عن تأثير وأهمية الجسد وشكله الخارجي لدى النساء. فالمجتمعات التي تجعل الجمال ومدى امتلاء الجسد في علاقة عكسية، وترهن جمال الأنثى بوزنها، تتسبب بشكل غير مباشر في التحكم بنسبة الإصابة باضطرابات الأكل.
علاج اضطرابات الأكل
• الأدوية: العلاج الدوائي بإشراف الطبيب، الذي أحيانًا ما يجبر المريض على الدخول للمستشفى لتنظيم تناول الطعام.
• العلاج النفسي، مثل: العلاج الإدراكي والعلاج المعرفي والدعم الأسري ويحتاج الأمر إلى متخصص نفسي لتحديد مسار العلاج، وقد يدمج المعالج بين أكثر من مسار للوصول لأفضل نتائج.
في النهاية فإن الوصول لجسد مثالي يجب أن يكون من أجل الصحة العامة والحفاظ على الجسد، وليس للوصول للصورة النمطية للجمال والضبط على مقاييس الجمال العالميةن ومحاولة جعل الشكل أشبه بفلاتر الإنستجرام. كما يجب اللجوء لمتخصص نفسي إن احتجت إلى الدعم والمساعدة.