بقالي فترة بسمع وبقرأ حكايات عجب عن العلاقات بين الرجالة والستات، وعن ستات بيقبلوا يدخلوا في علاقات فيها تقليل من شأنهم وتعدي على حقوقهم.
تعالوا قبل ما نتكلم عن ليه ده بيحصل، أضرب لكم شوية أمثلة من الحاجات اللي سمعتها:
– فيه راجل يروح يشترط على خطيبته أو اللي عاوز يخطبها إنها تعمل شوية عمليات تجميل، وواحد يجبر مراته تتحجب لأنه مؤمن إنه هيتحاسب عليها يوم القيامة.
– فيه واحد يروح يشترط على خطيبته تتغير في بعض الحاجات، ويديها مهلة معينة تنفذ فيها ده.
– فيه واحد بيشترط على خطيبته تشتغل عشان الحياة صعبة، ولازم تساعده وتحط في البيت زي ما بيحط، ولازم في نفس الوقت طبعًا توفق بين شغلها وبيتها وجوزها وعيالها.
– وواحد تاني بيشترط عليها تسيب الشغل، وتمسح أي راجل عندها على الفيسبوك، وتوقف أي عمل عام كانت بتعمله قبل الجواز، لأنه شايف إن الراجل هو كل حياة الست، لكن الست جزء من حياة الراجل، ولأن الست المفروض جوزها وولادها يكونوا أهم حاجة عندها، واللي يتبقى من وقتها جوزها يحددلها الأنسب اللي تعمله فيه.
– فيه واحد ممكن يسمحلها بالشغل والعمل العام لكن لازم يكون فيه رقابة، وهو اللي يحددلها إطار التعامل والحركة.
– وفيه واحد ممكن ميشتغلش أساسًا، ويكتفي من “الرجولة” بإنه يتحكم في مراته وبنته يلبسوا إيه، ويروحوا فين ويرجعوا امتى.
وللأسف المشكلة هنا مش في الراجل بس، لكن كمان في الست اللي توافق على الشروط دي. أنا اتعلمت إن مفيش حاجة اسمها حد داخل في علاقة بقايمة شروط، فيه حاجة اسمها إننا نعمل العلاقة وبعدين ممكن نطلب من بعض حاجات، وتتعمل بالتراضي، ونقبل برضو إنها ممكن متتعملش، لكن اللي داخل علاقة يتشرط (سواء راجل ولا ست) يبقى من أولها كده مع السلامة.
طيب عشان نبقى واضحين، مش كل الرجالة كده، ومعرفش النماذج المذكورة دي نسبتها قد إيه بالظبط. فيه رجالة حقيقيين، بيحترموا الست كإنسان كامل الأهلية زيها زي الراجل، وبيساندوا زوجاتهم في طموحاتهم الشخصية، وبيساعدوهم في شغل البيت على حسب ظروف حياتهم وشغلهم ما بتسمح، وبيحترموا ذمتهم المالية المستقلة، وبيقعدوا بالولاد ويخرجوا بيهم عشان زوجاتهم يرتاحوا أو يحضروا كورس أو يخرجوا مع صحابهم، وبيثقوا فيهم، ومبيطلبوش الباسوورد بتاعة الفيسبوك… إلخ.
نرجع تاني للنموذج الأول: ليه النموذج ده موجود؟
فيه أسباب كتير، زي الأساليب التربوية الخاطئة، العلاقات الزوجية المشوهة اللي الرجالة دي بيشوفوها وهم أطفال بين آبائهم وأمهاتهم، الموروثات الاجتماعية الخاطئة، والفهم المغلوط للدين، وإن فيه ستات بيقبلوا العلاقات دي ويستمروا فيها.
طب ليه بعض الستات بيقبلوا العلاقات المسيئة؟
– الصورة الذاتية المشوهة: غالبًا الست اللي بتقبل بعلاقة مؤذية بيبقى عندها مشكلة في صورتها عن نفسها، وفي قبول نفسها. يعني مثلاً أهلها بيعيبوا عليها إنها سمرا أو تخينة أو شعرها معرفش عامل إزاي، ويسمعوها جمل من نوعية “شكلك وحش، مفيش راجل هيرضى يتجوزك… إلخ”، فتتجوز وترضى من جوزها بأي حاجة -اللي ممكن توصل لحد الخيانة- عشان كتر خيره إنه رضي بيها. وواحدة تانية اتربت على الإهانة من الأهل، فمبقتش تعرف نفسها غير من خلال علاقة مهينة، ولو دخلت في علاقة مع حد بيحترمها يمكن هي اللي تقطعها، ويمكن هي اللي تتحول للطرف المهين.
– الجوع للحب والقبول اللي مخدتهمش من باباها ومامتها، وبتدور عليهم عند أي حد، وهو بيستغل ده وبيرميلها الطُعم، يتصل يصبّح عليها ويمسّي عليها، يجيبلها هدايا، يعزمها على الغدا… إلخ. وبعدين يبدأ الاهتمام ده يتحول لسيطرة، فيطلب منها تكلمه قبل ما تنزل من البيت ولما ترجع، وتعرفه بكل حركة، ويقنعها إن ده حب، أو هي بتقتنع بكده، أو هي بتسمع كلامه عشان مستنية منه الطعم اللي رماه في الأول.
– عدم رؤية نموذج صحي للعلاقات: ممكن تكون الست دي مشافتش أي علاقة صحية بين راجل وست. دايمًا كانت بتشوف الست ضعيفة، فافتكرت إن الست لازم تبقى كده، أو يمكن شافت الست مستقوية وعنيفة فكرهت النموذج ده وراحت الناحية التانية خالص.
– الخوف من الأذى والتهديد: أحيانًا الست بتستسلم لأن الراجل بيؤذيها أو بيهددها بالأذى، بيهددها إنه هياخد الولاد أو مش هيصرف على البيت أو هيسوأ سمعتها… إلخ، فبتسمع كلامه عشان تتقي شره. وممكن يكون بيسيطر عليها عن طريق إنه يحسسها بالذنب، فمثلاً يهددها إنه هينتحر أو مش هياخد الأدوية أو يتهمها بإنها سبب المشاكل اللي هو فيها، أو يوهمها إنه هيتحاسب عنها وهيشيل وزرها… إلخ.
– الأمل في تغيير الرجل: ساعات كمان الست بتستمر على أمل إنها تغيره، بس تصبر عليه أو تغير تصرفاتها. والحقيقة إن مفيش حد بيغير حد. اللي عاوز يتغير بيتغير، والرغبة دي بتبان في أفعال الإنسان. إنتي داخلة في العلاقة كشريكة حياة مش كمعالج، وفيه فرق كبير.
– التحمل بدعوى “الحب”: الحب كمان أحد الأسباب الأساسية اللي بتخلي ستات يستحملوا الغلب ده، بس الحقيقة المؤلمة إن ده مش حب، لأن الحب مينفعش من غير احترام، والحب من طرف واحد مينفعش، وزي ما المثل بيقول “إيد لوحدها متصقفش”، ولو هو بيقول إنه بيحبك فلازم أفعاله تكون بتؤكد الكلام ده.
– الخوف من الوحدة: ممكن يخلي الست تقبل الاستمرار في العلاقة مهما كانت مسيئة، فإنها تخدمه وتتخانق معاه أحسن بالنسبة لها من بيت فاضي. ثقل المسؤولية كمان سبب، فلو بيصرف على البيت مثلاً، يمكن يبقى صعب عليها تنهي العلاقة، لأن تحمل مسؤولية أسرة لوحدها صعب، خصوصًا لما يبقى فيه أطفال، فيمكن يبان الأسهل وقتها إنك توهم نفسها إن ليها شريك.
– الأفكار الغلط عن طبيعة العلاقات ودور الراجل والست: زي إن الست لازم تكون مهيئة نفسيًا إنها الطرف الأكثر تضحية. وده مش حقيقي، العلاقة مسؤولية كل أطرافها، مينفعش حد يكون بيدي وحد بياخد طول الوقت. لو فضلتي تدي من غير ما تاخدي هييجي عليكي وقت تحسي إنك مستنزفة ومستغلة، وعلى فكرة مش هتحققي اللي بتتمنيه من ورا العطاء ده، يعني مش هتتقي شرُّه، ولا هيرضى حتى لو قدتي صوابعك العشرة شمع.
روحي إنتي وزوجك أو خطيبك أو اللي هيخطبك لمستشار نفسي، ولو هو موافقش روحي إنتي عشان تقفي على رجليكي وتستعيدي ثقتك بنفسك، وتكتشفي مفاهيمك ومعتقداتك اللي بتحركك وتصححيها، وساعتها تقدري تقرري شكل العلاقة، أو مدى إمكانية الاستمرار فيها من عدمه.