نحن مجتمع إقصائي بطبعه، يصنع القطيع ويجلد كل من يرفض أن ينساق له! فما أكثر الدوائر التي تم رسمها ومُطالبة الآخرين بالتصرف وفق حدودها وإلا اتُهموا بالشذوذ الفكري والنفسي بل والجسدي أحيانًا، دوائر الإقصاء تم الاتفاق الضمني على أنها مقدسة.
من ضمن تلك الدوائر: دائرة “اللامتزوجات”، فكل آنسة ينظر لها المجتمع على أنها امرأة غير مكتملة بعد، كأن شرط اكتمالها لن يتحقق إلا في كنف رجل رُبما لن يأتي أبدًا!
تعدد المًستبعِدين لهؤلاء النسوة، فتارة ستجدهم:
كبار السن الذين لا يقبلون فكرة أن تعيش المرأة وتنجح وتَسعد دون رجل، أو رجال يقتصون من أي امرأة لا تحتمى بأحدهم كى لا تُشجع أخريات على نفس “الجُرم”، لكن أقسى المُستبعِدين هن النساء اللاتى تستبعدن نساء آُخريات لأنهن صممن أن يصبحن أنفسهن،
البعض تستبعدهن بحجة أنهن عذراوات لا يجوز اختلاطهن بمجتمع المتزوجات “الأبيح”، أو خوفًا من الغيرة والحسد وسرقة الأزواج، أو بحجة أنهن لن يفهمن مشاكل الزواج فلن يقدرن على مساندتهن.
عزيزتي غير المتزوجة لا تهتمى بكل ما قيل/سيُقال عنك من أشخاص مريضة بعدم القدرة على تقبل الاختلاف، ولا تسمحى لأي شخص كان أن يتعالى عليك لأنه يرى أن عدم زواجك عيبًا لابد من سَتره، اختلافك لا يُشينك، اختياراتك حرية شخصية تتحملين عواقبها وحدك، وأنتِ لا تحتاجين لتذكرة مرور من أحد ليُسمح لكى بالعبور.
فكُوني قوية، واجهى، لا تستسلمي، وستنتصرين فى النهاية، بل وسيعلنها من هاجمك في البداية أن صمودك نقطة قوة.. نعم نحن مجتمع يعتنق الازدواجية عقيدة شرعية.
واعلمي أن كثيرات من المتزوجات ينبذونك لأنهم يحسدونك على الخِفة التي تتمتعين بها، حيث همك الأكبر مسئوليتك الشخصية لا بيت وأطفال وزوج ينتظر تلبية احتياجاته بلا حدود. بل والأكثر مدعاة للدهشة أن هؤلاء النسوة أنفسهن قد يُنبَذن من متزوجات غيرهن لأسباب أخرى.
للأسف كل دائرة لها دائرة أكبر منها إما أن تبتلعها أو تلفَظُها بعيدًا، فلا تنظري خلفك ولا لما في يد غيرك، واسعدى بتفاصيل حياتك التي ترضيكي، وإياكى أن تتشبهى بمن لستِ منهم، فهم أول من سيتخلى عنك عند أول رصيف معللين ذلك بأنك تخليت عن مبادئك لأجلهم.
وتذكري أنهم قديمًا كانوا يحرقون الساحرات في القرون الوسطى لمجرد اختلافهم معهم، فلا تتنازلي أبدأ عن سِحرك، كوني نفسك.. وكفى.