باترون للصداقات المثالية

1654

الكروشيه مسكن سحري للقلق والـover thinkink وأعراض القولون ومخاوف ما بعد منتصف الليل.. للفراغ والانشغال، للوحدة والعلاقات المرهقة، لكل مشكلة حل والباترونات مرشد مثالي لتنفيذ الأفكار الجديدة ورفيق الطرق الصعبة.

 

أحاوط نفسي ببكرات الخيوط الملونة والإبر بأحجامها المختلفة وصورة للكوفية التي آمل أن أنتهي إليها. أبدأ العقدة الأولى بقلب مفتوح وبعض الأمل ومتابعة الباترون.

غرزة وراء أخرى، عمود ثم التالي، يتماسك النسيج وتشد الغرز بعضها بعضًا، تتسع المساحة أمامي كل ساعة وتتداخل الألوان، تصبح نسيجًا مترابطًا قويًا، أفكر في شكله قبل النسج فلا أذكره ولا أتصور كيف كان.

 

***

أكتسب المزيد من الأصدقاء، أحاوط نفسي بأشخاص جدد وشخصيات مختلفة، وصورة ذهنية للصداقات المثالية. نتشارك الأحلام والسفر والصلاة والطعام، ثم الكثير والكثير من الأسرار، تتلاشى الحواجز وتتداخل الأفكار. أفكر يومًا كيف كنا قبل أن نتلاقى، فلا أذكر ولا أتصور الحياة دونهم.

 

تطول الكوفية لتصل إلى أول كتفيَّ، أقارنها بالصورة التي سأصل إليها، تترابط الألوان وتتعشق وتتواءم، وتقترب من صورة الحلم كما ينبغي.

أسافر مع أصحابي الجدد ونوثق الصور التي أبني بها برج الذكريات ليطول كتفيّ، فيلامس الكوفية وأحيط نفسي بالدفء والأمل والحلم كما انبغى.

 

أنسى الباترون وأنسى الصور الذهنية والخطط، وأواصل العمل والغزل والانتظار، تبدأ الخيوط في التمرد لأستشعر عنادها لأول مرة، وأفاجأ بعد فترة باختلال خط السير. الكوفية عرضها غير متساوٍ، صورة الحلم فسدت وبدأت الألوان في الخلط على غير الخطة حتى صعُب تطابقها مع الباترون.

 

كنت ممتلئة بثقة زائدة في شغل يدي، لم أنتبه أن ربما للخيوط رغبة أخرى، آملت في دفء دون حساب لاختلالات الشغل وطواعية الخيط وعدم مناسبته للخطة، لم أنتبه أن الخيوط لا تشبهني بما يكفي ولم تساعدني في الوصول إلى الصورة، ربما كانت لديها خطة أخرى فلم تحب التداخل الزائد ولم يرضها خط السير.

 

يحترف الأصحاب الخذلان ويتفكك برج الذكريات، لا أعرف من أين بدأ الخطأ ومنذ متى تعرَّجت الغرز والخطى وخالفت الخطة. لم يساعدوا في رسم الصورة، لم يحبوا التداخل على طريقتي، وربما كانت لهم خطط أخرى.

 

أرى طريقين لا ثالث لهما.

أبدأ كوفية جديدة بخطة جديدة وألوان جديدة، أو أشتري كوفية جاهزة خاوية الذكرى والشغف غير مضفرة بأي حلم، وأصحاب جدد بعلاقة صفراء ورسائل جاهزة والكثير من المجاملات، وأفقد الأمل في صداقات حقيقية.

 

في لحظة جنون صادقة أفك الغرز حتى تعود خيطًا جديدًا، أفكك الألوان وينفصل كل على حدة، أزيح من أمامي كل الباترونات ومن عقلي كل الصور الذهنية. أختار ألواني المناسبة من جديد لأبدأ العمل بألوان تشبهني وأشبهها، وأدع فرصة أكبر للارتجال، ربما خيوطي الجديدة تدلني على خط سير آخر وتساعدني في رسم صورة لم أتخيلها من قبل.

 

ربما في رحلة جديدة مع أصدقاء يشبهونني أكثر، دون توقعات مسبقة وصور ذهنية، نصل إلى حالة ارتجالية جديدة لم ترسمها الباترونات بعد، ولا تشبه تلك العلاقات الموصوفة بـ”المثالية”، فقط أدع فرصة أوسع للارتجال وللإحساس بالخيوط منذ البداية.

 

 

المقالة السابقةالحدود في العلاقات العاطفية وغيرها
المقالة القادمةأشياؤنا الصغيرة “زي النجوم حواديت”

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا