كلنا عندنا دايمًا أمور غير مُنجزة، حاجات مخلصتش، مهام بدأنا فيها ووقفنا في النص، أهداف حطناها وعطلنا فجأة لأننا زهقنا أو موصلناش للهدف في الوقت اللي حددناه لروحنا، فنقرر إننا نحطه على جنب ونرجعله في وقت تاني نكون قادرين نفسيًا إننا نحاول معاه من جديد، أو بنتخطاه خالص وكأنه مكانش موجود في قائمة أهدافنا من أساسه.
أنا قررت أكتب عن قائمة أموري غير المُنجزة.. الحاجات اللي بدأت فيها وقررت في نصها، أو حتى وهي لسة في أولها، أقف ومكملش لأسباب كتيرة، متعلقة بيّ أوقات أو بالحاجة نفسها أوقات تانية، لدواعي الملل أو عدم قدرتها على جذبي لحد النهاية.
يمكن لما أكتب عنها أقدر أحس إني محتاجة فعلاً أنجزهم، بغض النظر عن العقبات اللي قابلتني أو هتقابلني، بس فكرة إني بدأت حاجة وخلصتها للآخر بتدي شعور عظيم بالإنجاز وإحساس بالالتزام والمسؤولية تجاه خطواتي حتى لو بسيطة.
1- رواية قواعد العشق الأربعون
الراوية دي من أشهر روايات الكاتبة التركية “إليف شافاق”.. رواية في جو صوفي وعن العشق الإلهي، و40 قاعدة عن الحب لشمس الدين التبريزي وصداقته بجلال الدين الرومي، حاجة كده جاية من جمال المتصوفين ونقائهم. كنت متحمسة جدًا للرواية، وبعد ما بدأت فيها عند الفصل التالت تحديدًا وقفت، ولحد اللحظة دي معرفش أنا وقفت ليه، رغم كل الآراء الإيجابية عن الرواية. مقدرتش أكمل، ومن فترة للتانية أروح أقلب في الكتاب وأحطه على جنب، ونفسي أرجع زي ما كنت زمان، بغض النظر عن إن الرواية حلوة أو وحشة لازم أكملها ما دمت بدأت فيها.
وعشان أكون أمينة مع نفسي أكتر أحب أحط جنبها “عزازيل- حليب أسود- اسمي أحمر- قصص قصيرة من الأدب الفارسي- الفتى المتيم والمعلم…”، وممكن أفضل فاتحة القوس للمزيد من الروايات والكُتب اللي وقفت في نصها ومكملتهاش.
2- مسلسل how I met your mother
أعتقد إن عُشاق المسلسل ده هيقيموا عليَّ الحد ويرجموني للموت، المسلسل ناجح نجاح غير طبيعي، مُنافس جدًا لمسلسل Friends يمكن لأنه بيدور في نفس الأجواء وعلاقات الصداقة والحب المتداخلة.. أنا قدرت أشوف مسلسل Friends كله، بس على العكس تمامًا في مسلسل how I met your mother، وقفت في نص السيزون الأول ومكملتش.. هل لأني قارنته بـFriends وحسيت إنه مشدنيش زيه، ولا أنا حكمت عليه حُكم مسبق ميستحقهوش وهو يستحق فعلاً أديه فرصة وأكمله؟
أنا رجعته لقايمة أهدافي، وأتمنى أقدر أخلصه لحد الآخر، حتى لو مسابش جوايا أثر يُذكَر يخليني أرجعله باستمرار من وقت للتاني، زي مسلسلاتي المفضلة.
3- صينية البسبوسة
اللي يعرفني بشكل شخصي يعرف إني مبحبش الحلويات، ومبحبش أدخل المطبخ عشان أحضر كيكة وكُنافة ولا حتى جيلي. أنا والحلويات لا نتفق ومفيش بينا عمار.. أنا أدخل المطبخ أحمَّر فرخة، أحضّر طبق مكرونة ملهوش حل، أعجن بيتزا وأنا بغني “نحنا والقمر جيران”، لكن أعمل صينية بسبوسة؟ ديه كانت حاجة مستحيلة جدًا. وطبعًا النتيجة كانت فشل ذريع، لما قررت أعملها تحت ضغط جوزي وطلعت من الفرن حاجة سمكها سنتيمتر أو أقل، لونها بني محروق ومقرمشة لدرجة التكسر.. إحباط غير طبيعي جالي وقررت إني مش هعمل بسبوسة تاني في حياتي. ومالو الجاهز؟! بس إحساس الفشل في حاجة وإني نفسي أغيره لنجاح بقى مسيطر عليّ، وبقيت أحط “عمل صينية بسبوسة ناجحة” ضمن خططي السنوية.. وبقالي 9 سنين من ساعة ما اتجوزت بحط الهدف ده كل سنة ومعملهوش، يمكن يصيب في الذكري الـ10 للبسبوسة المحروقة؟ لسة مش متأكدة.
4- مشروع كوفية من الكروشيه للشتا
غزل الكروشيه أنقذني في وقت ما في حياتي من الاكتئاب، والوقوع في حفرة سودا عميقة ملهاش ملامح، كنت على حافة الانهيار داخليًا، بس من برة وقدام الناس أنا ست وأم ناجحة جدًا في التمتع بالأمومة وممارسة مهامها، يمكن لأني “كائن يجيد إخفاء ما يعتمل في نفسه”، بس في الواقع أنا كنت مرهقة جدًا ومش عارفة أمسك طرف خيط ينقذني، ومش عارفة أحكي لحد عن اللي حاسة بيه.
معرفش إمتى افتكرت الكروشيه وافتكرت حصص التدبير المنزلي اللي كنا بناخدها في المدرسة، واتشجعت إني أعلّم نفسي تاني من فيديوهات اليوتيوب.. النتيجة كانت هايلة بكل المقاييس، انغمست تمامًا فيه وبدأت أحس إني بعمل حاجة مريحة بتاخد أفكاري السوداوية وتطلعها مغزولة وملونة بأشكال جميلة. ولأن الكروشيه في حد ذاته مشروع له بداية ونهاية فكنت لما بخلص أي مشروع بدأت فيه بحس بالقدرة على الإنجاز، خصوصًا لو حطيت وقت عشان أخلصه ونجحت في ده.
حاليًا الوقت تقسيمه اختلف ومسؤوليات كتير دخلت في الصورة، والكروشيه بدأ يتراجع في خلفيتها، لدرجة إن بقالي سنتين بحاول أخلص كوفيه بدأتها، وكل شوية أحط وقت عشان أخلصها ومش عارفة.
عندي شعور بالإحباط لأن حتى أبسط مشروع مش عارفة ألتزم بيه، فإزاي هنجز مشاريع أكبر في الخطط الجاية؟
الماندالا والتلوين بقى شيء أساسي عندي.. التلوين بيفرغ التوتر وبطلع فيه كل الهموم، وإحساس تخمة الإحباط اللي بيصيبني كل شوية.. التلوين بياخدني لبقع منورة وهادية بعيدة، ولما الرسمة بتخلص بحس بالسلام النفسي وتحسن لمزاجي بشكل كبير. من سنة جبت كتاب ماندالا فيه 365 رسمة، وحطيت هدف إني هلون كل يوم واحدة لحد ما السنة تخلص. الفكرة كانت إن أقدر أخلق ساعة وسط زحمة يومي أعمل فيها حاجة بسيطة بحبها وأقدر أنجزها.. هدف بسيط جدًا معرفتش ألتزم بيه لحد دلوقتي، والكتاب مخلصتش منه غير 3 رسمات بالعدد.
6- مشروع كتابة
الكتابة هي شبحي الخاص اللي بيطرد باقي الأشباح، أو يمكن الوحش اللي بيجي يلتهم كل الوحوش التانية الموجودة في حياتي ويقعد تحت رجلي متروض ومسالم، وأنا ممتنة له أشد الامتنان.. تشبيهات غريبة لحاجة مُلهمة زي الكتابة، بس هي دي الكتابة بالنسبة لي. ولما بعاملها بإهمال بتقلب عليّ وبحس بالضياع، وبدل ما تاكل أشباحي أو وحوشي بتتحد معاهم وكلهم بياكلوني أنا في الآخر.
كل سنة أحط هدف إني لازم ألتزم بالكتابة بشكل يومي، وكل ما أبدأ مكملش، الكتابة الجيدة عايزة تمارين مستمرة، مشاريع وأحلام، زي كتابة رواية ولا قصص قصيرة، محتاجة التزام وتحدي كبير. احتياجي حتى لكتابة 5 سطور ليهم معنى في دفتري الخاص كل يوم بقى مُلِحّ ومهم، حتى لو مكانش الهدف في الآخر تحقيق مشروع ضخم، وبإحساس التحقق اللي هوصله لما ألتزم هيفرق معايا.
كتابة القائمة دي حاجة مهمة بالنسبة لي، لأني محتاجة أعيد ترتيب وقتي وتخصيص مساحة كويسة ليّ عشان أنجز أبسط أهدافي، ويمكن لما أنجزها أقدر أحقق الأكبر منها من غير ما أحس بالفشل.
إنتم كمان قولولنا قائمة حاجاتكم اللي مش منجزة، وهل هتحاولوا معاها تاني ولا لأ.