يمكن أن تكون العواطف الشديدة والمربكة والمخيفة التي تُميز كرب ما بعد الصدمة أكثر وضوحًا عند الأطفال سواء أكانوا قد تعرضوا مباشرة لهذا الحدث المؤلم، بالتعرض لحادث فقد أو وفاة أحد الوالدين أو التعرض لحادث تحرش أو اعتداء جنسي، أو حتى كانوا قد تعرضوا مرارًا وتكرارًا لصور حوادث مروعة على وسائل التواصل الاجتماعي بعد وقوعها.
وفي حين أن الأطفال والمراهقين أكثر عرضة من البالغين للإصابة بصدمات نفسية، إلا أن مع توفير بعض الدعم والطمأنينة المناسبين، يمكنهم أيضًا التعافي بشكل أسرع. يُمكنكِ هنا التعرّف على كيفية مساعدة طفلك على استعادة توازنه العاطفي، واستعادة ثقته في العالم، والانتقال من الصدمة.
ما هي آثار الصدمة على الأطفال؟
إن فقدان أحد أفراد الأسرة بشكل غير متوقع أو التعرض لحادث سيارة، أو اعتداء عنيف، يمكن أن يُشكل ضغطًا كبيرًا على الأطفال، يمكن أن يقوض الحدث المؤلم شعورهم بالأمان، مما يجعلهم يشعرون بالعجز والضعف، خصوصًا إذا كان الحدث ناشئًا عن أعمال عنف، مثل الاعتداء الجسدي، حتى الأطفال أو المراهقين الذين لم يتأثروا بشكل مُباشر بكارثة ما يمكن أن يصابوا بصدمة عندما يتعرضون مرارًا لصور مروِّعة للحدث عبر وسائل التواصل الاجتماعي، كما سبق الذكر.
ومن آثار الصدمة على الأطفال والمراهقين
آثار الصدمة إذا كان الأطفال بعمر 5 سنوات أو أقل
ظهور علامات الخوف، التشبث بالوالدين أو مقدمي الرعاية، البكاء أو الصراخ أو النهم، التحرك كثيرًا بلا هدف أو عدم القدرة على التحرك من الأساس، العودة إلى السلوكيات الشائعة التي كان قد توقف عنها سابقًا، مثل مص الإبهام أو التبول اللا إرادي.
آثار الصدمة لدى الأطفال من عمر 6 إلى 11 سنة
فقد الاهتمام بالأصدقاء والعائلة والأنشطة الترفيهية، التعرض للكوابيس أو اضطرابات النوم الأخرى. يصبح سريع الانفعال ولديه ميول تخريبية وشديد الغضب، يشكو من مشكلات جسدية، تطوير مخاوف لا أساس لها، الشعور بالاكتئاب أو الذنب بسبب ما حدث.
آثار الصدمة لدى المراهقين الذين تتراوح أعمارهم بين 12 و17 سنة
المُعاناة الدائمة بسبب ذكريات الماضي المُتعلقة بالحدث، الكوابيس أو اضطرابات النوم الأخرى، تعاطي المخدرات أو الكحول أو التبغ، التصرفات التخريبية والمُدمرة، الشعور بالعزلة أو بالذنب أو بالاكتئاب، وجود أفكار انتحارية.
كيف يُمكنكِ التعامل مع كرب ما بعد الصدمة مع طفلك؟
مهما كان عمر طفلك، من المهم تقديم المزيد من الطمأنينة والدعم بعد حدث صادم، فيمكن أن يتأثر رد فعل الطفل تجاه الكارثة أو الصدمة إلى حد كبير باستجابة والديه، لذلك من المهم تعلم كيفية التعامل مع الصدمة والضغط النفسي الناتج عنها.
كلما زادت معرفتك بالأعراض والآثار وخيارات العلاج، كان لديك قدرة أفضل على مساعدة طفلك لتجاوز الأمر وعدم ترك آثار سلبية في حياته ومستقبله، فيمكن لتعاملك الجيد أن يؤدي إلى جعل المشاعر المقلقة الناتجة عن التوتر المؤلم تتلاشى، ويمكن أن تعود حياة طفلك إلى طبيعتها.
ومن الطرق التي يُمكنكِ التعامل بها مع كرب ما بعد الصدمة عند الأطفال
1. تقليل التعرّض للوسائط
- يمكن للأطفال الذين تعرضوا لحدث صادم أن يجدوا تغطية إعلامية لا هوادة فيها أكثر إثارة للصدمة، فالتعرض المفرط لصور حدث مزعج، مثل عرض مقاطع الفيديو مرارًا وتكرارًا على مواقع التواصل الاجتماعي أو مواقع الأخبار. وذلك قد يؤدي أيضًا إلى حدوث ضغوط مؤلمة لدى الأطفال أو المراهقين الذين لم يتأثروا بشكل مباشر بالحدث.
- عليك التقليل من تعرض طفلك لتغطيات وسائل الإعلام للحدث الصادم، لا تدعي طفلك يشاهد الأخبار أو يفحص وسائل التواصل الاجتماعي قبل النوم مباشرة، ويُمكنك الاستفادة من أدوات الرقابة الأبوية على التليفزيون والكمبيوتر والجهاز اللوحي، لمنع طفلك من مشاهدة لقطات مزعجة بشكل متكرر.
- بقدر الإمكان، شاهدي تقارير الأخبار الخاصة بالحدث المؤلم مع طفلك، لتتمكني من طمأنة طفلك أثناء مشاهدته، والمساعدة في وضع المعلومات في السياق المناسب.
2. اقضي وقتًا أكثر معه
يجب ألا تضغطي على طفلك للتحدث، قد يكون من الصعب للغاية بالنسبة لبعض الأطفال التحدث عن تجربة مؤلمة، قد يجد الطفل الصغير أنه من الأسهل رسم صورة توضح مشاعره بدلاً من الحديث عنها
- لا يُمكنك إجبار طفلك على التعافي من الإجهاد الناجم عن الصدمة، ولكن يُمكنك أن تلعبي دورًا رئيسيًا في عملية الشفاء بمجرد قضاء الوقت معه والتحدث وجهًا لوجه، على أن يكون هذا الوقت خاليًا من التليفزيون والألعاب والمشتتات الأخرى. ابذلي قصارى جهدك لتهيئة بيئة يشعر فيها أطفالك بالأمان الذي يُمكنهم من توصيل ما يشعرون به وطرح الأسئلة.
- وفري لطفلك فرصًا مستمرة للتحدث حول ما مر به أو ما يشاهده في وسائل الإعلام، شجعيه على طرح الأسئلة والتعبير عن مخاوفه، ولكن لا تجبريه على التحدث.
- اعترفي لطفلك بصحة مخاوفه، فتحدث الراحة لطفلك من الشعور بالفهم والقبول من جانبكِ. لذا عليك أن تعترفي بحقه في الشعور بالخوف، حتى وإن كانت المخاوف لا تبدو لكِ منطقية أو حقيقية، ثم شرح عدم المنطقية تلك لاحقًا.
- طمئني طفلك أن الحدث لم يكن نتيجة لخطئه. طمأنيه أنكِ تُحبينه وأنه لا بأس أن يشعر بالغضب أو الخوف، عليكِ أيضًا أن تكوني صادقة، فعلى الرغم من أنه يجب عليك تخصيص المعلومات التي تشاركينها مع طفلك وفقًا لعمره، فإن الصدق مهم للغاية، فلا تقولي شيئًا كاذبًا لتطمئنيه.
- كذلك يجب ألا تضغطي على طفلك للتحدث، قد يكون من الصعب للغاية بالنسبة لبعض الأطفال التحدث عن تجربة مؤلمة، قد يجد الطفل الصغير أنه من الأسهل رسم صورة توضح مشاعره بدلاً من الحديث عنها، ويُمكنك بعد ذلك التحدث مع طفلك حول ما يرسمه.
- شجعي طفلك على البحث عن أصدقاء وممارسة الألعاب والرياضة والهوايات التي كان يستمتع بها قبل وقوع الحادث. يمكنكما الذهاب معًا في نزهات عائلية إلى الحديقة أو الشاطئ، أو مشاهدة فيلم مضحك.
3. تشجيع النشاط البدني
- يمكن للنشاط البدني أن يحرق الأدرينالين، ويُطلق سراح الإندورفين المعزز للحالة المزاجية الجيدة، وهو أيضًا يساعد طفلك على النوم بشكل أفضل خلال الليل.
- ابحثي عن رياضة يستمتع بها طفلك. يمكن للرياضات مثل كرة السلة أو كرة القدم أو الركض أو فنون القتال أو السباحة التي تتطلب تحريك الذراعين والساقين أن تساعد في إثارة الجهاز العصبي لطفلك والتغلب على المشاعر السلبية، والتي غالبًا ما تتبع تجربة مؤلمة.اعرضي المشاركة في الألعاب الرياضية أو الأنشطة البدنية مع طفلك، إذا بدا مقاومًا للنزول من البيت، شغلي الموسيقى المفضلة لديه وارقصا معًا، بمجرد أن ينتقل الطفل من حالة الخمول، سيبدأ في الشعور بالنشاط ويتقبل فكرة النزول.
4. اتباع نظام غذائي صحي لطفلكِ
- يمكن أن يكون للطعام الذي يتناوله طفلكِ تأثير عميق على مزاجه وقدرته على مواجهة الضغوط النفسية، فالكربوهيدرات المُكررة، والمشروبات السكرية والوجبات السريعة والمقلية يمكن أن تخلق التقلبات المزاجية وتزيد من أعراض الإجهاد النفسي المؤلم.
- وعلى العكس من ذلك، فإن تناول الكثير من الفواكه والخضراوات الطازجة، والبروتين عالي الجودة، والدهون الصحية، وخصوصًا أحماض أوميجا 3 الدهنية، يمكن أن يساعد طفلك على التأقلم بشكل أفضل مع الضغوط النفسية التي تتبع التجربة المؤلمة.
- اجعلي وجبات الطعام أكثر من مجرد طعام، فيمكن أن يكون جمع العائلة حول طاولة لتناول الطعام فرصة مثالية للتحدث والاستماع إلى طفلكِ ومشاركته والقرب منه دون إلهاء للتليفزيون أو الهواتف أو أجهزة الكمبيوتر.
5. إعادة بناء الثقة والأمان
الصدمة يمكن أن تُغير الطريقة التي يرى بها طفلك العالم، فيصبح العالم فجأة أمام ناظريه مكانًا أكثر خطورة ومخيفًا، قد يجد طفلك صعوبة أكبر في الثقة ببيئته والأشخاص الآخرين، يُمكنك المساعدة من خلال إعادة بناء شعور طفلك بالثقة والأمان، من خلال:
يجب المُحافظة على وعودكِ، فيُمكنكِ المساعدة في إعادة بناء ثقة طفلك من خلال أن تكوني أنتِ نفسكِ جديرة بالثقة
- إنشاء الروتين: فيمكن أن يساعد إنشاء نظام حياتي يمكن التنبؤ به وجدول زمني لحياة طفلك في جعل العالم أكثر استقرارًا مرة أخرى. حاولي الحفاظ على أوقات منتظمة للوجبات، والواجبات المنزلية، والأنشطة العائلية.
- تقليل التوتر في المنزل: حاولي التأكد من أن طفلك لديه مساحة ووقت للراحة واللعب والمرح في المنزل.
- إدارة الإجهاد الخاص بكِ: فكلما كُنتِ أكثر هدوءًا واسترخاءً وتركيزًا، كُنتِ مؤهلة أكثر لمساعدة طفلك.
- تحدثي عن المستقبل وضعي معه الخطط: هذا يمكن أن يساعد في مواجهة الشعور المشترك بين الأطفال المصابين بصدمات نفسية بأن المستقبل مخيف، قاتم، ولا يمكن التنبؤ به.
كذلك يجب المُحافظة على وعودكِ، فيُمكنكِ المساعدة في إعادة بناء ثقة طفلك من خلال أن تكوني أنتِ نفسكِ جديرة بالثقة.
متى نبحث عن علاج كرب ما بعد الصدمة عند الأطفال
عادةً سوف تبدأ مشاعر طفلك بالقلق والارتباك والشعور بالذنب واليأس عقب حدث صادم في التلاشي خلال فترة زمنية قصيرة نسبيًا، ومع ذلك، إذا كان رد فعل الإجهاد الناتج عن الصدمة شديدًا ومستمرًا إلى درجة أنه يتداخل مع قدرة طفلك على العمل في المدرسة أو المنزل، فقد يحتاج إلى مساعدة من أخصائي الصحة العقلية، ويُفضل أن يكون متخصصًا في مجال الصدمات النفسية.
مُترجم عن: Helping Children Cope with Trauma
اقرأ أيضًا:
ما هي أعراض اضطراب كرب ما بعد الصدمة؟
الفرق بين كرب ما بعد الصدمة والاكتئاب
Hey very cool site!! Man .. Excellent .. Amazing .. I will bookmark your web site and take the feeds additionally…I am happy to seek out numerous helpful information here in the publish, we’d like work out extra techniques on this regard, thanks for sharing.