كيف تجيب على اسئلة الاطفال عن الله ؟ إليك الإجابة

4586

لا يكف الأطفال عن طرح الأسئلة طوال الوقت، الكثير من الأسئلة عن أي شيء وكل شيء، أسئلة قد تعتقد أن إجابتها قد تبدو بديهية، إلا أن معظم هذه الإجابات لا تشفي فضولهم وتجعلهم يطرحون المزيد من الأسئلة، فأسئلة مثل: من هو الله؟ وأين الله؟ وكيف خلقنا؟ وما هو شكله؟ على الرغم من بساطتها فإنها أسئلة فلسفية وعميقة، وقد نعجز كآباء وأمهات أحيانًا عن إجاباتها، مما يثير دهشتنا من أين تأتي كل هذه الأسئلة، ما الذي يدفع طفلاً لم يتجاوز الخامسة للبحث عن ماهية الله وكينونته؟!

 

لماذا يبحث الأطفال عن الله؟

يفسر علماء النفس المهتمون بدراسة علاقة الدين بعلم النفس وعلم الأعصاب فكرة البحث عن الله، كنتيجة ثانوية للطريقة التي تعمل بها الدماغ البشرية. ففي دراسة أجراها الدكتور “ديبورا كيلمان” عالم النفس بجامعة بوسطن على عينة من الأطفال في عمر 4 سنوات، وجد أن لديهم ميولاً للاعتقاد بأن العالم مُعَد وفقًا لنظام معين، وأنه حتى الجوانب البسيطة للعالم الطبيعي أنشئت لسبب ما من قِبَل قوة غير بشرية، لديها قدرات خارقة يفتقر إليها البشر، وأن هناك بعض الأشياء التي يصنعها الإنسان العادي كالسيارات والطائرات، إلا أن هناك قوة أخرى لديها قدرات لا يمتلكها الإنسان مسؤولة عن صنع أشياء كالجبال والبحار والسماء والمواليد الجدد.
ولكن ما الذي يدفع العقل للعمل بهذه الآلية؟

تعرفي على: كيفية الاجابة على اسئلة الاطفال المحرجة

ما الذي يدفع الأطفال للتفكير في فكرة الإله” من الأساس؟

البيئة المحيطة Vs الفطرة

في سلسلة من الدراسات التي أجراها العالمان “جيسي فوكس” من جامعة ستيتسون و”دانييل جوتيريز” في كلية ويليام آند ماري، لمعرفة ما يدور في ذهن الأطفال الصغار فيما يتعلق بالأمور الدينية، وجدا أن الطفل يبدأ التفكير في الله في مرحلة الطفولة المبكرة، مؤكدَين أن للعائلة دورًا كبيرًا في مَدِّه بمفاهيم كالصلاة والعبادة، وأن الطفل يلتقط الحديث عن الله في البداية من باب المحاكاة والتقليد والتعبير عن بيئته، إلا أنه مع تقدمه في السن وتطوُّر قدراته المعرفية، يبدأ في تطوير نماذج ذهنية أكثر تعقيدًا، ويبدأ في التفكير في الله بطرق أكثر اختلافًا وتطورًا.

 

يميل علماء الأنثروبولوجيا إلى ترجيح كفة الفطرة على العوامل البيئية، حيث اكتشفوا أن في بعض الثقافات التي تحجب فيها التعاليم الدينية عن الأطفال، يؤمنون بوجود الله رغم ذلك. ففي سلسلة من الأبحاث قامت بها جامعة أكسفورد واستمرت لمدة 3 سنوات لتحديد ما إذا كان الإيمان بالله والآخرة هو مجرد أفكار مستقاة من المجتمع أو طبيعة بشرية، خلصت إحدى الدراسات إلى أن الأطفال عند سن خمس سنوات يكون لديهم اعتقاد بأن هناك قوة قادرة على فِعل أشياء ليست في مقدرة البشر، فعند سؤال الأطفال عما إذا كانت والدتهم ستعرف محتويات صندوق مغلق، وجد أن الأطفال في سن الثالثة يعتقدون أن والدتهم والله سيعرفون الإجابة الصحيحة، ولكن بحلول سن الرابعة يدرك الأطفال أن الأمهات مهما بلغ ذكاؤهن لن يستطعن الإجابة، وأن الله وحده هو من يملك الإجابة الصحيحة.

 

ما هو السبب في الاعتقاد بوجود قوة خارقة؟

بحسب دراسة للدكتور “جوستين باريت”، مؤلف كتاب Why Would Anyone Believe in God? والباحث في مركز الأنثروبولوجيا والعقل بجامعة أكسفورد، فالأطفال لديهم استعداد غريزي للإيمان بوجود الله، فبعد مجموعة من التجارب النفسية التي أجراها على عينة من الأطفال في مرحلة الطفولة المبكرة، وجد أن السبب في اعتقاد الأطفال بأن هناك قوة خارقة طبيعية مسؤولة عن تنظيم الكون هو “الإدراك”، فالإدراك بصفته أحد العمليات العقلية، والذي يتضاعف في مرحلة الطفولة المبكرة بسبب نمو خلايا الدماغ بشكل أسرع، وذلك بسبب وجود العديد من المُحفّزات التي تدعم الألياف العصبية للنمو، وبالتالي تزيد من عملية الإدراك، ونتيجة لمجموعة من العمليات الإدراكية المختلفة يصل الطفل إلى أن الله هو المسؤول عن هذا العالم.

 

كيف نجاوب على أسئلة الأطفال عن غير المتوقعة؟

تلعب الأسئلة التي يطرحها الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة، دورًا هامًا في التطور المعرفي له، فهي تساعده على توظيف المعلومات التي يحصل عليها، لبناء وتشكيل مفاهيمه الخاصة، بالإضافة إلى أن قدرته على توليد الكثير من الأسئلة تساعده على التعاطي مع العالم المحيط بشكل أكثر إبداعًا، إلا أن تجاهل الإجابة عن هذه الأسئلة أو الإجابة عنها بشكل سطحي تؤثر سلبًا على تطوره الإدراكي.

 

تقول “سوزى هايمان” المستشارة الأسرية ومؤلفة كتاب كيف تحظى بحياة عائلية سعيدة؟: “أحيانًا يتجاهل الآباء أسئلة أبنائهم، إما لحمايتهم من بعض المعارف التي قد تكون مزعجة، أو لعدم معرفتهم للإجابة، إلا أن هذا يعتبر أسوأ طريقة للرد، وسيجعل الطفل مترددًا في طرح أسئلة أخرى مهمة بالنسبة إليه ليتجنب رد فعلك”.

 

إذن ماذا نفعل في حالة عدم معرفتنا الإجابة؟

القاعدة الأولىالصدق

لا تضلل طفلك وتخبره معلومات خاطئة حتى لا تظهر أمامه أنك لا تعرف، أخبره الحقيقة، قل له: “أنا لا أعرف إجابة هذا السؤال، ولكن سأبحث وأخبرك”.

 

القاعدة الثانيةناقشه

سواء كنت تمتلك الإجابة أو لا، لا تدع الأمر يتوقف عند سؤال الطفل، حاول أن تفتح معه أبوابًا للنقاش، اطرح أمامه أكثر من موضوع يتعلق بالقضية التي يسأل عنها، ساعده على توسيع دائرة معارفه.

 

القاعدة الثالثةاسأله عن رأيه

إذا كنت لا تعرف الإجابة، ألقِ الكرة في ملعب الطفل، اسأله عن رأيه ماذا يتوقع أن تكون الإجابة، حاول أن تناقشه في بعض المعطيات التي تعرفها عن الأمر محل النقاش، إن لم تصلا للإجابة الصحيحة معًا، فعلى الأقل هذه الطريقة ستساعده على التفكير بشكل منتج ومنظم.

 

القاعدة الرابعةساعده على الاسترسال في التساؤل

تشير بعض الدراسات إلى أن الأطفال في سن 4 سنوات يسألون ما بين 200 و300 سؤال يوميًا، منطقيًا الإجابة عن 300 سؤال يوميًا أمر مرهق جدًا وغير ممكن، ولكن على الأقل إن لم تكن قادرًا على الاستماع لكل تلك الأسئلة حاول أن لا تصده، اعتذر عن الإجابة لضيق الوقت وأخبره أنك ستجاوب في أقرب فرصة مناسبة.

 

القاعدة الخامسةدعه يبحث

ساعد طفلك في البحث عن إجابته، سواء بالقراءة له، أو البحث معه على الإنترنت، أو بإجراء بعض التجارب العلمية البسيطة التي يمكن تنفيذها في المنزل.

 

القاعدة السادسة والأخيرة:

الفضول هو جزء من التجربة الإنسانية، كل سؤال تساعد طفلك في الحصول على إجابته -حتى وإن لم تكن إجابة وافية- هو محاولة جيدة لفتح أفق أوسع له وإضافة اكتشافات جديدة إلى عالمه.

 

المقالة السابقةأغرب دعاء في حياتي
المقالة القادمةأقضي رمضان وحدي هذا العام
أمل طه
صحفية وكاتبة مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا