كيفية الاجابة على اسئلة الاطفال المحرجة

2899

“لما الراجل والست بيتجوزوا، بييجي المأذون يكتب كتابهم ويبعت الورقة لربنا فربنا يعرف إنهم خلاص اتجوزوا، يقوم يبعتلها في بطنها نونو”.

دي كانت الفكرة الراسخة في دماغي وأنا طفلة عن كيفية صناعة النونوهات، الأفكار الخيالية شيء طبيعي لأني كنت صغيرة جدًا، ومكنتش أعرف أي حاجة في الدنيا غير إن اللي بيتجوزوا هما بس اللي بيخلفوا، ومكانش شاغلني قوي إزاي بيخلفوا، لأني كنت مقتنعة تمامًا إن الموضوع روتيني جدًا ومسألة إجراءات وأختام وأوراق بين الأرض والسما، وهوب النونو بييجي في بطن الست.

سؤال الأطفال عن كيفية الحمل

لما كبرت شوية عرفت إن فيه حاجة اسمها حب، من الأفلام والمسلسلات أكيد، بس برضو مكنتش فاهمة الميكانيزم اللي بيشتغل بيه الحب ده، خصوصًا إني شفت كذا فيلم البطلة فيه بتصرخ بدرامية وبتقول للبطل إنها بعد ما حبته سابها هي واللي في بطنها، وإزاي تهون عليه هي واللي في بطنها، فترسخ في دماغي إن الحب هو السبب اللي بيخلي الحمل يحصل، وبالتالي كنت خايفة جدًا على واحدة صاحبتي عشان كنت عارفة إنها بتحب ولد معانا في الفصل، فكنت قلقانة عليها جدًا أحسن تطلع حامل، عشان كنت عارفة إنه عيل رخم ومبيحبهاش، وهي كده هتربي البيبي إزاي لوحدها، وكمان مامتها هتزعقلها جامد!

كبرت شوية وبقيت في إعدادي، تحديدًا تالتة إعدادي، وكان فيه وحدة كاملة في كتاب العلوم عن الجهاز التناسلي للذكر والأنثى، وكان بيدرسلنا علوم في الإعدادي “أستاذ ياسر”، فاكراه كويس، طويل جدًا (أو أنا اللي كنت صغيرة ففاكراه طويل!) وبشنب وكان عنده جاكيت جلد. “أستاذ ياسر” قبل الدرس ده دخل قال إنه مدرس وملزم يشرح الدرس، ومش عايز أي ردود فعل على أي حاجة هيقولها ومش هيجاوب على أي أسئلة عن الدرس ده تحديدًا برة الحصة، على عكس سلوكه العام طول السنة، وقالنا إنه لازم يعمل ده لأنه “عنده إخوات بنات”، مكانش فاهم إن سؤال الأطفال عن كيفية الحمل وسؤال الطفل عن الإنجاب شيء طبيعي وان واجبه إنه يجاوب أسئلتنا.

في الحقيقة أنا مش فاكرة أي حاجة من اللي شرحها “أستاذ ياسر”، ومش فاكرة قال إيه بالظبط، بس فاكرة كويس إني رغم وجود الوحدة دي في كتاب العلوم، ورغم إن المفروض يكون عندي بسببها إجابات واضحة لكل شيء في مسألة الجنس وإزاي الأجهزة التناسلية للإنسان بتشتغل لأن سؤال الطفل عن الأعضاء التناسلية للإنسان شيء طبيعي وانا كنت ساعتها بمقاييس العصر دة طفلة، إلا إني كنت ميح، أبيض، معرفش أي حاجة في أي اتجاه، كنت عارفة طبعًا إن فيه عملية جنسية بتحصل بين الراجل والست بس معرفش أي تفاصيل، ودة لأن محدش كان عارف كيفية شرح العلاقة الزوجية للأطفال، وده مكانش شيء يدعو للفخر خالص، لأن فضل الجنس شيء مبهم جدًا بالنسبة لي، وبالنسبة لكل البنات اللي أعرفهم، لأن كل دوايري كانت بتصنف إنها بنات “متربية”، وبالتالي مستحيل يعرفوا أي حاجة عن الموضوع ده، وبالفعل إحنا مكناش نعرف أي حاجة.

سؤال الطفل عن الإنجاب

لما كبرت قوي وبقيت في الجامعة، وبقى عندي فكرة ضبابية عن الأمر، قابلت في رحلة تابعة للجامعة ست اسمها “طنط سونا”، “طنط سونا” كانت ست في منتهى اللطف والظرف والخفة، ست جميلة جدًا، أرملة عندها بنت في الإعدادي، كانت بتقعد معانا تحكيلنا قصة حبها الأسطورية لجوزها المتوفى، وتتكلم معانا في كل شيء بحرية تامة، وكانت أول ست أشوفها بتدخن، كانت بالنسبة لي أيقونية جدًا، بس دلوقتي وبعد ما فاتت سنين كتير على الأسبوع اللي قضيته مع “طنط سونا” اكتشفت إنها كانت غلطانة، لأنها في الوقت اللي كانت بتتعامل معانا بحرية وتفهم، كانت فخورة جدًا إن بنتها اللي كانت وقتها في الإعدادي متخيلة إن السرة اللي في بطن الستات عبارة عن فيونكة، لما الست بتتجوز بتروح للدكتور يشد الفيونكة لبرة فالبطن تتفتح ويخرج منها نونو، طنط سونا محاولتش تعرف كيفية الإجابة عن أسئلة الأطفال المحرجة، وسابت بنتها تتخيل إن السرة اللي في البطن مجرد فيونكة!

كيفية شرح العلاقة الجنسية للأطفال

الجيل بتاعي (أنا تميت تلاتين سنة من فترة فأعتبر كبيرة شوية)، واللي قبله كانت أفكارهم عن الجنس أفكار مضحكة وطفولية جدًا، وللأسف ده كبر معاهم، فكرة إن الجنس عيب وتابوه وقلة أدب، خلى الأجيال دي عندها تشوُّه تام في حياتهم الجنسية، ميعرفوش حقوقهم ولا واجباتهم ولا عندهم أي فكرة عن ارتباط المتعة أو السعادة بالعملية الجنسية، لا زالوا واقفين جنب شباك الفصل في المدرسة الإعدادي بيتناقشوا مناقشات ملهاش أي علاقة بالواقع عن قدرات وإمكانيات “أستاذ ياسر” بتاع العلوم، لدرجة إني من فترة شفت مناقشة على إحدى الصفحات على السوشيال ميديا بتتكلم عن الختان، ولقيت إن معظم ردود الستات مأيدة كونها مختونة ومقررة تختن بناتها (عشان جوزها ميقولش عليها قليلة الأدب لو لقاها عايزة الموضوع ده أو بتطلبه).

سؤال الطفل عن الأعضاء التناسلية

الضرر موقفش عند جيلنا واللي قبلنا بس، الموضوع ممتد للأسف، خصوصًأ في الطبقات الدنيا، الثقافة الجنسية معدومة للبنات، ومشوهة ومصادرها مشبوهة للأولاد، فبيطلع في الآخر ستات ورجالة السرير بالنسبة لهم مكان مخيف وساحة معركة، ورغم كده بيورَّثوا جهلهم لأولادهم ظنًا منهم إن هي دي الطريقة الوحيدة لسير الأمور.

الجنس مش عيب، الرغبة الجنسية مش إثم، ده شيء طبيعي عند كل الكائنات الحية، والفرصة دلوقتي أكبر بكتير من زمان عشان نتعلم ونفهم ونطور نفسنا ونفتح مخنا.. الإنترنت فيه كل حاجة بكل طريقة، ولو فضلنا واقفين في مكاننا رافضين نتعلم ونعلم ولادنا، هنتفاجئ بحاجات نندم بسببها، ونقول يا ريتنا ما ضحكنا على فيونكة بنت “طنط سونا”، ولا الورقة اللي المأذون بيبعتها لربنا، يمكن ساعتها كمان نكتشف إن “أستاذ ياسر” كان غلطان.

المقالة السابقةكيف للمطلقة أن تتغلب عن احتياجاتها الجنسية؟!
المقالة القادمةالعيب فيمن يرون الجنس عيبًا
إنجي إبراهيم
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا