What women want

1531

ميل جيبسون كان بتاع إعلانات. مرة كان بيعمل إعلان بيتطلب إنه يحس زي الستات عشان يعرف يكلمهم كويس والمنتج يبيع، لبس شراب فيليه وحط روج ومسك السيشوار، اتكهرب، وقع في البانيو، صحي لقى نفسه بيسمع أفكار الستات.

 

فيلم خفيف اسمه What women want أعتقد معظمنا شافه، وأنا النهارده مش جاية أكتب ريفيو عن الفيلم، أولاً لأنه فيلم قديم وتقريبًا معظم الناس شافته، ثانيًا -وده الأهم- عشان الموضوع مش موضوع فيلم وخلاص، الموضوع أكبر من كده.

 

ميل جيبسون في الفيلم كان طول الوقت بيتفاجئ، بيتفاجئ ببنته اللي حفلة مدرستها بتتلخص جواها في فكرة ممارسة علاقة جسدية مع الولد اللي بتحبه، وبيتفاجئ بمديرته الشرسة واللي اكتشف وهو بيقرا أفكارها إن قلبها قلب خساية، وبيتفاجئ بالبنت المهمشة اللي بتشتغل في الشركة ومحدش واخد باله منها إنها فعلاً حزينة لأنها مش متشافة.

 

تخيل كده لو إنت بتقرأ أفكار الناس، الستات تحديدًا، كنت هتسمع العجب، زي بالظبط بطل الفيلم.

 

يعني مثلاً البنت اللي ماشية في الشارع وحاطة اتنين كيلو مكياج على وشها وإنت بتتريق عليها -وأنا كمان بصراحة ساعات بتريق عليها- ممكن تكتشف إنها فاقدة الثقة في نفسها ومحتاجة تستخبى ورا الألوان، أو ممكن تكتشف إنها فاكرة إنها كده جميلة وكل ما حد يبصلها بتتخيل إنه معجب بيها، فبتزوّد كميات المكياج على وشها.

 

ومراتك اللي طول الوقت مكتئبة وإنت شايفها نكدية، لو سمعت أفكارها ممكن تكتشف إنها تعبانة أوي، طول الوقت بتلف في ساقية، ومش مبسوطة إنها عصبية ومكتئبة، بس هي طول الوقت بتدلع عيالها وبتدادي جوزها وبتراضيه وبتكبت زعلها عشان هو جاي من الشغل تعبان وعشان تعبت من كلمة استحمليني اللي بيسمعهالها زي الوِرِد اليومي، وقررت إنها متتكلمش تاني وتتحمله وهي ساكتة، هتكتشف إن فيه جملة بتتردد في دماغها طول الوقت “طب وأنا؟” هتسمعها كتير أوي، وهي بتحضر لجوزها الفطار، وهي بتكويله هدومه، وهي بتعمله الشاي، وهي بتسكّت نفسها عشان متتخانقش معاه، وهي شايلة ابنها عشان بيصوّت، وهي بتعمل الغدا، وهي بتغير البامبرز، وهي داخلة تنام من غير ما حد يسألها أعملك حاجة دافية؟

 

الموظفة اللي شغالة عندك، هتكتشف إنها بتضحك على نكتك البايخة مش عشان إنت دمك خفيف، إنما عشان هي خايفة على أكل عيشها، وإنها لما دفعت من مرتبها عشان حفلة عيد ميلادك مكانش عشان هي بتحبك أكتر من أبوها وأمها اللي مش بتعملهم أعياد ميلاد في البيت، إنما هي عملت كده عشان إنت تحس إن الشركة بيتها التاني وتعاملها كويس وتزود مرتبها.

 

جارتك اللي لما بتشوفك نازل ع السلم بتضحك في وشك، ممكن تكتشف إنها بتستنقصك أوي عشان مراتك حكتلها ع الخناقة الأخيرة اللي إنت كنت غلطان فيها جدًا، وممكن كمان تكون بتضحك في وشك وبتفكر في إنها نفسها جوزها يكون زيك عشان مراتك حكتلها إنك حضرت الفطار يوم أجازتك.

 

البنت اللي راكبة جنبك في المواصلات، لو سمعت أفكارها هتلاقيها عمالة تحسب المسافة بين جسمك وجسمها، وبتفكر فاضل كام ملليمتر يخلوها تترعب وتقرر إنك بتتحرش بيها، هتلاقيها بتفكر هل هتزعق وتشتمك ولا هتسكت وخلاص.

 

بطل الفيلم لما ابتدا يسمع أفكار الستات فيه حاجات جواه اتغيرت، اكتشف فجأة إن بنته كبرت، وراح يشتري معاها فستان للحفلة وقعد ينصحها كتير، اكتشف إن الموظفة المهمشة دي إنسانة، ممكن جدًا ابتسامتها تكون جميلة ولو حد حسسها إنها موجودة ممكن يستفيدوا منها في الشغل ويستفيدوا منها إنسانيًا كمان، واكتشف إن مديرته دي بني آدمة طبيعية جدًا بتعرف تحب.

 

اكتشف إن فيه حاجات مبينفعش نشوفها بس، لازم طرق تانية عشان نقدر نعرف جوهر الحاجات دي، وإن الحياة اللي باينة من برة مش هي دايمًا اللي بتكون حقيقية، لكن فيه أبعاد تانية مستخبية ورا كل تصرف وكل نظرة وكل لفتة.

 

ضمنيًا الفيلم كان عايز يقول إن الستات دايمًا عندهم أفكار تانية جواهم، مش زي الرجالة اللي غالبًا أفكارهم بتكون واضحة جدًا ومش محتاجة قراية أفكار، وده -من وجهة نظري- حقيقي جدًا، فعلاً الخناقة الأبدية بين الراجل والست إن الراجل دايمًا واضح جدًا ومش فاهم أبدًا الستات عايزة إيه.

 

بس ده مش معناه كمان إنك عمرك ما هتفهم الستات عايزة إيه إلا لو قريت أفكارهم، لأن مثلاً في الفيلم البطل اكتشف إنه كان محتاج بس شوية تركيز عشان يقدر يعرف كل الحاجات دي ويستمتع بيها.

 

إنت كمان مش محتاج معجزة ولا واقعة في البانيو عشان تعرف إن مراتك عايزاك تركّب ستارة للبلكونة، ولا محتاج تكون ميل جيبسون عشان تفهم إن خطيبتك عايزاك تيجي معاها فرح صاحبتها من غير ما تعلق ع الفستان والمكياج وتعكنن عليها اليوم، ولا محتاج تتكهرب عشان تعرف إن بنتك كبرت وبتحط روج وهي رايحة الدرس وإن ده طبيعي جدًا ومش المفروض تتعاقب عليه.

 

إنت محتاج شوية تركيز، شوية تركيز ومعاهم شوية تفهّم، محتاج تخرج برة نفسك شوية وتحاول تعرف الستات اللي في حياتك عايزين إيه، عشان الحياة مش بالبساطة الموجودة في الأفلام، ومفيش حاجة هتحصل هتخليك تفهم اللي بيحصل زي ما حصل في الفيلم وتنقذك من الخساير اللي هتحصلك لما تعيش طول حياتك مش فاهم هي الستات عايزة إيه.

 

المقالة السابقةلكل أم.. مبروك كسبتي معانا قوة خارقة
المقالة القادمةقصة مسلسل مطلوب رجال: هل يطرح قضية المرأة العربية بصدق!
إنجي إبراهيم
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا