Visioneers عشرة آلاف سبب للسعادة

509

كلنا موظفون لدى السيد “چيفري”، فالسيد “چيفري” يمتلك كل شيء، يمتلك المصانع ومِحال البقالة والمدارس.. كل شيء يحمل علامته التجارية، وإن كنت تريد أن تحصل على وظيفة مضمونة وتحيا حياة رغدة، فيجب أن تعمل لديه، وإن رفضت ذلك فأنت مطرود حتمًا من رحمته. حتى هذا الكتاب الذي يحتوي على عشرة آلاف سبب لتكون سعيدًا مطبوع في مطبعته، وهذا البرنامج الشيق الذي يتحدث عن أهمية هذا الكتاب يُبَث من خلال محطته الفضائية، ومحل الوجبات السريعة الذي يخبرك أن السعادة في طعم دجاجه المقلي مِلك للسيد “چيفري”.. كل شيء عدا الأخ الشقيق لـ”چورچ واشنطن” و”كاريزما” زميلته في العمل، فكلاهما ترك عمله سعيًا وراء أحلامه. 

 

أنا أخشى الحزن بشدة.. أبتعد عنه.. أتجنبه.. أنكره إنكارًا.. أرفض أن أبكي.. حبست دموعي مرارًا وتكرارًا حتى أصبحت أعجز عن البكاء. بحثت عن السعادة كثيرًا.. في الحفلات الغنائية، وفي دور العرض ثلاثية الأبعاد، وفي المطاعم الفاخرة. ادَّخرت المال من أجل شنطة باهظة الثمن، وتمنيت اقتناء سيارة فارهة.. تصورت نفسي أجلس بداخلها أستمع إلى موسيقاي المفضلة لا يقتحم سعادتي أحد.. لم أترك دربًا إلا وبحثت عن السعادة فيه، ولكني لم أكن سعيدة قط.

 

هو أيضًا لم يكن سعيدًا، بالرغم من امتلاكه كل شيء، كان يخاف من الموت حزنًا وكان يبحث عن السعادة حوله فلا يجدها.

“چورچ واشنطن” ليس هو رئيس الولايات المتحدة الأمريكية الذي نعرفه جميعنا، وإن كان يحمل اسمه ويحتفظ بصورة له في مدخل منزله، ويأتي له في الحلم من وقت لآخر، بل هو موظف في الدور الثالث في شركة من شركات السيد “چيفري”، هذه الشركة من خمسة أدوار، من وصل للدور الخامس فقد تقلّد أعلى المناصب، ومن هم في الدور الأول لا زالوا على بداية السلم. إذًا من هم في الدور الثالث موظفون لم يصلوا بعد، ولكنهم قطعوا شوطًا كبيرًا، فـ”چورچ” لديه كل شيء، سيارة حديثة، منزل ضخم، زوجة جميلة وابن. يعرف جيدًا أن سبب امتلاكه كل هذه الأشياء هو عدم خروجه عن القطيع. لكن كما تقول جدتي “الحلو ميكملش”، فهو لديه أحلام، والأحلام إذا لم تتحقق تتسبب في الحزن.. والحزن سيد الانفجار.

 

عندما شاهدت فيلم  Visioneersللمرة الأولى أصابني الفزع، فأنا لم أدرك خطورة الحزن الكامن بداخلي، و”چورچ” لم يدركه أيضًا حتى تبدأ الانفجارات، فمِن حوله ينفجر الآخرون حزنًا وكبتًا، أول أسباب الانفجار الأحلام غير المحققة، والانفجار بات وشيكًا.

 

ما كان يؤنس وحدته سوى “كاريزما” التي تهاتفه من الدور الرابع، تتحدث معه عن العمل وغير العمل، وترسل له عمله مع قصاصة ورق تحمل وجهًا مبتسمًا، ومع كل ابتسامة يقل إحساسه بالحزن، ولكن “كاريزما” تترك العمل، فهي لم تجد جدوى من امتلاك كل شيء، فهي ليست سعيدة، تركت عملها لتترك “چورچ” خلفها، لا يتبقى له سوى أوراق العمل دون الوجه المبتسم. 

 

يعود “چورچ” يومًا إلى منزله ليجد زوجته قد بدأت رحلتها في البحث عن السعادة، اشترت كتابًا يتحدث عن مسببات السعادة، عشرة آلاف سبب لتكون سعيدًا، حتمًا سوف تجد بينها واحدة مجدية، وفي أثناء رحلتها في البحث عن السعادة نسيت حقًا من تكون.

 

في الجهة الأخرى من ساحة منزله يقطن أخوه الذي ترك عمله بحثًا عن سعادته، نثر ألعابًا في الحديقة، أثناء لعبه بدا مغامرًا حقًا، فاستقطب مريدين، وكلما زاد عدد اللاعبين زادت الألعاب. 

يا إلهي! كل هؤلاء يخشون الانفجار؟! الانفجارات تزيد.. كل يوم خبر جديد عن أناس انفجروا، كل من حول “چورچ” ينفجر، مدرب التنمية البشرية الشهير، أحد زملائه في المكتب، أحد مذيعي البرامج الحوارية.. الجميع ينفجر. 

 

عندها يجد “چيفري” حلاً سحريًا.. Visioneers فور تركيبه، فهو يجعلك لا تشعر شيئًا، جهاز مانع للانفجار.

مع زيادة الانفجارات يصدر قرار جمهوري بتركيب هذا الجهاز لكل من هم على وشك الانفجار.

يشعر “چورچ” بالخوف، فيبدأ رحلة البحث عن “كاريزما”. يجدها سعيدة جدًا مثل تمثال شمع مبتسم، نعم، لقد وضعوا لها الجهاز المانع للانفجار، ليست تلك الفتاة التي كان يحدثها في الهاتف. هل يعود أدراجه أم يتقبلها بسعادتها الزائفة أم ينزع عنها الجهاز وليكن ما يكون؟ وبالفعل ينزع الجهاز لتعود” وعندما تعود حزينة تتذكره جيدًا، عندها يشارك كل منهما الآخر حزنه.. فما السعادة إلا اعتراف بالحزن.

 

في بعض الأحيان علينا أن نترك الحزن يقودنا لنرى ما حولنا بشكل أوضح.. فقط علينا أن نجد من نشاركه هذا الحزن حتى لا نموت كمدًا.

 

المقالة السابقةلماذا من الرائع أن يكون طفلك عنيدًا؟
المقالة القادمة9 بدائل رخيصة لمنتجات العناية بالبشرة والشعر

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا