ثلاثة أخطاء فادحة عن المستقلات وقع فيها مسلسل “ليه لأ”

2510

عافية ذوق طول ما أنا صاحبة حقوق مش هكون مكسورة ولا هبان ضعيفة

عافية ذوق شايفة إن مكاني فوق واللي عاشت ملكة مش هتعيش وصيفة

كانت تلك هي الكلمات التي أثارت انتباه المشاهدين بصوت آمال ماهر، بداية من الثلث الثاني لشهر رمضان، مع مشاهد لأمينة خليل بثوب الزفاف تجري هاربة مما يبدو أنه حفل كتب كتابها. تحمَّس المشاهدون للمسلسل المرتقب، والذي كان من المفروض أن يعرض في النصف الثاني من الشهر الكريم، ثم للظروف التي يمر بها العالم تقرر تأجيل عرضه، وبدأ يُعرَض منذ أسبوع على منصة “شاهد” المدفوعة، بواقع ثلاث حلقات في الأسبوع.

المسلسل من بطولة أمينة خليل في دور “عاليا”، الفتاة التي تكتشف فجأة أن هناك حياة يجب أن تعيشها، فتقرر البدء من الصفر بعد بلوغها سن الثلاثين، وتهرب قبل التوقيع على عقد زواجها بثوانٍ. وهالة صدقي في دور الأم التي رحل زوجها وترك لها ابنتين لتربيهما بالشدة والحزم، والتي لا تقبل تصرفات ابنتها الصادمة، خصوصًا أن ابنتها تلك كانت مطيعة أكثر من أختها. ويشارك في المسلسل الكثير من النجوم مثل شيرين رضا في دور الخالة المتحررة، وهاني عادل في دور الخطيب المصدوم، ومحمد الشرنوبي ومريم الخشت وغيرهم. المسلسل من إخراج مريم أبو عوف، وكتبه ورشة كتابة “سرد” تحت إشراف مريم نعوم.

المسلسل فكرته جريئة، والتمثيل جيد جدًا خصوصًا هالة صدقي، تؤدي دور الأم ببراعة شديدة دون أي مجهود، وكأنها لا تمثل ولكنها تتعامل بطبيعتها، أيضًا شيرين رضا في أحسن حالاتها تمثيليًا، أما أمينة خليل البطلة التي يحمل المسلسل اسمها فقد كانت على قدر المسؤولية، طبيعية جدًا ومقنعة في الانفعالات المختلفة التي يتطلبها منها تصاعد الأحداث.

وماذا عن الكتابة؟

الكتابة العمود الفقري للعمل. حسنًا، نحن هنا اليوم لنتحدث عنها، حيث وقع المسلسل في عدة أخطاء فادحة لا يجب أن يقع فيها، لأنه من المفترض أن هذا العمل له هدف، وهدفه هو توضيح وجهات نظر الفتيات المستقلات، وله رسالة، وهي أن يفك الاشتباك بينهن وبين المجتمع الذي يوصمهن باستمرار. الفن بشكل عام لا يجب أن تكون له رسالة، بل التسلية في حد ذاتها كافية جدًا، ولكن هذا العمل بالتحديد يدعي أنه ليس كذلك، ولذلك كان يجب أن نوضح ما هي الأخطاء التي ارتكبها المسلسل في حق الفتيات المستقلات.

أولاً: المستقلات لا يهربن

لحظة التنوير التي تعتمد عليها قصة المسلسل هي هروب البطلة العروس لحظة التوقيع على كتب الكتاب، شيء منطقي، صادم لكنه منطقي، نحن لا نحكم أخلاقيًا على عمل فني، وغالبًا ما تحدث لحظة التنوير فجأة، ولكن أن تعتمد الشخصية الأساسية الهروب كتكنيك لمواجهة كل ما تتعرض له في الحياة، فهذا هو غير المنطقي. الفتيات المستقلات اللاتي يخترن طريقهن لا يهربن، البطلة لا تمثلهن في هروبها من مواجهة أمها في البداية، ومواجهة عمها عندما منعها من العمل في مصنع أبيها على خلفية رغبتها في الاستقلال، وذلك بعد هروبها من منزل أهلها، ثم هروبها من أول تحدي حقيقي تواجهه في حياتها الجديدة، عندما تعرضت لموقف واحد صعب في عملها كسائقة لحساب شركة توصيل، الفتيات المستقلات قويات ولا يهربن، وتصويرهن كشخصيات لا تواجه لا يفيد القضية في أي شيء، على العكس تمامًا، يرسخ لرفض المجتمع لهن ويبرره.

ثانيًا: التنميط ضار جدًا بالصحة

كي تخدم قضيتك لا يجب أن تشوه الآخرين، خصوصًا لو عن طريق الفن. الحياة مليئة بالنماذج المختلفة، لماذا إذًا لا نرى منها سوى نمط واحد فقط؟ خصوصًا لو كنا ندعي أننا نشارك في تغيير المجتمع.

الصديقة المحجبة مقهورة ومنسحقة لرغبات خطيبها الأناني، الذي لا يعير لمشاعرها أي اهتمام. وأختها المشغولة بمتابعة دروس أبنائها وتنسيق تمارينهم ومصالحهم يخونها زوجها، مع امرأة جريئة منفوخة الشفاه مشدودة الخدود. كل الآباء والأمهات في المسلسل غير متفهمين، متسلطين، حتى صاحب المطعم الذي يبدو متفتحًا خفيف الدم، طوال الوقت يحاول إشعار ابنه بالذنب. لماذا؟ البشر مختلفون، والفن الذي يتبنى قضية ما يجب أن يكون منصفًا، على الأٌقل حتى لا يتهمه أحد بالمبالغة أو بالتحيز ضد فريق لحساب فريق آخر.

ثالثًا: الاستقلال هو أن تكوني فاعلة

من المفترض أن المسلسل يناصر استقلال الفتاة، وأن يكون أمرها بيدها، وألا تخضع لتحكمات غير منطقية من أي كان، أن يكون أمرها بيدها وأن تكون هي الفاعلة. المشكلة في المسلسل أن البطلة لا تفعل أي شيء على الإطلاق، بدءًا من المسابقة التي عرفت عنها بالصدفة، والتي لم تتخذ أي خطوة حقيقية قبل أن يرسلوا لها ردهم بالموافقة، تنسى الصنبور مفتوحًا وتغرق الشقة فينقذ الموقف البواب وجارها الذي هو صديق صديقها، ثم ترغب في أن تلتحق بعمل جديد فيمنحها إياه صديق آخر، وترغب في تنمية موهبة التصوير فيوصلها صديق بأحد معارفه، وهكذا، من حولها ينقذونها دومًا، هي لا تفعل أي شيء، وهذا ظالم جدًا في حق الفتيات اللاتي يتحملن مسؤولية أنفسهن بالكامل، والمساعدات التي يتلقينها يرددن أضعافها، والصدف السعيدة لا تحدث في حيواتهن دومًا، بل يعملن بجد شديد ليحصلن عليها.

إجمالاً المسلسل يشبه الكتابة عن الحياة بدلاً من معايشتها، المسلسل لم يتعرض في الحقيقة للمشكلات التي تواجهها الفتيات المستقلات فعلاً، الصعوبات التي يواجهنها في العمل وحتى في تأجير الشقق. فتأجير شقة لفتاة وحدها أمر بالغ الصعوبة في مجتمعنا، وليس بالسهولة التي بدت في المسلسل، والحصول على عمل يؤمِّن إيجار شقة شاسعة في محيط وسط البلد أمر أصعب مما يتخيل صناع المسلسل، ودخول منزل الأهل لزيارتهم بعد هروب فتاة تحت جنح الليل شيء أشبه بالمستحيل، وحصول الفتاة المستقلة على احترام الجيران والبواب لا يتحقق أصلاً، ومع ذلك منح المسلسل بطلته كل هذه الامتيازات وكأنها سهلة، وكأن الاستقلال سلس جدًا يحدث دون أي خسائر، وفي ذلك إجحاف وإنكار لبطولة الفتيات المستقلات وما يكافحن من أجله في كل يوم حتى يحققن الاستقلال الحقيقي، وليس الاستقلال المنمق الآمن السعيد جدًا الذي حصلت عليه أمينة خليل في المسلسل.

اقرأ أيضًا: ونحب تاني ليه شخصية نرجسية ؟!

المقالة السابقةما فعله بنا كوفيد 19: خطوات على طريق التعايش
المقالة القادمةهذا هو الأب الذي تحتاجه ابنتك
إنجي إبراهيم
كاتبة وصحفية مصرية

2 تعليقات

  1. في كتير كلام منطقي في الحقيقة ولكن لما بنفكر في استقلال الفتاة بشكل عام يتسلط الضوء على طرفين عكس بعض أما منهزمة ومغيبة ومقهور أو قوية وعارفة حلمها وبتسعى ليه وبكده بتعافر لأجل استقلالها، الجميل جدا في المسلسل انه كان واقعي من ناحية شخصية البطلة بأنه مش كل الفتيات المستقلات بيكونوا جريئين ومتمردين على البيئة اللي ممكن تكون بتعارض نمط الحياة اللي البنات دول بيحلموا بيه ولكن كتير جدا الإنسان بيكون متلخبط ومتعثر و إلى حدنا ممكن يكون بعمر كبير كمان ولكنه فعلا مش عارف نفسه ولا عارف هوا بيحلم بايه فعلا وده ببساطة لأنه عمره ما جرب يعمل العكس كنت حشوف المسلسل عادي لو إنها رفضت و من الأول وقالت كل الكلام اللي انا حكون حافظته لأي إنسانة مستقلة عارفة بالظبط هدفها لكنها بتمثل شريحة من البنات اللي بيكتشفوا رغبات بداخلهم بعد ما يخوضوا تجربة معينة أو يحتكوا بشيء معين فبيخلق عندهم مشاعر واضحة ومحددة بأنه لأ مش ده اللي عاوزاه وبالنسبة لوجود ناس كتير بيساعدوها وأنه كان لازم تخلق فرصة من نفسها فده بكل ببساطة كان حيبقى تغير كبير ومفاجئ بالنسبة للشخصية المعروضة طبعا كثير من الفتيات المستقلان بتكون ظروفهم أقسى وأصعب بس ما تنساش انها نفس البطلة الرقيقة المذيعة كان حيكون مش مقنع ابدا لو من تاني حلقة لقينا شخصية محددة ومستقلة فعليا طيب هتلحق تتغير بالشكل ده إمتى مع التحفظ انه في حجات كتير مش منطقية من الأهل ومش مطابقة للواقع الحالي لكن شخصية البطلة متسسللة جدا بتغيرات أفعالها وتقبلها لأشياء جديدة بتواجهها لأول مرة أرجع وأقول الشخصية اللي شفناها لاتعبر عن الشخصيةالأنثوية القوية المستقلة المعهودة وده عادي جدا مش كل الناس زي بعض ومش بالضرورة المستقلة تكون حادة وقوية طول الوقت وجامدة وإلخ من اللي معروف في صفات في النص في ناس عندها خليط في ناس قوية بأوقات وضعيفة وهشة بأوقات تانية يمكن دفاعي كله منصب على شخصية البطلة لأنها سابقة في عمل الميكس ده من الصفات وده مش معناه انها هيرو أو فتاة محصلتش لكن ببساطة هي فتاة موجودة وأعتقد سهل جدا انه الكاتبة تجيب فتاة متمردة وجريئة ومستقلة ولو مش موافقة على شيئ يخصها هي ولها الحرية فيه تكسر الدنيا وتدافع عنه وطبعا ده المفروض ولكنها برأيي جابت الصفات المتناقضة في كاركتر واحد وده الأصعب

  2. حضرتك بتعترضى على أن المسلسل بيعرض فكرة الانفصال عن الأسرة أو الاستقلال أنها شىء سلس و ده فعلا انا حسيت بيه أعتقد أن ده مقصود عشان تشجيع شريحه معينه من البنات على كده لو البنات لقوا معاناه و ضغوط و حياة صعبه بعيده عن البيت الأسرى بالطبع حتى لو عندهم رغبه فى الاستقلال عن اسرتهم استحاله أنهم يستقلوا

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا