ما الذي علينا فعله إذا ما خاننا الرجال؟

639

انتشر على إحدى جروبات الفيسبوك النسائية “بوست” تتساءل صاحبته: ماذا ستفعلين لو اكتشفتِ أن زوجك يخونك؟ هل ستطلبين الطلاق فورًا دون معرفة التفاصيل؟ هل ستعاتبيه وتسألين أشياء مثل كيف ولماذا، فإن اقتنعتِ بمبرراته ستغفرين، أم ستتظاهرين بأنك لم تعرفي شيئًا ثم تبدأين بمراقبته لتتأكدي من خيانته ومن ثَم تنتقمين؟ هل ستبدأين التفكير بما قصرتِ فيه فدفعه للجوء امرأة أخرى؟ أم ستفضحينه لدى الأهل؟ أم “ستولعين فيه بجاز”؟

اختيارات كثيرة طرحها البوست، لتنحصر الإجابات بين المراقبة والانتقام، المعاتبة، أو الطلاق.

 

ما الذي علينا فعله إذا ما خاننا الرجال؟

يبدو أن هذا السؤال يشغل غالبية النساء إن لم يكن جميعهن، الكاتبة “نور عبد المجيد” واحدة من تلك النساء المهمومات بفكرة الخيانة، لا أعرف هل هذا نابع عن تجربة شخصية عاشتها أو عايشتها، أم أنه مجرد هاجس يُلح عليها فتتخلص منه بالكتابة! وإن كنت لم أقرأ لها من قبل، إلا أنني شاهدت رواياتها التي تحولت إلى مسلسلات درامية.

 

بدايةً من مسلسل “أريد رجلا”:

الذي يحكي عن “سليم” الذي أحب “أمينة”، امرأة من طبقة لا تُشبه البيئة الصعيدية التي جاء منها، ورغم اعتراضات والدته عليها لكنه يُصر على الزواج من المرأة التي أحبها، ليعيشا معًا حياة سعيدة وهادئة حتى يُنجبا ابنتهما الأولى، هنا تبدأ أم الزوج بالتدخل لرغبتها أن ترى لابنها حفيدًا ذكرًا، وحين تأتي خلفة ابنها الثانية أنثى أيضًا، تُقرر أن العيب من زوجته وأن على ابنها الزواج من أخرى لتُنجب له “الولد”.

 

وبالرغم من أن الابن مثقف ويعشق زوجته، لكنه أمام إلحاح أمه وتهديداتها له بأنها ستغضب عليه، ينساق وراء رغبتها فيتزوج من أخرى بالفعل، أخرى لا يُحبها ولا يراها كأنثى، بقدر ما هي بالنسبة إليه مجرد وعاء للإنجاب. وحين تعرف زوجته ما حدث، تُقرر عدم المواجهة، ثم تنتقم بأن ترفع قضية خُلع على زوجها وكيل النيابة، وأن تخرج على الملأ بأحد البرامج التليفزيونية تقول فيه إنها تريد الانفصال عن زوجها لأنه -باعتباره المسؤول عن جنس الجنين- لا يُنجب إلا الإناث، وأنها تريد ابنًا ذكرًا.

 

هنا ينقلب السحر على الساحر، وترد الزوجة الصفعة لزوجها أضعاف أضعاف، تنتقم منه فتطعن رجولته تمامًا كما مزَّق كبرياءها وأنوثتها، تفضحه بمقر عمله، وأمام الجميع بما فيهم أمه وأبناء بلدته، مُتهماه بنفس ما اتهمها به، حتى ولو كان ذلك يعني أن تخسر للأبد حب حياتها، الأهم هو ألا تخسر نفسها.

تعرفي على: قصة مسلسل مطلوب رجال

ووصولاً لمسلسل “أنا شهيرة“:

الذي يحكي عن “شهيرة” التي تربَّت على مبادئ واضحة وقاطعة، لهذا الألوان لديها إما أبيض أو أسود، لا مجال للرمادي أو أنصاف الحلول، هي امرأة كرامتها بالسماء، وإن كان لا حدود لعطائها وقوة تحملها، إلا أنها لا تُسامح أبدًا من تُسَوِّل له نفسه اغتصاب أي حق من حقوقها.

 

تقع “شهيرة” بحب “رؤوف” فتتفجر داخلها ينابيع للحب لم تعرف من قبل أنها تملكها، حتى أنها تتحمل غيابه عنها بسبب دخوله السجن لسنوات، دون أن تستسلم لإغراءات مَن حولها، ثلاث سنوات تتولى فيها مسؤولية العمل، البيت، رعاية والد الزوج الصحية، وطفل، لا تنتظر عوضًا سوى عودة زوجها لها لتحتمي بحضنه من أظافر الدنيا التي أرادت أن تنهشها بغيابه.

 

لكل هذا يأتي وقع خيانة زوجها لها فيما بعد شديد القسوة، فتتحول على إثره لطير جارح، على استعداد أن يفتك بكل مَن اقترب منها يومًا، وهو ما يدفعها للانتقام بالطريقة التي تظنها الأكثر عدلاً ومساوةً، إذ تخون زوجها لا لشيء سوى إذاقته من نفس الكأس المريرة، عساه يعرف أن الخيانة ليست محض نزوة أو لحظة، بل جرح غائر لن يندمل أبدًا.

 

“أمينة” و”شهيرة” ليستا النموذجين الوحيدين بالمسلسلين مَن تمت خيانتهما، واختياريهما على قَدر صَدمته أو رُبما المبالغة به، ليس رد الفعل النسائي الوحيد:

ففي “أريد رجلاً” هناك أم البطلة التي أحب زوجها امرأة أخرى فخيرته إما هي أو الثانية، ورغم كونه اختار زوجته كي لا يخسر ابنته، لكنه لم ينس يومًا تلك المرأة الأخرى، كما لم تغفر له زوجته حتى وفاتها أنه أحب غيرها، ليعيشا معًا حياة باردة لا روح فيها، يبدوان فيها كرفاق سَكن أكثر منهما زوجين.

 

أما في “أنا شهيرة” فهناك الجار الذي أحب البطلة، وحين رفضت الزواج به تزوج من أخرى تُحبه، عاملها جيدًا، شاركها بيته، ماله، مستقبله، لكنها لم تسكن قلبه ولو لحظة، وحين أشارت له المرأة الأولى، وحبه الأول بعد سنوات طويلة، لم يلتفت إلى زيجته التي ستنهار وبناته اللاتي قد يبتعد عنهن إذا ما علمت زوجته، لم يفكر مرتين في تجاوز حدوده مع امرأة لوالدها أفضال عليه ويربطه به عمل وبزوجها عشرة وصداقة، بل استسلم فورًا لرغباته وليذهب كل شيء للجحيم.

 

هنا يطرح السؤال نفسه: لماذا يستسهل الرجال الخيانة؟

هل تتمكن منهم شهوتهم، أم أن رهانهم الأول والأخير يكون على قدرة المرأة على الصفح والعفو، مُدركين أنهم إن كانوا لا ينظرون إلا تحت أرجلهم، إلا أن النساء سيكُن أكثر حكمةً ونضجًا، فينظرن للصورة ككل، رافضات هَدم المعبد على رأس الجميع بسبب ذلة واحدة؟

 

حسنًا.. دعوني أخبركم أن بقدر حب المرأة للرجل وبعمق الجرح والوجع يأتي انتقامها عنيفًا وصادمًا، صادمًا ليس للرجل فحسب بل وللمرأة نفسها، ذلك لأن رد الفِعل في أغلب الأحوال يكون مختلفًا تمامًا عما ظنت المرأة أنها ستفعله إذا ما وُضعت بهذا الموقف.

 

وبناءً على معرفتي بنساء تمت خيانتهن، اكتشفت أن من ظنن أنهن سيغفرن أو سيقبلن وجود أخرى بحياة أزواجهن عجزن عن الصفح وقررن الانفصال، أما مَن اعتقدن أن كبرياءهن سيمنعهن من التفاوض، صبرن واحتسبن بل وقبلن الرجل حين انتهى من نزوته وعاد مرة أخرى. بعضهن تجاوزن الأزمة مع الوقت ونجحن في الاستمرار، في حين أن أخريات تظاهرن بأن كل شيء عاد على ما يرام، لكن داخل قلوبهن تبدد الشعور بالأمان، وتهدّم جزء كبير من حائط السند، فتضاءل الحب، وسُكِنَت الروح بالوَحشة والخذلان.

 

المُرعب في مُعايشة تلك التجارب مع من حولنا هو أنها تجعلنا نُدرك أن الواقع غير الخيال، وأننا لسنا بالضرورة نُشبه ما نتصوره عن أنفسنا، وأن في لحظة السقوط الحقيقية، الكثير من الأمور تدخل في التصفية والحسابات، ما يجعل قرارنا قد يختلف باختلاف الوقت والأولويات والاحتياج.

 

هنا يصبح الخوف ليس من أن يخون الرجال، بل من ردود أفعالنا إذا ما دار الزمن دورته وأصبحنا نحن تلك النسوة اللاتي تُخان، ويصير أقصى ما نتمناه إذا تمت خيانتنا أن يمنحنا الله القوة والجسارة على لملمة أشلائنا، والمضي بالحياة دون أن ننكسر أو نضطر للخنوع لوضع يُحطمنا نفسيًا، لاعتبارات مادية أو أسرية أو اجتماعية. فالحياة دون رجل ليست مستحيلة، المُستحيل هو اختيار حياة لا نملك فيها الجرأة على النظر لأعيننا بالمرآة.

 

 

المقالة السابقةقمرتسكنه الأغاني.. كوخ ينشد أغنية
المقالة القادمةعذرًا جيل الألفينات .. إلا فريندز
ياسمين عادل
امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفن بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا