دراما رمضان تقليد واستسهال وعودة للقديم

382

خيم الترقب على الكثيرين قبل بدء شهر رمضان، أملاً في وجبة دراما رمضانية ساخنة، وفي قصص وحكايات تروي عطش شغفهم بعد الإفطار، في ظل عام كامل بلا أي مسلسلات، اللهم إلا مسلسل أو اثنين. وزاد هذا الترقب مع عرض كثير من “بروموهات” المسلسلات بشكل جذاب، والتي وعدت المشاهد بأحداث وحبكات تخطف انتباهه ولا تتركه إلا في نهاية الشهر الكريم

 

ولكن بعد انطلاق حصان الدراما الرمضانية بلا توقف، ظهر ما لم يتوقعه المشاهد من سرقة بعض صناع الدراما لقصصهم من أفلام أجنبية، وتقليد بعض المسلسلات لنفس المضمون الذي تقدمه، وأخيرًا العودة لأفلام الأبيض والأسود والاقتباس منها، وكأن المشاهد بلا ذاكرة.

 

اقتباس مسلسل “ضد مجهول

تطل علينا الفنانة غادة عبد الرازق هذا العام بشكل مختلف، فهي تظهر في دور المرأة الأم “ندى وصفي” التي ترغب في استكمال عملها في المجال الذي تحبه، وهو هندسة الديكور، ولكن زوجها يرفض ذلك، فتنفصل عنه وتتزوج بآخر وتعيش معه هي وابنتها، ولكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن، عندما تتعرض ابنتها للاغتصاب والقتل، وتغلق القضية بجملة “ضد مجهول”، فترفض “ندى” ذلك وتبدأ في البحث عن القاتل المجهول.

 

المسلسل مأخوذ من الفيلم الأجنبي  ” EYE FOR AN EYE”أو “العين بالعين” والذي أنتج عام 1996 من بطولة سالى فيلد وأد هاريس وكيفرسزرلاند، ويدور الفيلم حول “كارين ماكان” التي تعمل منسقة في أحد المتاحف، متزوجة من “ماك”، ولديها ابنتان “جوليا” 17 عامًا وهي ابنة زوجها الأول، و”ميجان” وهى ابنة “ماك”، وخلال عودتها في أحد الأيام من عملها وهي تتحدث على الهاتف مع ابنتها “جوليا” لتهنئها بعيد ميلادها، يدخل أحد الأشخاص ليعتدي على “جوليا” ويقتلها، بينما تسمع الأم كل ذلك، ويتم الكشف عن الجاني، وهو شخص يدعى “ربروت دوب”، ولكن لأن الأدلة غير كافية يطلق سراحه، ولا تهدأ الأم إلا بعد ملاحقته للثأر لمقتل ابنتها.

 

يبدو التشابه بين قصتي المسلسل والفيلم واضحًا، ولكن الأكثر إثارة للجدل هو أن مشهد اغتصاب الابنة وقتلها في كلا المسلسل والفيلم تم بنفس التكنيك دون أي إبداع، فحتى السرقة تمت في نفس المشاهد التمثيلية، فالأم في الفيلم كانت تتصل بابنتها عندما دخل هجم أحد الأشخاص على ابنتها واغتصبها وقتلها، واستمعت إلى ذلك كله على التليفون، وهو نفس المشهد الذي حدث مع غادة عبد الرازق بحذافيره.

 

وفي الفيلم حاولت الأم سريعًا الوصول إلى المنزل وكانت تجري في الشوارع بين السيارات بعد أن تركت سيارتها بسبب الزحام، وهو ما حدث أيضًا في مشهد غادة عبد الرازق، ليبدو الأمل بأن تقدم غادة عبد الرازق لونًا جديدًا من الدراما هو أمل مسروق.

 

مليكة.. ولنا عودة لأفلام الأبيض والأسود

يعد مسلسل “مليكة” البطولة الأولى للفنانة دينا الشربيني بعد عدد لا نهائي من الأفلام والمسلسلات الجماعية، في محاولة منها للانضمام لنجمات الصف الأول وعدم الاكتفاء بدور الممثلة المساعدة، ولكن ظهر التشابه بين تيمة المسلسل وتيمة فيلم “الليلة الأخيرة” من بطولة الفنانة فاتن حمامة ومحمود مرسي إنتاج 1963.

 

فقصة المسلسل حول “مليكة”  دينا الشربيني، وابنة خالتها “آية”، هما صديقتان مقربتان، وكانتا تحضران حفل زفاف ابنة النائب العام، وخلال الحفل يقع انفجار ضخم وتكون نتيجته موت “آية” وتشوُّه “مليكة”، وبعد عدة عمليات تجميلية، تظهر “مليكة” مرة أخرى، ولكنها تتعامل مع من حولها على أنها “آية”، مما يسبب حالة من الاضطراب بين أسرتي الفتاتين.

 

وهي نفس التيمة التي لعب عليها فيلم “الليلة الأخيرة” للكاتب يوسف السباعي، فهناك شقيقتان تستعد إحداهما للزواج، وخلال وجودهما عند الخياطة يحدث انفجار، والنتيجة وفاة إحداهما، بينما تظل الأخرى على قيد الحياة، فاتن حمامة، والتي تتقمص دور شقيقتها وتعيش حياتها لفترة طويلة حتى تستعيد ذاكرتها بعد 15 عامًا، ثم تبدأ معاناتها في التعرف على شخصيتها الحقيقية مع من حولها.

 

فالعناصر الأساسية التي بنى عليها عقدة الفيلم والمسلسل واحدة، وهي انفجار لغرض سياسي، ففي المسلسل التفجير هو عملية إرهابية، وفي الفيلم الانفجار غارة جوية. شقيقتان أو صديقتان مقربتان، إحداهما تموت وتظل الأخرى حية تعاني فقدان هويتها وتتقمص دور الأخرى المتوفاة.

 

سك على إخواتك”.. تقليد مسلسل “أحمد عيد” ولكن بنكهة صعيدية

البطولة الأولى للممثل علي ربيع، الذي استطاع خطف الأبصار بأدائه الكوميدي الهادئ، وإطلالته البسيطة على الشاشة، ولكن مسلسله الأول “سك على إخواتك” في حبكته الدرامية تشابه بدرجة كبيرة مع حبكة مسلسل “أزمة سكر” لأحمد عيد، والذي عُرض عام 2010، ويدور حول “سكر” الرجل الريفي البسيط الذي يرث ثروة طائلة من عمه الثري الذي كان يعيش في الولايات المتحدة الأمريكية، ولكنه يكتشف أنه سيشارك بنات عمه في تلك الثروة، اللاتي عشن في أمريكا لفترة طويلة، وتحدث المفارقات الكوميدية.

 

وهي نفس حبكة مسلسل “سك على إخواتك”، حيث أن “سعادة” أو علي ربيع، رجل صعيدي بسيط يضطر إلى الهروب من قريته الصغيرة في الصعيد، ويذهب إلى والده في القاهرة الثري جدًا، ويبدأ في إدارة أموال والده، ويفاجأ بوجود شقيقات له لهن أسلوب حياة مختلف عنه، وتقع المواقف الكوميدية بينهم.

 

خفة يد” و”ربع رومي”.. فخ الاستسهال يقتل المصداقية

ولأول مرة خلال الموسم الرمضاني لا يتشابه مسلسلان في أحداثهما فقط، بل في الأبطال والأدوار والمؤلف والمخرج! وهما “ربع رومي” و”خفة يد”، في مفارقة ساخرة وقاتلة.

 

فالحبكة الرئيسية لكلا المسلسلين تدور حول سرقة آثار، وإن اختلفت التفاصيل، والفنان محمد سلام في كلا المسلسلين يقوم بدور اللص، أما المفاجأة الحقيقة هي أن المخرج والمؤلف في كلا المسلسلين واحد هما على الترتيب معتز التوني، وتامر إبراهيم، الاختلاف الوحيد هو أن البطل في مسلسل “ربع رومي” هو مصطفى خاطر، أما في مسلسل “خفة يد” بيومي فؤاد، الذي يقوم بالمناسبة بدور لص في مسلسل “ربع رومي” أيضًا.

 

في النهاية كل ما سبق يجعلنا ندافع عن وجود رقابة أعمق على عرض الأعمال الفنية، هدفها الأساسي مراقبة جودة الأعمال والحرص على عدم وجود أي تشابه بينها، بعد انتشار الاستسهال من صناع الدراما الذي يستخف بعقل المشاهد وتفكيره، سواء في سرقة أحداث أو تقليد تيمة أو تشابه في عرض نفس الحبكات، وتبريرهم مثل “تبرير إخوة يوسف” بأنهم لا يفعلون ذلك سوى حرصًا على مصلحة المشاهد، وأن تلحق مسلسلاتهم موسم الدراما الرمضانية حتى لو كان ذلك على حساب الدراما نفسها.

 

 

 

المقالة السابقةساعة الفطار على عتبات الأوليا.. مفيش محب إلا انكرم
المقالة القادمةعن ذوي متلازمة داون (4): التعليم الدامج
إنجي الطوخي
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا