جناب السفير “نادر التركي”.. بالهنا والشفا

572

 

منار حازم

عند مشاهدتي للحلقة الأولى من مسلسل “بالحجم العائلي”، شعرت بتعاطف شديد مع السيد “نادر” يحيى الفخراني.

 

رجل مسن تمنع عنه زوجته “ثريا” ميرفت أمين رؤية أبنائه وأحفاده. هو لا يطلب الكثير، فقط زيارة واحدة في رأس السنة. ثلاثة أيام من عام كامل، ثلاثمائة خمسة وستون يومًا. شعرت أكثر بالحنق تجاهها وأنا أجدها تجمع أولادها جميعًا حولها في حفل خيري تاركة زوجها وحيدًا، ثم شعرت بالغضب عندما عرفت أنه طلب منها أن تسافر معه هي وأولادها إلى مرسى علم، تاركة خلفها حياتها السابقة من أجل بداية جديدة، وهي رفضت ذلك، لأصل إلى قمة غضبي لحظة سقوطه على الهواء مباشرة أمام الجميع بعد أن وبَّخته بشدة بسبب ظهوره على صفحته الخاصة على الفيسبوك وهو يرقص ويغني أثناء طبخه.

 

كانت قاسية القلب حادة وهي تخبر ابنتها الصغرى دينا هشام، التي كانت شاهدت والدها للتو يسقط مغشيًا عليه، أنه لا داعي للاستعجال.. علينا فقط أن نتأكد أن الأمر يستدعي سفرنا جميعًا.. هذه المرأة المتجبرة التي عينت “اللوا مدحت” سامي مغاوري في منتجع زوجها لينقل لها الأخبار.. لم تبرح مكانها للاطمئنان على زوجها المسكين إلا عندما أخبرها أنه مريض للغاية وبحاجة إلى تدخل جراحي عاجل، وأنه قد يفقد حياته بالكامل.. هذا فقط ما جعلها تبرح وتدع أولادها يسافرون لرؤية أبيهم أيضًا.

 

كانت لحظة مؤثرة عندما رأيت أبناءه يلتفون حوله نادمين على تقصيرهم في حقه.. يعدونه ألا يتركونه وحيدًا مرة أخرى.

 

ثم يستيقظ جناب السفير من غيبوبته فجأة بعد أن يرحل الجميع، أبناؤه والعاملون في المنتجع وزوجته، ليبقى وحيدًا مع طبيبه وابن أخيه وبئر أسراره أحمد مجدي.. ليتضح لنا جميعًا أنها كانت خطة منه ليرى أولاده.

 

أنا أشعر بالشفقة تجاهه، ولو أني وجدت هذا التصرف غير مسؤول على الإطلاق، ثم أشاهد ابنته الكبرى يسرا اللوزي تُحدِّث أخاها عمرو حسن يوسف، أنها لا تشعر شيئًا تجاهه، ولا تعلم لماذا هرولت نحوه مسرعة، ليخبرها أخوها أنه طوال حياته يلعب في حياتهم دور الضيف فقط، فلماذا الآن هم مطالبون بالشعور نحوه بأي شيء؟! أشعر بتقصيره نحوهم ولكني لا أتحامل عليه بشكل كامل، فزوجته هي من اختارت أن تُبعِد أبناءه عنه.

 

وعندما يغادر أولاده فور خروجه من المستشفى -بالرغم من علمهم بخطورة حالته- خوفًا من تدخله في أمورهم الشخصية، أشعر بالخذلان الذي شعر به، ولكني لا أشفق عليه، فهو في الحقيقة ليس مريضًا، وإن كانوا يعتقدون ذلك، ثم يقوم جناب السفير بالتصرف الذي وجدته صبيانيًا.. يدَّعي أنه على علاقة بإحدى العاملات لديه، ندى موسى، حتى يثير غيرة زوجته، التي تسافر على فورها هي وكل أسرتها الكبيرة، في محاولة منها لإيقاف المهزلة التي تعتقد أنها سوف تتم.

 

حتى الآن أرى أن السفير يبحث عن حق له في أن يقضي معه أبناؤه رأس السنة، لتبدأ وهو بين أسرته.. يضع خطة عظيمة لعشاء على أضواء الشموع، ورحلة بحرية، وإفطار جماعي.. فهو رجل مرح دائم الابتسام والتفاؤل، يعرف جيدًا كيف يقضي وقتًا جميلاً ينشر البهجة حوله أينما وجد ويحبه الجميع.

 

ولكن هل يحق للسفير أن يأخد كل العسل ويترك المشكلات خلفه؟

لماذا تجهَّم عندما عرف بانفصال ابنه الأكبر عن زوجته؟

لماذا ظل جالسًا وحيدًا حزينًا يومًا كاملاً دون أن يتحدث لأحد؟

لماذا انقطعت أنفاسه من الهرولة خلف ابنه الثاني عمرو صالح، الذي قرر أن يقيم علاقة مع إحدى النساء في مرسى علم، من أجل منعه عن تلك العلاقة؟

ولماذا صُدِم صدمة شديدة عندما علم بأمر اختطاف طليق ابنته المهذب الأنيق، رمزي لينر، لحفيدته، من أجل فدية مالية ضخمة؟

 

هل كان يبحث عن إجازة هادئة تنتهي بصلح بينه وبين زوجته وقصة حب بين ابن أخيه وابنته الصغرى، التي حملت سِفاحًا أثناء بعثتها في ألمانيا وأنجبت طفلاً هو لا يعلم عنه شيئًا؟

إجازة تنتهي بعشاء عائلي في رأس السنة، ثم يعود الجميع لما كانوا عليه؟

الإجازات.. فقط الإجازات؟

 

كان يزوهم في الإجازات، وعندما طعن في السن طمح في أن يزورونه فقط في الإجازات. ليصبح ضيفًا ثقيلاً، كأحد الأعمام من الريف يزورهم في العيد، أو كخال صعيدي يريد أن يُصلِح الكون في خمس ساعات يزور فيها أبناء أخته.. زيارة يحاول الجميع أن يبدون فيها مثاليين على أمل أن تنتهي.

 

عذرًا جناب السفير.. قد تكون زوجتك مُخطِئة أنها لم تضعك في الصورة معها في كل المشكلات، ولكن عندما يتحوَّل الانفصال العائلي لصراع من منا الأفضل، هذا ما يحدث.

 

من منا لا يحلم بالسفر إلى مرسى علم ليبدأ بداية جديدة على شاطئ البحر، راميًا خلفه كل ما مضى، باحثًا فقط عن حياة الراحة والرفاهية، ولكن المسؤولية تجعلنا جميعًا نختار أن نكون “ثريا”، حتى وإن أخطأت.. فهي حاولت وأنت لم تحاول.

 

قد أتمنى أن تستطيع إصلاح ما أفسده الدهر في غيابك، و”بالهنا والشفا” المسؤولية والحمل الثقيل الذي حملته زوجتك وحدها.

 

 

 

المقالة السابقةسناء.. سيدة تصاحب الأزمنة القديمة وتبيع الفرح
المقالة القادمةفي مسلسلات رمضان.. الاستحواذ باسم الحب

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا