فكرة انفصال الأبوين دايمًا تبدو لأول وهلة قرار في منتهى القسوة، رغم صلاحيته الشديدة في العلاقات اللي مبقتش تحتمل إنها تكمل، وبعد محاولات للاستكمال واللي بتبوء بالفشل، فبيكون القرار الصح والأكثر راحة للطرفين وللأولاد كمان هو الانفصال وعيش حياة مريحة لكل الأطراف، وده أحسن من الخناقات والمشاحنات والجو العائلي المتوتر اللي بيأثر على الجميع بأضرار نفسية.
لكن دة في عالم مثالي زي عالم الفيلم اللي هتكلم عنه هنا، هو مش عالم مثالي قوي، لكن على الأقل فيه قوانين بتحفظ حقوق الطفل من التشرد والعنف الأسري ومحاولات الأبوين الاستفزازية لبعضهم بعد الطلاق، ولأننا دايمًا لما بنتكلم عن الطلاق بنقول حرام عشان الأولاد بتتبهدل، وعمرنا ما فكرنا في الأم أو الأب بعد الطلاق حالتهم بتتغير إزاي.
فيلم النهارده هو فيلم من إنتاج فرنسي اسمه “لو كنت رجلاً” من إنتاج ٢٠١٧، وتم تناول الموضوع فيه بشكل كوميدي، وأنصح بمشاهدته للأمهات المطلقات للتخفيف عنهم، ولا ينصح بمشاهدته بمصاحبة الأطفال لو مش هتقدري تجاوبي على أسئلتهم.
تقدري تعملي بحث عن الفيلم باسمه الأصلي:
sij’étais un homme (2017)
ببداية الفيلم بنفهم إن “جان” البطلة واللي بتقوم بدورها الممثلة “أودري دانا”، وهي أم لابنة وابن صغيرين، مطلقة وأطفالها عايشين معاها مع وجود رعاية مشتركة من الأب، ولكن نظرًا لإن الأب تزوج بعد انفصاله عن “جان” فهو منشغل أكتر عن أولاده، فهي بتتحمل المسؤولية الكبرى، ومفتاح حل تويست الفيلم هو إننا نفهم إن “جان” أصبحت كلاً من الأم والأب تجاه الأبناء.
بتصحى “جان” في يوم وبتكتشف إن أصبح عندها عضو ذكري، ورغم ذلك شكلها وملامحها متغيروش، والعضو الذكري اللي نما لـ”جان” بين يوم وليلة هو أكبر اختصار للجملة الأشهر للأمهات المعيلات “أنا بقيت راجل”، واللي اختصرها المخرج العظيم فطين عبد الوهاب في فيلم “مراتي مدير عام” لما صلاح ذو الفقار قال لشادية إنه شايفها بشنب، لأن أي ست بتتحط في موقع مسؤولية بيكون فيها شيء من الروح الذكورية، ودي مجرد أسماء إنما كل إنسان مننا زي ما بيقدر يكون لين وقت الحاجة بيقدر كمان يكون أكثر قوة وقت الحاجة للقوة.
حياة “جان” بيسيطر عليها الرعب والفزع، وهي أصلاً شخصية جبانة بتخاف من أقل المسؤوليات العملية، بتؤدي دورها تجاه أولادها كما يجب لكن بقلق وخوف وحرص، دايمًا جسمها منحني، وبتهرب من مواجهة رئيسها، ونبرة صوتها متذبذبة وخافتة، بيتنمر عليها أصدقاؤها في العمل لأنها ضعيفة ومش متصالحة مع ذاتها.
لكن بيتغير كل ده لما بتبدأ تتعامل مع الجزء الزائد في جسمها على إنه جزء أصيل منها، بمعنى إنها زي ما هي أنثى فهي كمان اتفرض عليها يكون لها دور أقوى في حياتها وأكثر جرأة، مجرد ما تقبلت هذا الدور وتقبلت كونها تقدر تعمله بسهولة وبدون خوف قدرت تتغلب على العالم القاسي اللي حواليها، وكمان العالم ده وجهة نظره اتغيرت تمامًا عنها.
عكس صديقها “مارلين” اللي بيؤدي دوره الممثل “إريك ألموسنينو”، واللي كان منفصل عن زوجته وهو المسؤول عن احتضان أبنائه، ولكنه كان خايف يصرح بده في الشغل خوفًا من التنمر والاستهتار بيه، وعدم إعطائه وتأهيله مشروعات مهمة لتنفيذها.
أكتر فكرة حبيتها في الفيلم ده إنه بيخليك حابب تتقبل نفسك زي ما هي، حتى لو مشوهة ومضطربة، وحتى لو مش قادرة تتحمل أعباء الحياة، وإنه طبيعي تحزن وتبكي وتشيل الهم وتقع وتقوم، أهم حاجة إنك تكون متصالح مع نفسك وحاببها زي ما هي بنواقصها وعيوبها قبل الجميل اللي فيها، لأن دي بداية كل حياة سعيدة.