هل شعرتم يومًا أن حياتكم تبتعد عمّا كنتم تخططون له، فحاربتم من أجل البقاء داخل مساحتكم الآمنة، حتى إن لم تكن بهذا الأمان، فقط لأنكم تخافون حقًا من تغيير المخططات، حتى لو كنتم تعلمون أن هذه المخططات لا تستحق التضحية من أجلها؟ إن كنتم تمرون بهذه المرحلة، فربما عليكم مشاهدة هذه الأفلام، ربما تقنعكم بالخروج من دائرة الخوف التي تحيطون أنفسكم بها.
أحلى الأوقات
تولد “سلمى” في حي شبرا الشعبي، ترتبط بأصدقاء وجيران، ثم تنفصل والدتها عن والدها وتتزوج رجلاً آخر وتسكن في المعادي، وتجبر “سلمى” على ترك ونسيان كل ما يتعلق بشبرا. تتوفى الأم وتترك “سلمى” الشابة وحيدة مع زوج أمها، فتقرر “سلمى” ترك كل شيء، فهي لا ترتبط بأي شيء، حتى زوج أمها.
يترك لها الأب البديل إشارات ليدلها على وجوده في حياتها، ولكنها ترفض رؤية ذلك، وتجد نفسها تذهب في طريق آخر لتنضم مرة أخرى لصديقتيّ الطفولة، ورغم السعادة التي شعرت بها “سلمى” برجوعها لهما، لكنها رفضت الاستسلام للوضع الجديد كليًا، وظلت تحاربه حتى آخر لحظة.
لم تر “سلمى” ما رأته “يسرية” صديقتها، في أن عودة هذه الصداقة مجددًا، هي فرصة ثانية لاستعادة ما فقدته خلال السنين، لحظات السعادة المسروقة من تعاسة الحياة اليومية الروتينية العادية، رأت “يسرية” القدر وهو يعطيها فرصة أخرى للحياة بسعادة، ولكن بالرغم من أن هذه الفرصة كانت بالأساس من أجل “سلمى”، فهي لم تلتفت لها، بل وحاربتها قدر الإمكان، ولكن يبدو أن الفرصة الثانية عندما تظهر فهي لا تذهب هباء، بل تصر على تحقيق هدفها قبل أن تغادر.
Scent of a woman
عندما تكون شخصًا متقد الذكاء وسريع الانفعال، فبالتأكيد سيكون من الصعب عليك أن تفقد مكانتك في المجتمع ووضعك كضابط بالجيش بسبب إصابتك بالعمى. تصبح انفعالاتك حادة بشدة ولا أحد يتحمل البقاء جوارك لفترة ولو قليلة من الوقت. تلك هي حال الكولونيل “فرانك سليد”، الذي يقضي إجازة الصيف بصحبة الطالب “تشارلي سيمس”.
يضطر “تشارلي” إلى قبول هذه المهمة المزعجة مقابل الحصول على المال، وهي مراعاة العجوز الأعمى العصبي أثناء العطلة الصيفية، يشغل “تشارلي” الرجل العجوز بالمشكلة الأخلاقية التي يتعرض لها في المدرسة، وفي المقابل يعلمه العجوز أمورًا بشأن الحياة، ولكن ليس هذا هو المهم.
المهم في الأمر أن “تشارلي” دون أن يقصد، منح “فرانك” سببًا كي يحيا من أجله، وتحول من الرجل الذي يرغب بشدة في الموت، ويظل يحارب الإحساس الذي يشعر به، إلى أن يشعر أخيرًا بأهمية ما يقدمه لهذا الشاب الصغير، وأنه رغم فقدانه لبصره، فهو يستطيع أن يظل مؤثرًا ومهمًا في حياة الآخرين. لم يكن يحتاج لفتح عينيه كي يرى هذا الأمر، وإنما كان يحتاج إلى فتح ذهنه.
A man called Ove
رجل آخر يقرر أن يفقد كل ما كان يربطه بالحياة، بعدما فقد زوجته، والتي كانت هي رابطه الوحيد بالحياة، لذا يقرر أن ينهي حياته أخيرًا ليذهب إليها، ولكن القدر كان يخطط له أمرًا آخر، فأسكن بجانبه عائلة شرق أوسطية فوضوية قليلاً، تتدخل في حياته باستمرار.
يظل “أوفي” طوال الوقت في حالة مقاومة للوضع الجديد الذي أصبحت عليه حياته، ويصارع من أجل البقاء وحده لبعض الوقت، حتى يستطيع أن يحقق هدفه ويرحل عن الدنيا، حتى تستطيع المرأة أخيرًا أن تجعله يرى الدور الذي يمكن أن يؤديه في الحياة، وأن يصبح الأب الذي لم يكتب له أنه يكونه، وأن يكون امتداد الحب الذي كانت زوجته توزعه في الحياة.
King’s speech
لم يكن من المفترض أن يتولى الأمير “جورج السادس” عرش إنجلترا، فهو له أخ أكبر منه من المفترض أن يكون هو الملك، لذا لم يهتم “جورج” كثيرًا بمعالجة مشكلة التهتهة في الكلام، ولكن للقدر رأيًا آخر.
فبسبب رغبة الأخ الكبير في التنازل عن العرش من أجل الزواج من أمريكية، أصبح “جورج” فجأة هو ملك إنجلترا، وأصبح عليه محاولة علاج مشكلة التهتهة بشكل جدي والتخلص منها، فمن غير الممكن أن يكون ملك البلاد لا يستطيع الحديث، وخصوصًا أن وقتها كان الراديو قد اختُرِع.
هذا العلاج لم يكن هينًا رغم أهميته، وأكثر من مرة حاول “جورج” التملص من دروس العلاج بحجج واهية وغير حقيقية، ربما لأن في عقله الباطن هو لم يستوعب بعد أن الأمور من الممكن أن تتغير فعلاً، وأنه يمكن علاجه ويصبح من ملوك إنجلترا الصالحين، ولولا إصرار من حوله وحب زوجته، لكان تخلى بالفعل عن الأمر، وأهدر بنفسه فرصته الثانية التي منحها له القدر بطريقة غريبة لم يكن من الممكن تخيلها.
Finding Nemo
سمكة البهلوان “مرهف”، كان يحب الحياة والمرح، حتى أتت سمكة القرش لتقتل زوجته وكل البيض أطفاله، ما عدا بيضة واحدة، فقست هذه البيضة عن سمكة صغيرة سمَّاه “نيمو”، الذي وُلد بزعنفة قصيرة وضعيفة لا تتيح له السباحة بقوة.
منذ اللحظة الأولى لميلاد “نيمو”، علّمه أبوه أن يبتعد عن المخاطر، وأن يسلك الطريق المعلوم دون مرح، فآخر مرة كان فيها مرحًا مات الجميع. ولكن يشاء القدر أن يُختطف نيمو، وتشارك السمكة الفاقدة للذاكرة “دوري” رحلة الأب “مرهف” للبحث عن ابنه، و”دوري” على العكس تمامًا من “مرهف”، تأخذ الحياة ببساطة وتصاحب الجميع، يرفض “مرهف” مصاحبتها مرارًا وتكرارًا، ولكن يبدو أنه لا مفر منها.
كانت “دوري” بطاقة “مرهف” كي يعود إلى حياته قبل صدمة الفقد الكبيرة، ظل يطردها من حياته ولم يفلح، هو لا يريد تغيير حياته، هو فقط يريد العثور على ابنه كي يعطيه درسًا في ألا يبتعد عنه مجددًا، إلا أن مصاحبة “دوري” جعلت بعض الأمور تتغير بداخله، وأعطته فرصة جديدة للحياة بشكل طبيعي مرة أخرى.
في كل الأمثلة السابقة، حارب أبطال الفرصة، فرصتهم الثانية كي يكونوا أشخاصًا أفضل، ربما لم يكونوا يعلموا أن هذه الفرصة ستغير حياتهم للأبد وللأفضل، ولكن بالتأكيد أي حال وحياة أفضل من المعيشة طوال الوقت في إحباط أو خوف، أو محاولات متكررة للتخلص من الحياة، وعندما تجدون الحياة تمد يد العون لكم، تقَبَّلوها وسيروا معها الرحلة الجديدة، فليس هناك ما هو أسوأ من النقطة التي تقف فيها بالفعل.