أيام عصيبة نعيشها جميعًا، يوم بعد آخر صار العالم مكانًا أكثر مدعاة للقلق والتوتر، خصوصًا في ظل وجود جائحة الكورونا التي ما زلنا لا نعرف لها نهاية، والألم جراء فَقد الأحبة، وها قد زاد علينا الوجع الفلسطيني وتداعياته. وفيما لجأ البعض للعلاج النفسي أو الأدوية المهدئة ومضادات القلق كمحاولة للتعامل مع تلك الأوقات المريرة، هناك آخرون وجدوا في ممارسة الألعاب المتوفرة على هواتفهم وسيلة للتخلُّص من التوتر والضغط اليومي اللانهائي. فممارسة الألعاب لا تتمحور حول فكرة الفوز بالضرورة كما قد يظن البعض، وإنما كثيرًا ما تصبح هي الملاذ المثالي للراغبين في تهدئة أصواتهم الداخلية، والباحثين عن وسيلة للهروب والاسترخاء بعيدًا عن أشباح القلق والخوف التي تُخَيِّم على حياتهم، إيمانًا منهم بأنها الوسيلة الآمنة والسريعة لتصفية الذهن، ومنح العقل هدنة بسيطة من الإنهاك المستمر.
هل يوجد علاقة بين ألعاب الإنترنت والحَد من التوتر؟
بالرغم من أن القناعة السابقة جرى العُرف أن يعتنقها كل فرد من تلقاء نفسه، فإن الأبحاث والدراسات أثبتت أن ألعاب الفيديو والألعاب التي تُمارس عبر الإنترنت سواء عبر الحاسوب أو الهاتف أو الأجهزة اللوحية، ذات فائدة فيما يتعلق بتخفيف التوتر. ومع أن بعض ألعاب الفيديو ظهر أنها ذات تأثير سلبي على الأطفال كونها قد تجعلهم أكثر عنفًا وعدوانية أو أقل اجتماعية، لكن الأمر مختلف بالنسبة للبالغين، خصوصًا مع تفشي القلق والإجهاد، مما يجعل محاولة النعيم ببعض الاسترخاء ذي أهمية قصوى، بل وأولوية لبلوغ الصحة العقلية والنفسية.
لكن، وجب التأكيد أن الهروب من الضغوط اليومية باللعب -وإن كان فكرة سديدة كمُسَكِّن مؤقت بين حينٍ وآخر- فلا يعني اعتماده كوسيلة دائمة لتجنب مواجهة المشكلات أو معالجة المشاعر السلبية، لأن ذلك سرعان ما سيترتب عليه أضرار أكثر عمقًا على المدى الطويل.
كيف أثرت الألعاب بالإيجاب على مُستخدميها؟
وفقًا لإحدى الدراسات التي أجراها معهد العلوم السلوكية في هولندا، فإن اللاعبين المتمرسين الذين شعروا بالانزعاج خلال اللعب، استطاعوا ابتكار إستراتيجيات، مكنتهم من التأقلم مع التعامل مع مشاعرهم السلبية بحياتهم الواقعية، واللجوء للمواجهات المباشرة أو اتباع أسلوب حل المشكلات. والأهم أنهم صاروا أكثر وعيًا بدواخلهم وقدرة على مراقبة مشاعرهم، وإجراء اللازم للحفاظ على توازنهم النفسي وإدارة عواطفهم، وإيجاد حلول لمواجهة التوتر.
فيما أثبتت دراسة أخرى أن ألعاب الفيديو القائمة على الحركة لا تقلل من التوتر فحسب، وإنما تزيد من القدرات المعرفية للاعبين، وتجعلهم يتمتعون بسرعة البديهة بخصوص ردود الأفعال، بل وأكثر كفاءة في حل المشكلات، الأمر الذي سرعان ما سوف يترتب عليه الحد من التوتر أيضًا. إذ لوحظ بفحص اللاعبين خلال ممارستهم الألعاب التنافسية أو تلك التي تعتمد على التعاون، انخفاض مستوى توترهم بشكل ملحوظ، وشعورهم بمشاعر إيجابية واحترام تجاه الآخرين.
أما الاكتشاف الأكبر، فجاء من قِبَل بعض الباحثين الذين أثبتوا بالدراسات أن مَن يتعرضون للإجهاد المرتبط بالعمل أو المتاعب اليومية، أو هؤلاء من لا ينالون قسطًا كافيًا من الدعم ممن حولهم، وحتى من يبحثون عن وسيلة للتعافي، جميعهم يلجؤون لممارسة ألعاب الفيديو والهاتف كلما مروا بمواقف مرهقة.
ما هي الألعاب التي ينصح المتخصصون بها؟
مع تزايد أعداد الألعاب المتاحة يومًا بعد آخر، كان من البديهي أن يهتم الباحثون باكتشاف أيّ الألعاب أفضل، وفي حين أثبتت دراسات المعاهد الوطنية للصحة الأمريكية لعام 2019 أن ألعاب الفيديو عادةً ما تُقلل من الأعراض المرتبطة بالاكتئاب. لكنها بالوقت نفسه حذرت من الألعاب العنيفة، كونها ترفع من حدة الأدرينالين بشكل غير مرغوب فيه، وتجعل من يمارسونها أكثر عدوانية وعُرضة لإطلاق الضوضاء، وإن كان ذلك يحدث للمراهقين الذكور أكثر من الإناث. وفي المقابل أظهرت دراسة أخرى أن الحالة المزاجية والشعور بالإجهاد يتحسنان بنسبة كبيرة بين أولئك من يلعبون الألعاب البسيطة والسهلة، بالمقارنة بمن يتصفحون الإنترنت أو يقضون عطلة سلبية.
اقرأ أيضًا: 15 طريقة مجربة للتخلص من التوتر
كيف تختار اللعبة الأفضل لك؟
إدراك كل ما سبق على قدر قيمته، يظل الأهم هو معرفة كيف يمكن للشخص اختيار اللعبة الأنسب، إذ يختلف الأمر من شخص لآخر اعتمادًا على شخصيته واهتماماته، وهذه هي نوعيات الألعاب التي يمكن الاختيار من بينها:
أولاً: الألعاب العارضة أو العفوية
وهي تلك الألعاب التي يمكن تشغيلها لبضع دقائق فقط ثم إغلاقها، كونها تتضمن تحديات بسيطة أو مباريات قصيرة يمكن إيقافها بأي وقت والاحتفاظ بنتيجتها لحين الرجوع إليها. وبالإضافة للمتعة الناجمة عن ممارسة مثل هذه الألعاب، فإنها تمتاز كذلك بكونها غير مُرهِقة ولا تحتاج إلى تركيز ضخم، لكنها بالوقت نفسه مليئة بالتحديات، مما يجعلها أشبه باستراحة قصيرة مثيرة.
ثانيًا: الألعاب التعاونية
وهي نوعية الألعاب التي تشمل تحديات تعتمد على التعاون أو التنافس مع لاعبين آخرين، مما يُمكِّن صاحبها من إنشاء صداقات وعلاقات عبر اللعبة، وهو ما يحتاجه البعض ويستمتع به البعض الآخر. والأهم أنه يُمَكِّن اللاعب من تنمية مهارة حل المشكلات لديه، وتطوير بعض المشاعر الإيجابية المتعلقة بالمكسب والقوة وتقديم الدعم، بجانب اعتماد المرونة كأسلوب في مواجهة التوتر والإجهاد.
ثالثًا: ألعاب صُممت في الأصل للتخلُّص من التوتر
بعض الألعاب تم إنشاؤها خصوصًا لمساعدة من يلعبها على تعلم إدارة الإجهاد والشعور بالضغط بشكل أكثر فاعلية، وهي الألعاب التي تعتمد على ممارسة التأمل والتزام الهدوء، فيبدأ العقل بالشرود والاسترخاء، مما يقلل التوتر ويُساعد على تصفية الذهن.
رابعًا: الألعاب التي تنمي المهارات
عادة ما تساعد الكلمات المتقاطعة والألغاز وألعاب الذكاء التي تتطلب تفكيرًا سريعًا، صاحبها على بناء القوة الذهنية ومضاعفة قدراته العقلية وسرعة بديهته بالإضافة إلى تحسين قدرته على حل المشكلات، وليس فقط منحه الفرصة للهروب من الشعور بالإجهاد، مما يجعل الكثير من المتخصصين ينصحون بها.
خامسًا: الألعاب الممتعة
بصرف النظر عن كل الأنواع السابقة، أفادت بعض الأبحاث بأن ممارسة الإنسان للألعاب التي تمنحه شعورًا خالصًا بالاستمتاع، أيًا كان تصنيفها، كافيًا في ذاته لتفريغ التوتر ومساعدته على بناء المشاعر الإيجابية. كل ما على المرء فعله هو مراقبة مشاعره أثناء وبعد اللعب، ومن ثَمّ فعل اللازم بناءً على حدسه وملاحظاته الشخصية.
وإليكم بعض الأمثلة: 5 ألعاب للتخلُّص من التوتر
1. Monument Valley: لعبة ألغاز مختلفة ومميزة، أبطالها أم وطفلها يُحاولان استكشاف بعض المباني المذهلة معماريًا، غير أنهما يواجهان بعض التحديات الناتجة عن الأوهام البصرية وتحرُّك هياكل تلك المباني خلال رحلتهما، الأمر الذي يجعل وصولهما لخط النهاية عملية تستلزم بعض المجهود، وهو ما يأتي مصحوبًا بألوان ورسومات وموسيقى ناعمة تبعث على الاسترخاء.
يمكنكم تحميل اللعبة من (هنا) و(هنا).
2. Find Out – Hidden Objects: فكرة هذه اللعبة تعتمد على البحث عن الأشياء الخفية والأحجيات وحل الألغاز الشيقة، المصممة بعدة أشكال وأوضاع تزيد من الإثارة، خصوصًا أنها تتضمن مستويات متفاوتة وأقسام مختلفة تُعزز العديد من المهارات.
يمكنكم تحميل اللعبة من (هنا) و(هنا).
3. CANDY CRUSH SAGA: “الهروب من ضغوط اليوم”، هذه هي افتتاحية لعبة “كاندي كراش” الشهيرة التي حرص صناعها على توفير كل السُبل اللازمة لإسعاد اللاعبين وإزاحة التوتر اليومي عنهم. ولعل ما يميز اللعبة بجانب ألوانها الزاهية، احتواؤها على آلاف المراحل، لتظل مُتاحة إلى ما لا نهاية، فإذا كنتم من مُحبيها يُمكنكم كذلك ممارسة الألعاب الكثيرة التي على الشاكلة نفسها.
يمكنكم تحميل اللعبة من (هنا) و(هنا).
4. Prune: أما إذا كنتم من محبي ألعاب النباتات، فقد تفضلون هذه اللعبة المبنية على قيام اللاعب بزراعة الأشجار وتقليم الأغصان بالطريقة التي يفضلها، مما يسمح للشجرة بمزيد من النمو وتفتح الأزهار، ومن ثَمَّ الارتفاع والاقتراب من الضوء. كل ما على المُستخدم فعله هو الحرص على سلامة الأشجار ومنحها الفرصة لتجنُّب العوائق التي قد تحول دون نموها باتجاه الشمس. جدير بالذكر أن اللعبة تتضمن عددًا قليلاً من المستويات، ليصبح من السهل الانتهاء منها بالكامل في وقت قصير.
يمكنكم تحميل اللعبة من (هنا) و(هنا).
5. Coloring Book for Adults: خلال السنوات القليلة الماضية لم تعد كتب التلوين للصغار فقط، وإنما صارت ملاذًا للبالغين أيضًا الراغبين في نسيان همومهم والغرق في الخطوط والألوان، من جهة للشعور بالإنجاز ومن جهة أخرى لاستحضار الهدوء والتخلُّص من القلق والسماح لطفلهم الداخلي بالخروج والاستمتاع لبعض الوقت. كل ما سبق يمكنكم الحصول عليه من خلال عدة ألعاب وإن كان أشهرها وأفضلها ” Colorfy: Coloring Book for Adults” و” SRCH! Brain training & anti stress coloring games”.
يمكنكم تحميل اللعبة من (هنا) و(هنا).
اقرأ أيضًا: أهم تطبيقات الموبايل للفريلانسرز، تطبيقات إدارة المشاريع والوقت