بقلم/ مي فتحي
يتضمن مفهوم المرض النفسي الكثير من المفاهيم الخاطئة والخرافات، التي لا تمت للواقع بصلة، بعضها كان نتاج الخوف من التعامل مع فكرة المرض النفسي والخلط بينه وبين المرض العقلي، وبعضها نتاج أحكام المجتمع التي تميل إلى المبالغة في إظهار الجانب المظلم فقط من فكرة المرض النفسي وإصباغ حالة لا واقعية على المرضى النفسيين.
وبجانب كل الأمثلة المعروفة لهذه الحالة من الخلط وسوء الفهم، هناك العديد من الأمثلة والممارسات التي ما زالت متوغلة في تصرفاتنا، والتي نقوم بها لا إراديا، دون وعي كامل، وفي هذا المقال سأحاول حصر بعض هذه الخرافات بشكل سريع.
1 – البالغون فقط يتعرضون للمرض النفسي
المرض النفسي ليس حكرا على البالغين فقط، بل يتعرض له الأطفال والمراهقين أيضا.. هناك الكثير من الصعوبات التي تقابل هاتين الفئتين في أثناء مراحل النمو والنضج المختلفة، لكننا لا يجب أن نعتبر أنهم محصنين ضد الأمراض النفسية أو أنهم لا يصابون بها.
الحقيقة أن 1 من أصل 5 من المراهقين والأطفال يعانون من مرض نفسي ما، ويعانون في التعامل معه، وأغلب الظن أن ذلك نتيجة لعدم إدراكهم أو إدراك الأهل بحقيقة أنهم أصيبوا بمرض نفسي ما.
في الحقيقة هناك دراسات تؤكد أن العديد من الأمراض النفسية الشهيرة كالاكتئاب والقلق وفقدان الشهية وغيرهم، تكون قد بدأت مع المصابين بها في مراحل الطفولة والمراهقة.
2 – تعرض الطفل للمرض النفسي هو خطأ الوالدين.
لا يجب لوم الوالدين فقط على تعرض أطفالهم للمرض النفسي، فهناك الكثير من العوامل التي تكون خارج سيطرة الأهل، والتي من شأنها التسبب في الاضطراب النفسي لدى الأطفال.
من أهم هذه العوامل عامل الوراثة والعوامل البيولوجية، وهناك أيضا البيئة المحيطة بالطفل، التي قد تسبب له الإجهاد والإرهاق، مما ينعكس على صحته النفسية، هناك أيضا احتماليات تعرض الجنين للمخدرات أو الكحول، ما يجعله أكثر عرضة للإصابة بالأمراض النفسية.
3 – الأشخاص الذين يعانون من مشاكل نفسية “مجانين” ويشكلون خطرا على المجتمع.
اغلب من يعانون من صراعات مع المرض النفسي كالاكتئاب والقلق وغيرهما، يستطيعون ممارسة حياة طبيعية جدا، ولا تختلف كثيرا عن حياة أي منا، لكنهم بالتأكيد يختبرون مشاعر وسلوكيات قد تؤثر على أنشطتهم اليومية.
4 – الأشخاص المصابون بانفصام الشخصية يتصفون بالعنف
الحقيقة هي أن هناك نسبة ضئيلة من المصابين بانفصام الشخصية يمكن تصنيفها على أنهم أشخاص عنيفين، وجزء ضئيل جدا من العنف الموجود في المجتمع يمكن إرجاعه لهؤلاء المصابين، هناك دراسات تقول إن الأشخاص المصابين بمرض نفسي هم عرضة ليكونوا ضحايا عنف أكثر منهم مسببين للعنف.
5 – العلاج بالصدمات الكهربائية وحشي وهمجي وتعذيب للمرضى.
العلاج بالصدمات الكهربائية من أكثر الوسائل الفعالة لعلاج الاكتئاب الشديد، والذي لا تصلح معه الأدوية المضادة للاكتئاب، تصور السينما العالمية العلاج بالصدمات بشكل وحشي للغاية، ويبدو وكأنه بهدف التعذيب لا العلاج، مما يعطي فكرة خاطئة تماما عن هذه الطريقة العلاجية.
6 – الاكتئاب مجرد خلل في شكل الحياة ويمكن الخروج منه بسهولة.
تظهر الدراسات أن الاكتئاب لا ينتج بسبب كسل الشخص أو ضعفه، وأنه سينتهي ما إن يخرج الشخص للعالم ويمارس حياته، الاكتئاب ينتج بسبب خلل في كيمياء الدماغ ووظائفها.
7 – لا يمكن التحسن من المرض النفسي.
العلاج ينجح، طرق علاج المرض النفسي في تطور دائم، والعلماء يطورون الكثير من وسائل العلاج الجديدة كل يوم، لذلك فعلاج المرض النفسي يصبح أسهل وأكثر نجاحا يوما بعد يوم.
