لمَّا جسمك يخونك

894

بقلم بولا سامي

كنت تعرّضت في فترة من حياتي لنوبات هلع Panic attacks؛ بسبب ظروف معينة عدّيت بيها. وكنت متضايق جدًا، وقلقان جدًا، وخايف جدًا .. وكانت بتجيلي النوبات دي في الشغل، وساعات في الجيم وكثير جدًا في البيت وأنا لوحدي .. وكنت مش بكون عارف أتصرف ازاي .. فاكر أني كنت بسيب الجيم علشان مكنتش قادر أكمل لعب، وبستخبّى في حمام الشغل لحد ماتعدي، وأبقى كويس. وكان الموضوع كأن جسمي بيشتكي، ومش قادر أستوعب أن كل ده بسبب المشكلة اللي حصلت .. (أنا كشفت طبعًا، وعرفت أن الموضوع نفسي مش بدني خالص).

الحيرة أن حجم مشاعري اللي جوايا بالنسبة للمشكلة ماكنش كبير للدرجة؛ اللي أنا شُفت ردّة فعلها على جسمي. وعلى الرغم أني كنت متصالح مع جسمي، وبيني وبينه لغة حوار وفهم بعد مشوار طويل؛ لكنْ كانت الأزمة دي مخلياني مستغرب؛ أنا وصلت ليه للدرجه دي! .. وساعتها كانت الرياضة بالنسبة لي صعبة، ومعنديش مُتنفس زيها علشان أقدر أفرّغ فيه مشاعري. وخصوصًا أنها كانت وسيلة مهمة بالنسبة لي.

حاولت أتكلم في اللي حصل مع حد، بس لقيت نفسي بتعب أكثر مش برتاح، ولقيت أني بعمل replay للمشاعر اللي حصلت؛ لأن واضح جدًا أني مقدرتش أعدّي اللي حصل، وأن السبب الواضح للضيق اللي جوايا كان وراه أسباب كثيرة جدًا .. بمعنى …؟

أنا كنت فاكر أن المشكلة اللي حصلت لوحدها، كانت السبب في النوبات دي. بس طلع أنها تراكمات، والحدث الأخير هو اللي خلى الموضوع تفاقم كده .. أنكرت كذا مرة مشاعر جوايا كثيرة، وحاولت أضحك على نفسي، بس واضح أني معرفتش أهرب. ووصلت لمرحلة أني كنت بعدّي أمور كثيرة ووصلت لمرحلة أن جسمي خانّي ومقدرش يستحمل حجم المشاعر المؤلمة اللي أنا كنت بهرب منها.

مكنتش قادر أواجه لمّا جات لي النوبات. بس اللي حصل خلّاني أفهم جسمي ليه كان تعبان كده .. وساعتها قررت أني لازم أرتاح يومين جسمانيًّا، وأبعد عن أي إجهاد. واليومين دول أتفرج على حاجات لطيفة ممكن تبسطني؛ لأن كان أي احتكاك بأي مشكلة بيتعبني.

كنت بأخذ شاور بارد في أوقات كثيرة؛ لمّا كنت بحسّ أن فيه حاجة زي الحجر واقفة على صدري، أو أمسك ثلج فترة لحد ما الإحساس ده يروح؛ علشان كنت بحسّ أوقات أني مش قادر أتنفس. وكان المُشير دايمًا يقول لي: تعامل مع جسمك الأول، وبعدين مشاعرك .. علشان تقدر تتعامل مع اللي بيحصل.

عدّى تقريبًا أسبوع أو 10 أيام، لحدّ ما النوبات دي مابقيتش تيجي .. وحسيت أني أهدأ، وقدرت أتكلم في اللي حصل مع حد .. واكتشفت أن الخوف والغضب الشديد كانوا مُسيطرين عليّ جدًا .. ومش قادر أنسى أن لمّا حد طبطب عليّ من غير مانتكلم، ده خلّاني أهدى كثير .. وكأنه تفهم اللي بيحصل.

أوقات زحمة الحياة مع الشغل، وظروفي كانت بتخليني أتغاضى وأهرب من مشاعري .. يمكن بعدها ابتديت أفهم لمّا يكون فيه موقف بعدّي بيه من حقي أحزن أو أغضب .. ويمكن كانت الكتابة بتساعدني أن الحزن والغضب مايوصلش للقمة .. لأن فوران المشاعر ماحدش بيقدر يسيطر عليه.

يمكن أنا قدرت أفهم ليه جسمي وصل لكده، وأمور كثيرة كنت بحسّها في جسمي؛ أكثر ما أكون بحسّها في مشاعري.

يعني الحمّام المُنعش في نص يوم شغل شاق؛ بيكون زي الفصلة في يومي علشان أعرف أكمّل .. أو أني أجري على المشّاية في الجيم علشان أخرّج الطاقة السلبية؛ اللي باقية من اليوم أو لمّا أكون مخنوق بحاول أبعد عن الأكل الثقيل أو السُّكريات؛ لأني بحسّ أنها بتخنقني أكثر .. وأوقات بعمل لنفسي أكلة حلوة؛ مكافأة لحاجة عملتها، أو أني بحتاج أدلّع نفسي شوية زي ما المُشير كان بيقول لي .. وساعات صوت جوَّايا بيكون عايز يغلبني ويقول لي كلام سلبي لكن مش بسكت وبرد عليه؛ لأني ممكن آخذ الكلام السلبي اللي قاله الناس لي وأصدقهم، وأبدأ  أقوله لنفسي. فكنت ببقى محتاج أرد على نفسي. وده خلّاني بعدين أعرف أرد عليهم في وقتها.

فيه أغنية بحبها جدًا لجوليا بطرس:

بكرة يخلص هالكابوس وبدل الشمس بتضوي شموس

طول الوقت أنا مقتنع أن كل حاجة صعبة بتعدّي، وأن مهما الليل كان بيطول لازم هييجي نهار .. لأني امبارح غير النهارده، وكل يوم بالنسبة لي فرصة جديدة أن كل الأمور تتغير وللأحسن .. علشان كده بقول لنفسي -وهقولك يا صديقي, ماتخافش كل حاجة هتعدّي.

المراجعة اللغوية: عبد المنعم أديب

 

المقالة السابقةاحتياجك حقك!
المقالة القادمةأن أكون أنا

16 تعليقات

  1. Hey very nice site!! Man .. Beautiful .. Amazing .. I’ll bookmark your website and take the feeds also…I’m happy to find so many useful information here in the post, we need work out more strategies in this regard, thanks for sharing. . . . . .

  2. Do you mind if I quote a few of your articles as long as I provide credit and sources back to your website? My website is in the exact same area of interest as yours and my visitors would really benefit from some of the information you present here. Please let me know if this ok with you. Thank you!

  3. I have been surfing online more than three hours today, yet I never found any interesting article like yours. It is pretty worth enough for me. In my view, if all web owners and bloggers made good content as you did, the web will be much more useful than ever before.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا