عن القوانين الخفية التي تحكم حياتنا

386

تخيل معي مهندسًا بنى مشروعه على مسطرة طولها 90 سم، وهو يظن أن طولها متر، ثم جاء مهندس آخر ليخبره أن مسطرته غير سليمة وأن قياساته خاطئة، هل سيقتنع بسهولة؟ بالطبع لا، سيقاوم لأن هذا سيتطلب منه هدم عمله كله والبدء من جديد.

وبالمثل، فقد بنينا حياتنا على مجموعة من المعتقدات التي ترسخت بداخلنا منذ الصغر، وإنك لتلاحظ أن المعتقدات قد سميت بهذا الاسم لأنها أصبحت “معقودة”، ومن الصعب فكها أو الحكم عليها، إنها مثل المسطرة التي نقيس بها ولا نقيسها، إنها تعد بمثابة البرنامج الذي من خلاله تفهم وتحكم على العالم والناس وعلى نفسك، وتفسر الأحداث، وتتوقع ردود الفعل.

وقد تكونت هذه المعتقدات بشكل أساسي في فترة الطفولة من خلال أسرنا التي نشأنا فيها. فكل أسرة لديها قوانين، حتى لو لم يتحدث أحد عنها أبدًا، أحيانًا تكون هذه القوانين صحية وأحيانًا تكون سامة، وتفنيد هذه القوانين وتغييرها يتطلب منا إدخال تغييرات على تعاملاتنا وعلاقاتنا وخططنا ونمط حياتنا، سيدفعنا التفكير الناقد لها إلى الخروج عما اعتدنا عليه.

وكخطوة أولى لوضع قواعد حياتك بنفسك وتشكيل معتقداتك الجديدة، عليك التعرف على هذه القوانين القديمة التي تسير حياتك حتى هذه اللحظة دون أن تدري. لذلك جمعت لكم بعض المعتقدات السلبية الأكثر شيوعًا، اقرأها، هل أي منها أو بعضها كان من قوانين أسرتك؟ اكتبها لنرى في نهاية المقال كيف يمكننا التعامل معها.

بعض المعتقدات والقوانين المثيرة للاكتئاب والذنب والنقص:

  • إذا لم أنجح بنسبة 100% فأنا فاشل.
  • إذا غضب أحد مني فلن تعود العلاقة كما كانت.
  • الحياة وحشة ومستحقش تتعاش.
  • لا أحد يحبني.
  • لا أمل في أن أتغير.
  • إذا انتقدني أحد فهذا معناه أنني فاشل.
  • يجب أن أكون أكثر نجاحًا من الجميع، وإلا فأنا فاشل.

بعض المعتقدات والقوانين المؤدية للقلق والمخاوف:

  • الأعراض البسيطة هي بالضرورة مؤشر لأمراض خطيرة.
  • من يتأخر بلا سبب واضح، فمن المؤكد أن مصيبة ألمت به!
  • من خاف سلم.
  • قلقي على من أحب هو الدليل الوحيد على حبي لهم.

بعض المعتقدات والقوانين المؤدية للشك:

  • لا بأس من الكذب الأبيض.
  • كل الناس كاذبون.
  • الناس يجاملون ولا أحد يعني ما يقول.
  • التصديق نوع من السذاجة.
  • لا أحد يفرح لفرح غيره.
  • لا تثق بأي شخص خارج العائلة.

بعض المعتقدات والقوانين المؤدية للاعتمادية:

  • ليس لي قيمة إن لم أجعل كل من حولي سعداء.
  • الأخذ أنانية.
  • لا يمكنني أن أرفض طلب أحد حتى لا أكون أنانيًا أو مرفوضًا.
  • لا يمكنني أن أصنع الحدود وأحافظ على علاقاتي في نفس الوقت.
  • لا ينبغي أن أعبر لأحد عن مشاعري السلبية حتى لا يعتبرني الآخرون ضعيفًا أو نكديًا وينفروا مني.
  • من الأنانية أن أكون سعيدًا وأحد آخر غير سعيد.
  • ينبغي أن أكون متاحًا لأصدقائي دائمًا.
  • الرغبة في شيء أو الاحتياج إليه أنانية.
  • تصرف وكأن كل شيء على ما يرام حتى إن لم يكن الأمر كذلك.

لتلك المعتقدات آثار سلبية كثيرة على حياة صاحبها أعتقد أنها لا تخفى على من يتبناها، لذلك فربما يكون السؤال الذي يطرح نفسه هو:

كيف تبطل مفعول تلك القوانين؟

  1. كن واعيًا: اكتب القوانين التي تحكم حياتك، أضف إلى القائمة باستمرار كلما اكتشفت جديدًا.
  2. انتبه ولاحظ عندما تتحدث إليك هذه القوانين في المواقف المختلفة وكيف تؤثر على تصرفاتك. الوعي نصف المعركة.
  3. ضع قوانينًا جديدة صحية كبديل للقوانين القديمة المريضة المدمرة، وتمرن على استخدامها في حياتك.
  4. اسعَ إلى اكتساب المهارات اللازمة التي تعينك على تطبيق القوانين الجديدة والتي لم تتعلمها في طفولتك، كالتعبير عن مشاعرك، وتوكيد الذات، وقول “لا”، وتقدير ذاتك ونجاحاتك… إلخ.

ربما لا يكون الأمر بهذه السهولة، لذلك استعن بكل ما يساعدك كالقراءة والدورات ومجموعات الدعم النفسي وجلسات المشورة، والصبر الصبر، فكما تكونت تلك المعتقدات على مدار سنوات، فالأمر يتطلب بعض الوقت كي تتكون معتقدات بديلة.

المصادر:

http://blogs.psychcentral.com/childhood-neglect/2015/09/are-unspoken-family-rules-running-your-life/

كتاب مهارات الحياة، د. أوسم وصفي

المقالة السابقةالاعتراف سَيد الأدلة
المقالة القادمة10 أساطير عن الاكتئاب

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا