هدية الله لي في عيد الأم

1199

أيام قليلة تفصلنا عن عيد الأم، وعيد ميلادي أيضًا، أجلس لأحاول الكتابة عن أمهات الكون، عن المعجزات -حفظهن الله ورحمهن- دائمًا
وأبدًا.

أبدأ بالكتابة لأكتشف هدية الله داخلي، وأنني أيضًا سأصبح "ماما" عما قريب، أشهر قليلة بمشئية الله تفصلني عن الحصول على اللقب..
أتوقف عن الكتابة فجأة وأتذكر تلك اللحظة التي علمت فيها بوجود مخلوق يتكون بداخلي، أنا الطفلة الكبيرة، أحمل نطفة تكبر يومًا بعد
يوم، تُعيد تكويني معها بشكل لا زلت أحاول استيعابه.. هدية ثمينة تجعلني عاجزة عن توفية دين الشكر والامتنان.

والآن.. حان الوقت لأكتب عن الأمومة من قلب الحدث -كما يقال- عن الأمومة التي أختبرها لأول مرّة بعيدًا عن الكليشهات الصحفية
وجُمل الكتابة المنمّقة، ومعلومات المواقع التربوية، وأغنيات عيد الأم المؤثرة. أنظر لأمي وأدعو الله في كل لحظة لها، كلما أختبر ضعفًا
ووهنًا جديدين، أشعر بعظمة أمي بشكل مختلف ومميز هذه المرة، هي البطلة التي أنجبتنا ثلاثة، لم تكلّ من تربيتنا وخدمتنا حتى الآن، بل
وتربية الأحفاد أيضًا.. هل سيكون لديّ بعض من قوتها الحانية تلك؟

تعرفي على: اجمل هدايا للأم بمناسبة الولادة

خايفة أكون أم
منذ اللحظة الأولى التي علمت بها بالخبر السعيد، والخوف والقلق صديقاي، هل سأكون أمًا جيدة؟ هل صحتي وجسدي سيكونان لجنيني
داعمًا وسندًا كافيًا ليواجه العالم بعد 9 أشهر بإذن الله؟

عندما يخبرني الطبيب بأي عرض طارئ أمرّ به خلال حملي -الصعب نوعًا ما- أجلس لأبكي لأن صحتي وجسدي ليسا مثاليين لنمو
جنيني بأمان.
تمرّ الأيام، يرزقني الله بالدعم والإشارات المباشرة وغير المباشرة التي تخبرني أنني قادرة ومستعدة لأكون أمًا وهذا يكفي، بعيدًا عن
المثالية.

صغيري/ صغيرتي
اليوم أتحايل على غثيان الصباح، الصداع، هرمونات الحمل المجنونة، وبقية أعراض الحمل الشرسة، لأكتب لك/ لكِ رسالة من قلب يكبر
يوميًا ليتسع لحبك واحتوائك.
ربما لن أكون تلك الأم "السوبر" التي تظهر في الإعلانات تلاحق صغيرها بخبرة وحكنة لا مثيل لهما، ولكن…
سأتعلم معكِ -كما أفعل الآن- كيف نكبر ونتطور معًا، سنضحك ونبكي ونحصل على لحظات جنان ممتعة بتجربة الأخطاء والتعلم منها.

سآخذك يوميًا إلي عالم الأساطير، حكايات الجنيات الطيبات، وسنتجول معًا داخل فصول الحكاية لنصل إلى القمر مرّة ونطير بدون
أجنحة مرّة أخرى.
سأتركك تغامر وسأصحبك معي في مغامراتي، بنفس الشغف والحماس كل مرّة.
ستحصل على ملابسك التنكرية التي ترغبها من حياكتي، وسنجلس لنتحدث بشغف عن أحلامك الصغيرة والكبيرة وكيف تحققها.
ستجد لديّ دائمًا وأبدًا مخزونًا من الشغف والحماس والإصرار يكفي ليصنع لك من كل مرة "أول مرة" جديدة.

سنبكي على خيبات قصص الحب، وسنضحك كثيرًا بعد ذلك عليها.
نسافر حول العالم بحقيبة ظهر صغيرة ونحتسي القهوة في مطار شرق آسيا معًا.
لن أطالبك أبدًا أن تكون ابنًا/ ابنة مثاليًا، ببساطة لأنك ستكون رائعًا كما أنت، ولأن المثالية ليست شيئًا مرحبًا به في عالمنا الصغير،
والمفاجأة أنك يا صغيري لن تجدها أبدًا في هذا الكون الواسع.

كأم طفلة، يسعدني أن أخبرك أنني أحفظ أفلام الكارتون عن ظهر قلب وسأستمتع بها أكثر معك.

سنكتب، نرقص، ونأكل اختراعاتنا العجيبة معًا.. وسنؤلف فصول حكايتنا يوميًا بتفاصيل تخصنا نحن فقط.

أعلم جيدًا، أن لحظات الضيق والزهق والضعف، الخوف والقلق، التمرد والشد والجذب، لحظات الحياة التي سنمرّ بها معًا، ستمر ونحن
أقرب صديقين بعضنا لبعض، لن أطالبك يا صغيري بأن تكون عاقلاً وناضجًا في كل تصرفاتك، ببساطة لأن سيصبح لديك أم لديها
مخزون لا نهائي من اللا عقلانية والاستقلالية.

يومًا ما سنقرأ هذه الرسالة معًا في عيد الأم وسأحصل على أعظم حضن في العالم. حتى يحدث ذلك سأكتفي بسماع دقات قلبك والحديث
إليك عبر دقات قلبي التي أنت قريب لها أكثر مني الآن، سأرسل لك الغذاء المحمل بالحب عبر حبل سري، يُقال إنّه سيفصلك عني يوم
الولادة، ولكنه أصبح يربط قلبينا معًا للأبد الآن، جنيني الصغير أرجوك تمسّك برحمي أكثر، وسأدعو الله أن تكون صحتك داخلي أفضل
مني كثيرًا.

المقالة السابقةاللمة الحلوة مع “نون”
المقالة القادمةكيفية اختيار الحضانة المناسبة للطفل دليل لكل الأمهات
باسنت إبراهيم
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا