حرية.. حب.. بقاء

778

الحرية.. حلم نجري وراءه طوال الوقت، وما أن نصل إليه حتى نكتشف أنه لم يكن سوى سراب.. دعهم يصلوا مع الوقت إلى الحقيقة الواحدة التي لا جدال عليها، وهي أن حريتهم ليست سوى منحة في أيدينا نمنحها لهم وقتما نشاء. من رواية جواري العشق.

هذه الرواية جسدت أحلام أربع فتيات في أربعة عصور مختلفة كن يبحثن عن الحرية. “قمر – مهشيد – أيسل – رحيل”. كل واحدة منهن عاشت مغامراتها الخاصة في البحث عن الحرية، حيث بدأت بقمر التي كانت تكتب كل ما مرت به وتحتفظ به في صندوق خشبي توارثته حفيداتها من بعدها بحكاياتهن أيضًا.

قمر

قمر كانت جارية في عصر المماليك، وأبت أن تكون جارية واستماتت لتنزع عنها اللقب حين بدأت بدراسة الشعر والأدب حتى تجبر الأمراء والسلاطين على احترامها، وفي طريق نضالها قابلت حب حياتها الذي شجعها على ذلك.. فناضلا معًا حتى أصبح هو السلطان وهي السلطانة.

من وجهة نظري كان نضالها حقيقيًا.. وبحثها عن الحرية ورفض أن يطلق عليها لفظ جارية، فيستحل جسدها كل من لديه المال والسلطة أيضًا بحثًا حقيقيًا.. قمر كانت تبحث عن الحرية في عصر العبيد.. فكان بحثها مشروعًا. آمنت أنها قادرة على كسر قيودها لتنال حرية فكرها وخلاصها من عبوديتها، فحققت ما أرادت، رغم أنهم كانوا يرونها وجهًا جميلاً وجسدًا ممشوقًا. أما عن حفيدتها مهشيد (اسم إيراني بمعنى قمر) فكانت تبحث عن الحب في زمن يخلو من المشاعر.

مهشيد

مهشيد كانت تدرس الطب في نهاية عهد السادات وبداية عصر مبارك.. وبالتالي كان أمر تعليمها عاديًا في ذلك الوقت، ونظرًا للجفاء الذي كان بين والدها ووالدتها وعدم اهتمامه بها فقد كانت تبحث عن الحب والدفء، ووقعت فريسة لخالد زميلها في الكلية، حيث جمعتهما روايات إحسان عبد القدوس وتقديره لدور المرأة. أحبته وتزوجته وظلت سعيدة، إلى أن انضم لجماعة دينية متطرفة وتغيرت أفكاره، ومن ثم خيرت بين حبها والحفاظ على معتقداتها، أتستمر معه بالطريقة التي تناسب كونه عضوًا في جماعة مختلفة، وتنضم معه إرضاء له وحفاظًا على الرباط الأسري خصوصًا بعد أن أنجبت أيسل، أم تتخلى عن حبها حتى لا تفقد هويتها؟

مهشيد جسدت معاناة أغلب الفتيات في الوطن العربي.. الفتيات لا يردن أن يخيّرن بين أشياء لا يستطيعن التخلي عنها.. (أنا أو العمل – أنا أو الحجاب – أنا أو صديقتك فلانة  أنا أو أمك… والأمثلة كثيرة). مهشيد كبّلها الحب وأصابها بالجنون ووقعت ضحية عندما اختارت حبها وانساقت وراء معتقدات زوجها -سواء كانت صحيحة أو خاطئة- فقد انساقت على غير اقتناع، فسجنت خلف القضبان وحرمت من ابنتها أيسل التي كرهت والدها الذي حرمها من أمها.

أيسل

ثم تأتي الثالثة أيسل (اسم تركي بمعنى القمر أيضًا) التي كانت أكثر تحررًا من أمها، كارهة لأبيها وفكره، مما دفعها للانسياق لما رأته النقيض تمامًا، فانضمت لجمعيات حقوق الإنسان وتعرفت على هاشم الذي عرّفها بدوره على آخر، فسافرت معه للسويد للمشاركة في مظاهرات العراة، على اعتبار أن هذا قمة التحرر الذي كانت تبحث عنه، وعند عودتها كانت تحمل ابنتها من هاشم (رحيل) ولم تسلم من تهديدات الإخوان لها، فرحلت وتركت رحيل طفلة بلا أب شرعي بعد أن تخلى عنها هاشم. ولكن عندما أنّبه ضميره منحها اسمه على الورق مقابل الليالي التي سطا فيها على جسدها بدافع الحب.. واختفى. عمّ كانت تبحث أيسل؟ كانت تبحث عن قيد لتكسره فانكسرت هي نفسها في رحلتها.

رحيل

أما رحيل فلم يذكر عنها شيء وبقي اسمها هو الرمز الوحيد الذي ربما نستشف منه رحلتها القادمة.. الرحيل. رحل عنها أبوها، ثم أمها، ولم يبق لها سوى الذكريات في صندوق خشبي، فإن كانت محظوظة لاعتبرت من حكاياتهن.. وإن لم تكن فستعرض عنها وتخلق قصتها.

باختصار ماذا أردن حفيدات قمر؟

أردن الحرية في زمن العبودية.. وأردن الحب في زمن الجفاء.. وأردن البقاء في زمن الرحيل.

اقرأ أيضاً: أحلام الستات في الدراما والروايات

اقرأ أيضاً: عن المقتبسات النسائية لرواية “شنغهاي بيبي”

المقالة السابقةقانون مصري ظالم للمرأة
المقالة القادمةإنتي لسه شفتي حاجة؟!

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا