15 سببًا لحب الأفلام المصرية القديمة

1042

رغم وجود الكثير جدًا من الأفلام الجميلة والمميزة التي يتم إنتاجها كل عام على مستوى العالم، ورغم ثراء تاريخ السينما بالروائع الممتعة، العميقة أو البسيطة، ورغم كثرة الأعمال الترفيهية التي أصبحت عند أطراف أصابعنا سواء على شاشات التليفزيون أو تلك المتوافرة على شبكة الإنترنت، سواء شاهدناها واستمتعنا بها أو لم تسنح لنا الفرصة لكننا ما زلنا نخطط لذلك، ومع اختلاف أذواقنا ورؤيتنا عمومًا للفن وللحياة.

 

إلا أنه ما زال لدينا كمصريين العديد من الأسباب التي تجعلنا نعشق الفيلم المصري القديم، فدائمًا “القديم يكسب”، ودائمًا المصري بالذات يكسب.. يا ترى ليه؟!

 

1- لأننا نُمتّع أعيننا بشوارع القاهرة الجذابة والنظيفة والخالية إلا من بعض البشر المهندمين والقليل من السيارات الأنيقة، فحتى لو ادّعينا أن صناع الأفلام كانوا يتعمّدون إظهار الواقع بشكل أفضل، لكن الواقع وقتها بالتأكيد كان قريبًا ولو بدرجة ما من الأفلام، فما نراه على الشاشات قد تم تصويره في شوارع حقيقية وليس على سطح المريخ أو في الصحراء الجرداء.

 

2- لأننا نعلم أن مصر كان فيها وسائل رفاهية معقولة جدًا، بحيث إننا لو استخدمنا آلة الزمن ورجعنا للخمسينيات كنا سنستمتع أيضًا بوجود صرف صحي وحمامات أنيقة بها سخان، مثل الذي رأيناه في منزل شادية في فيلم “بشرة خير”، صحيح أنها كانت من بنات “الذوات” في هذا الفيلم، وصحيح أن السخان كان “بايظ” وكان على كمال الشناوي إصلاحه أكثر من مرة في الفيلم نفسه.. لكن على الأقل كان “الأوبشن” موجود.

صورتين – فيلم بشرة خير 1952

3- لأننا نرى أفلامًا بها كمال الشناوي نفسه، وطبعًا أنور وجدي.. وآخرون، والجميع شعرهم مصفف بعناية باستخدام الفازلين اللامع جدًا، كما أنهم يرتدون “البدل” في كل الأوقات حتى في النزهات الصباحية باستخدام الدراجات.

 

4- لأننا نرى النساء يرتدين ملابس تقليدية اعتادت بنات حواء ارتداءها في العصور الغابرة بغير أن يتعرضن لمضايقات تُذكر، هذه الملابس المسماة بالـ”فساتين” لم تكن فقط جميلة، بل أيضًا “منفوشة” ولها موديلات أنثوية منعشة، وأجمل ما فيها أننا لا نعرف ألوانها الحقيقية، فلا تعرف هل الفستان التي ترتديه صباح أحمر أم أزرق أم أخضر أم أسود، مما يزيد من الغموض الذي يكتنف كل شيء في العموم.. أما الحقائب النسائية فأنيقة وصغيرة جدًا وغالبًا لا تحمل المرأة بداخلها سوى منديلها وصباع الروج.

 

5- شعور النساء كانت أيضًا غريبة لكنها جميلة، شعور مليئة بالموجات الملتصقة بعناية بحيث لا تتحرك.. فلا هي ناعمة ملساء ولا هي “كيرلي” منكوشة.. لكنها مموجة وثابتة، فلا تهتز بفعل الحركة أو الريح.

صورة – سامية جمال وفريد الأطرش في فيلم آخر كدبة 1950

 

6- أحمر الشفاه كان داكنًا جدًا، ربما ينطبق عليه لفظ طلاء الشفاة أكثر، ولا نعلم إن كان ذلك مقصودًا ليناسب التصوير بالأبيض والأسود الذي يستلزم مكياجًا أقوى لتوضيح الملامح أم أنه كان علامة أنثوية لا غير، بعد مشاهدتي لفيلم “آخر كدبة” اقتنعت أن السبب الأول ربما يكون هو الصحيح، حيث إن “الروج” الذي يضعه فريد الأطرش كان أكثر وضوحًا من مكياج كل من سامية جمال وكاميليا.

 

7- ملابس النساء كانت تأتي من “شيكوريل” في علب كبيرة وفخمة مثل علب الجاتوه في عصرنا هذا، تلك العلب التي تليق بالفساتين الرائعة التي بداخلها، والتي كانت تخلق من التسوق متعة مبهجة يلزم معها وجود خادم أو “شوفير” لحمل كل هذه المشتروات، وطبعًا وجود “الشوفير” يتطلب أيضًا “أوتوموبيل”.

 

صورة – فيلم نشالة هانم 1954

8- “الأتوموبيلات” كانت فخمة وقيادتها سهلة جدًا، فيمكن للمواطن القيادة أثناء الغناء أو تبادل القبلات، أو حتى المناقشات الطويلة مع الشخص المجاور له، وحتى لو تطلب ذلك التواصل معه بالـeye contact طوال الطريق، كما أن الأبواب كانت بتفتح “عكس عكاس”.

 

9- لأنه بالإضافة لوجود وسائل انتقال حديثة مثل “الأوتوموبيل” أو “التروماي”، كانت أيضًا هناك شبكات تواصل اجتماعي.. فالجواب والتلغراف والاتصال التليفوني كانت وسائل متوافرة ومستخدمة، صحيح كان يستلزم استخدامها أحيانًا النزول للبقال، لكن ذلك كان يتم بلا أدنى غضاضة، كما أنه من المعتاد أن يجلس الأفندي في الكازينو وتأتيه مكالمة تليفونية على الرقم الأرضي عادي، أما إذا كان من سعيدي الحظ الذين لديهم خط منزلي، فيصبح الاتصال وقتها طقسًا يجب الاحتفاء به، كأن يذهب رشدي أباظة مخصوص للصالون كي “يضرب” لحبيبته “تلافون”.

صورة– فيلم بنت الجيران 1954

10- لأننا نميّز البشر دون عناء يُذكر، فإسماعيل ياسين وفردوس محمد وحسين رياض وزهرة العلا طيبون جدًا ويمكننا دائمًا الوثوق فيهم، بينما استيفان روستي ومحمود المليجي ولولا صدقي غالبًا ما تفضحهم أعينهم الشريرة، فيصبح من السهل على الإنسان العادي تجنبهم.

صورة – لولا صدقي في فيلم الأستاذة فاطمة 1952

11- لأننا كنا نشاهد قصة بسيطة وجميلة، ونستمتع معها بأغاني محمد فوزي وكارم محمود، صحيح كانت الأغاني خارج السياق تمامًا في بعض الأحيان، لكن الاستماع لهؤلاء كان يستحق معاناة الخروج عن السياق.

 

12-لأنها تمكننا من مشاهدة الكثير جدًا من الرقص الشرقي الجميل، أكثر فن له نكهة مصرية خالصة، والأفلام المصرية القديمة ممتلئة بوجبات دسمة من الرقص الذي يرضي كل الأذواق، فأصالة كاريوكا ونعيمة عاكف تختلف عن رشاقة سامية جمال، أما رزانة نعمت مختار وزينات علوي فتختلف بالطبع عن شقاوة كيتي.

صورة  – الراقصة كيتي في فيلم عفريتة اسماعيل ياسين 1954

13- لأن الممثل الواحد كان يشارك في عدد كبير جدًا من الأفلام في العام الواحد، ففي أوائل الخمسينيات وصل عدد الأفلام التي قام إسماعيل ياسين ببطولتها 16 فيلمًا بالتمام والكمال في عام واحد فقط، فهل الوقت كان به الكثير من البركة في هذه الأيام، أم أن المواصلات كانت سهلة وفاضية جدًا وبالتالي الإنجاز أسهل.. أو ربما كان رزق الجمهور واسع فقط.

 

14- لأنه يمكنك أن ترى نجومًا كبارًا في بداية مشوارهم الفني، وترى بالتالي إما إمكانيات ضعيفة لا تنبئ بشيء فتعرف وقتها أن الإنسان قادر على تطوير مهاراته، وإما أنه ربما الشهرة “رزق”. وترى في أحيان أخرى إمكانيات واسعة كانت تنتظر البعض لو لم يتم حصرهم في نمط لا يتغير.. ففي فيلم “الستات ميعرفوش يكدبوا” يمكنك رؤية فتاة نحيفة تؤدي دورًا كوميديًا لفتاة شعبية محدودة الذكاء يسخر منها إسماعيل ياسين، وتكتشف أنها نجمة الإغراء هند رستم قبل أن تحصل على لقبها الأشهر.

صورة …هند رستم في فيلم الستات ميعرفوش يكدبوا 1954

 

15- لأنها كانت تسمى بالـ”أفلام العربي”، بدون الكثير من المراجعة أو التمحيص.. ولا أعرف إذا كان ذلك ميزة أم عيبًا.. فالثقافة المصرية هي الأعرق طبعًا، بالتالي لا يمكن جمعها بثقافات أخرى في جملة واحدة صحيحة. وحتى لو شاءت المصادفة التاريخية أن يتكلم أهل مصر نفس اللغة، فإنهم يصنعون بالطبع لهجة خاصة بهم، تفوق كل اللهجات الأخرى في خصوصية مفرداتها وبهجتها ولطفها النقي، لتصبح عنوانًا لكل ما هو مبدع وجميل.

 

 

المقالة السابقةاحترس لتلك التفاصيل الصغيرة
المقالة القادمةجدتي وحكايات المطبخ
سمر طاهر
مترجمة ومحررة أخبار بالإذاعة، وكاتبة سيناريو، وعضوة في اتحاد كتاب مصر.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا