مي وأحمد.. أكبر الخيانات الخذلان

938

“إنت قبلت على أكتر ست حبيتك في الدنيا.. على أكتر ست المفروض إنك حبيتها في الدنيا.. إنها تبقى عشيقتك في الدِرى. تروح وتيجي عليها زي الحرامية.

إنت حسستني إحساس بشع عمري ما هنساه طول ما أنا عايشة. وأنا بنزِّل ابني منك كنت عارفة إنك حتى لو وافقت كنت هتوافق بس في الدرى، عشان أنا البنت اللي إنت جايبها من الشارع. بس أنا أنضف منك وأقوى منك، وإنت هتفضل كده ضعيف وتعيس، وبكرة هتعرف إن أنا المرة دي ضعت بجد.

شكرًا إنك ساعدتني أخلص من كل مشاعري تجاهك.

من فضلك أطلع برة”.

 

بهذه الكلمات أنهت “مي” علاقتها بـ”أحمد”. تلك العلاقة التي استنزفتها وأخذت من روحها ومن عمرها الكثير.

 

في عُرف الطبقة المتوسطة التي يتوجه لها صناع مسلسل “سابع جار” ربما كانت “مي” أكثر شخصية مكروهة على مدار الحلقات السابقة.

فهي تعيش وحدها بينما أبواها يعيشان في منزل منفصل، تدخن وتصادق الرجال وتسمح لهم بالمبيت في منزلها، تعتني بأمها المريضة دون أن تفني حياتها تحت قدميها، والأسوأ تقيم علاقة مع رجل متزوج وتحمل منه وتجهض نفسها.

 

أما أنا فكنت أرى “مي” من منظور آخر تمامًا.. “مي” فتاة خذلها كل من حولها.. كل من احتمت بهم، خذلها أبواها اللذان ربياها في غربة فنشأت وحيدة بلا أهل ولا أصدقاء، خذلها حبيبها الذي أخفاها حتى لا يواجه أهله بها وباختلاف طباعها ونشأتها.

 

ليس من الصعب أن نفهم كيف وقعت “مي” في شباك “أحمد”. فهي فتاة وحيدة تربت خارج مصر ليس لها أصدقاء، وهو الجار القريب في السكن والزميل في الدراسة.

 

ومنذ لحظاتهما الأولى معًا نلحظ امتعاض “أحمد” من “مي” ومن قوتها ومن حريتها وانطلاقها. فتارة نجده يفتعل مشكلة لأنها طلبت الطعام من النادل ولم تطلب منه ليطلب هو، معتبرًا أنها تجاوزته وتجاوزت رجولته. وتارة يصرخ بسبب ملابسها أو طريقة كلامها أو معارفها وزملائها.

 

لم يحاول “أحمد” ولو لمرة واحدة أن يتفهم أن تلك هي فعلاً شخصية “مي”، وأنها لا تحاول أن تضعه على الهامش أو تتجاوزه. فكان يرتعب من قوتها ومن جمال شخصيتها ومن بساطة تعاملها معه ومع كل الناس.

 

في المجمل حاول “أحمد” من اليوم الأول أن يدجن “مي” وأن يخضعها لأفكاره، وأن يضعها في قالب مناسب لرؤيته ورؤية عائلته ورؤية مجتمعه.

 

هل أحبها؟ بلى أحبها. لكن ليس بالحب وحده تحيا العلاقات وتستمر.

“أحمد” لم يتفهم أنها أعطته جسدها لأنها تحبه، وليس لأن هذا هو العادي. فببساطة كان الفارق بين الحبيبة والعاهرة غير واضح أمام عينيه.

فعاملها دائمًا على أنها عاهرة؛ لا تستحق أن تكون زوجة أو أمًا، ويكفيها جدًا الساعات المختلسة التي يقضيها معها.

 

تركها وتزوج من سيدة متحفظة ترضي غروره كذكر شرقي متعفن في مستنقع أفكار بالية. وبعد أن تزوج أساء معاملة زوجته، بأن حاول أن يضعها في قالب “مي”. تزوجها لا تعمل وظل يلح عليها بأن تعمل، تزوجها ذات ذوق كلاسيكي في الملبس والشكل وظل يلح عليها بذوق مختلف.

 

“أحمد” نموذج متكرر كثيرًا لرجل يريد كل شيء، وليس عنده استعداد لدفع ثمن أي شيء. “أحمد” جبان لم يواجه أهله برغبته في الزواج من “مي”، ولم يدافع عن حبه لها أمام رفضهم، وحتى حينما أثمر هذا الحب عن جنين تكوَّن في أحشائها طلب منها أن يتزوجا في السر لخوفه من المواجهة.

 

“أحمد” أناني.. لا يريد أن يفعل شيئًا أو يقدم شيئًا أو يتنازل عن شيء للمرأة التي يحبها، وإنما عليها هي أن تضحي بعملها وأصدقائها وحياتها من أجله.

“أحمد” خائن.. خان حبه لـ”مي” وتزوج، ثم خان زوجته مع “مي”.

 

“أحمد” مستهتر.. لم يحترم سُمعة “مي” أمام أهله أو يراعي المظهر الاجتماعي، وكان يدق بابها ويدخل أمام الجميع، ولم يهتم بما يمكن أن يقال عنها. كما استهتر بمشاعر زوجته وكان يتركها بالأيام في بيت أهله ليقضي الوقت مع “مي”.

 

يمكن أن أكتب عشرة أضعاف ما كتبت في كل الإيذاء النفسي الذي سببه “أحمد” لـ”مي”. لكني سأكتفي بأن أقول إنه خذلها وخذل حبها، وخذل ابنه الذي تكوَّن في أحشائها، فكانت النتيجة أن أجهضت نفسها وتركت حبه يخرج من قلبها مع نزيف فقدان ابنها منه.

وصدق من قال: أقسى الخيانات الخذلان.

 

 

 

المقالة السابقةبناءُ البيت وترويض الدببة الصغيرة
المقالة القادمة“دنجل” مش زي أي فيلم هندي

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا