ماذا تُعلِّمنا مشاهد موت الأب في أفلام الكارتون؟

1417

إن فقدان الأب هو واحد من أقسى الخبرات والتجارب التي قد يمر بها الأبناء، وقد تمثل هذه التجربة ضغطًا نفسيًا ومصدرًا للتوتر قد يستمر مع الأبناء لفترة طويلة، خصوصًا إذا لم يتم التعامل معه بالشكل الصحيح.

 

أفلام الكارتون هي أحد المصادر المعرفية التي تقدم للطفل بعض الخبرات، والحقيقة أن الكثير من أفلام الكارتون أشير فيها لموت الأب أو الأم بشكل عابر. لكن في أفلام أخرى يظهر حدث وفاة الأب بوضوح، فكيف تعرضت أفلام الكارتون لهذا الأمر؟ وما الذي يمكننا معرفته عن مشاعر الطفل حيال تجربة قاسية مثل هذه؟

 

الشعور بالذنب:

إن الشعور بالذنب هو أحد المشاعر التي يعاني منها البعض عند فقدهم لأحد الأحباء، وهي أحد مراحل الحداد النفسي والمحنة النفسية.

يتضاعف الأمر عند الطفل نتيجة استغراقه في التفكير غير المنطقي، وكذلك بسبب تمركزه عادة حول ذاته وعدم إدراكه للسبب الحقيقي للموت. فقد يشعر الطفل بالذنب عندما يتذكر موقفًا أغضب فيه أباه، أو لعدم قدرته على إنقاذه من الموت، أو يشعر أن أباه تركه بسبب (شقاوته) أو عدم سماعه للكلام.

اقرئي أيضًا: أنا لا أحب أبي، لماذا؟ وماذا أفعل؟

– الأسد الملك: 

كل من شاهد الفيلم يتذكر مشهد موت “موفاسا” على يد أخيه الذي يخونه للاستيلاء على أرض العزة، والذي يبث الإحساس بالذنب في قلب الشبل الصغير “سيمبا” عبر إقناعه بأنه هو من قتل والده الذي جاء لإنقاذه.

الأمر هنا يتخطى مجرد مشاعر فقد الأب. حيث يضاف إليها شعور “سيمبا” بالذنب لتخيله أنه المتسبب في موت أبيه. وهو ما يجعله يقرر الهروب بتأثير من عمه “سكار”. ولا يتخلص “سيمبا” من الإحساس بالذنب طوال رحلته وحتى الدقائق الأخيرة من الفيلم، حين يعترف له “سكار” بالحقيقة قبل موته.

 

– الديناصور اللطيف:

“آرلو” ديناصور صغير البنية ضعيف الجسد، وهو الأمر الذي يؤثر على شجاعته وثقته بنفسه ويجعله خائفًا من أبسط الأمور. يقرر أبوه اصطحابه في رحلة ليعزز شجاعته، ويعلمه بعضًا من دروس الحياة. ويموت الأب أثناء تلك الرحلة، أثناء إنقاذ “آرلو” الصغير من الغرق.

وهو ما يترك “آرلو” مكبلاً بمشاعر الإحساس بالذنب وبأنه السبب في موت والده. نتيجة لتقصيره وأخطائه. ويمضي “آرلو” في رحلته التي يواجه فيها الكثير من التجارب التي تعزز ثقته بنفسه حتى يعود لأسرته في النهاية.

 

الوحدة في مواجهة قسوة العالم

– سندريللا:

في القصة الشهيرة لـ”سندريللا” تتوفى أمها، ومع حزن أبيها الشديد يقرر الزواج من زوجة جديدة ليجد أمًا أخرى تعوض “سندريللا” لكنه يموت هو الآخر. وتختلف الطريقة التي يشير بها الفيلم إلى موته بحسب النسخ المتعددة للفيلم (والتي يبلغ عدد النسخ المناسبة للأطفال منها 11 نسخة)، فبينما يظهر موته بوضوح في بعض نسخ الفيلم، يشار إليه في نسخ أخرى من خلال أحد الشخصيات أو من خلال الراوي. أو يختفي وتفهم وفاته ضمنيًا.

 

ما حدث بعد وفاة والد “سندريللا” هو تحقق تراجيدي لمخاوف أي أب وأم، تركت “سندريللا” وحيدة تحت رحمة زوجة أم تسيء معاملتها وتقسو عليها. الأب هنا هو عتبة الحماية، جدار البيت الذي انقض وواجهتها من خلفه أشباح قسوة العالم. 

 

الحاضر الغائب:

حتى بعد رحيل الأب تظل ظلاله تحيط بالأبناء، وأفكاره تظللهم. وخصوصًا إذا كانت العلاقة قوية وحميمة بين الأب والأبناء.

 

– فيلم الأميرة والضفدع:

يظهر “جيمس” والد “تيانا” الذي كان يسعى لتحقيق حلمه بإنشاء مطعم خاص به، وهو الحلم الذي طالما حدَّث ابنته عنه. وعلى الرغم من عدم قدرته على تحقيق حلمه لكنه كان يبدو رجلاً سعيدًا ومليئًا بالثقة، ويبث في ابنته أهمية السعي وراء الحلم والطموح. يموت “جيمس” في الحرب العالمية الأولى. لا يُظهِر الفيلم موته بوضوح لكنه يعرض مشاهد ذكريات “تيانا” السعيدة معه ومشهدًا لها تُقبّل صورته التي يرتدي فيها زي الحرب.

 

لا يتعرض الفيلم للفقد في حد ذاته، وإنما يشير إليه بشكل عابر، وما نقابله هنا هو “تيانا” بعد أن تخطت مراحل الحزن. بل وساعدها الفقد في أن تصبح أقوى، وأن تتمسك أكثر بتحقيق حلم أبيها الذي ظل حاضرًا معها دائمًا رغم الغياب.

 

الصورة المنقوصة للأب الراحل:

هل الصورة التي يعرفها الأطفال عن آبائهم الراحلين حقيقية، أم تختلف بحسب علاقة الأم (وبقية أفراد الأسرة من الكبار) به؟

أحيانًا تقدم صورة الأب للطفل باعتباره ملاكًا لا يخطئ، وأحيانًا العكس تمامًا، خصوصًا إذا خاضت الأم معه صراعًا ما قبل وفاته، وهو ما يجعلها تختصر صورته في زاوية واحدة سلبية، وهو ما حدث في فيلم:

 

– كوكو: 

ليس والد البطل من يموت هنا، وإنما جده الأكبر، الذي هجر عائلته للتفرغ للموسيقى والسعي وراء أحلامه. مما أدى بالعائلة ﻷن تمنع أي ذكر للموسيقى. وبمرور الأحداث نكتشف أنه كان ينوي العودة لعائلته لكن شريكه قتله. دون أن تعرف عائلته نِيَّته للعودة، وهو ما يتركهم مع غضب يستمر لخمسة أجيال متتالية.

 

الذكريات الحية:

– كوكو:

في فيلم “كوكو” أيضًا يتعرض الفيلم لفكرة الحياة بعد الموت بصورة مبهجة للأطفال، فهو يستعرض رحلة البطل “ميجيل” في عالم الموتى، حيث تسيطر الألوان المبهجة والموسيقى، وتبدو الهياكل العظمية غير مخيفة على الإطلاق.

ويشير لأهمية تذكر الموتى واستحضار صورهم وذكرياتهم الطيبة، وأن هذا هو ما يسعدهم ويبقيهم أحياء في عالمهم الجديد.

 

وعلى الرغم من قسوة تجربة موت الأب فإن أبطال أفلام الكارتون يتجاوزون أحزانهم، وغالبًا تكون حادثة الوفاة هي بوابة دخولهم لمغامرة/ رحلة تقودهم لأن يصبحوا أقوى وأشجع، وكأن وفاة الأب تصقل شخصيتهم بطريقة أو بأخرى وتمنحهم فرصة للنمو النفسي.

المقالة السابقةلمياء وتفاصيل الوحدة والونس
المقالة القادمةسبع تدابير كبيرة لنجاح مشروعك الصغير

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا