بدلة رقص حمرا وبترتر

2542

هناك مثل عالمي يقول “كل شيء مباح في الحب والحرب”، ويبدو أن هذا صحيح نوعًا ما، ففي علاقات الحب يجب على الطرفين بذل كل مجهود ممكن لحفظ الحبيب.

 

ولكن كثيرًا من النساء ترى أن العلاقة الحميمة لا تخضع لتلك المقولة، فوضعن لها منظومة أخلاقية منفصلة -لا يُعرَف على وجه التحديد متى بدأت- ترى أن هذه العلاقة من المحظورات، يجب أن تتسم فيها المرأة بالخجل الدائم، ولا تُعبِّر عن رغباتها سواء بالكلام أو حتى الإشارة، لأن ذلك عيب، ومجرد تفكير المرأة في الاستمتاع بتلك العلاقة أمر مشين، وإشباع رغبات الزوج شيء ترفيهي، وتحقيق التمتع بين الزوجين من بعضهما بعض ليس أمرًا ذا بال لتشغل به الزوجة نفسها، فالعلاقة الحميمة في حد ذاتها مجرد واجب يُقام فقط لكي تسير مركب الزواج بلا عواصف، وتبرير ذلك هو أن المرأة ستصبح زوجة فاضلة في نظر زوجها والمجتمع.

 

ولكن هل فعلاً تلك المنظومة بقواعدها الصارمة هو ما يرغب فيه الزوج فعلاً من علاقته بامرأته؟

الإجابة الحقيقية والصادمة هي لا.. وهو ما سنعرفه في السطور القادمة.

 

أولاً: الاعتراف بالحقيقة القبيحة

– يجب أن تكوني تلك السيدة اللعوب وفي نفس الوقت أن تكوني مثل القديسة.

– ولكن هل تظن أن كل الرجال منحرفون مثلك؟

– أنا لا أظن.. أنا متأكد.

تعرفي على: المزلق الحميمي: ما فوائد المزلق وأضراره وطريقة استخدامه

أحد حوارات فيلم “الحقيقة القبيحة” بطولة “كاثرين هيجل وجيرارد باتلر”، يحاول تقديم الأمر الذي تغفل عنه الكثير من النساء، وأحيانًا تتجاهلنه عن عمد، وهو أن الرجل يولي اهتمامًا كبيرًا بالجنس، ويرغب في أن تقدر المرأة ذلك الأمر وأن تشاركه به، وأنه مهما أبدى إعجابه بطريقة تفكير المرأة أو بشخصيتها كما تسعى كثير من النسوة، إلا أن ذلك جزء في طبيعته الرجولية لن يستطيع تغييره.

 

الصراع في الفيلم يمكن نقله للواقع، فبطلة الفيلم تمثل شريحة كبيرة من النساء، ترى أن الرجل لن يرى فيها أو في العلاقة الحميمة سوى شيء مُكمِّل ثانوي، فنجد أن المرأة تُهيئ نفسها قبل الدخول في أي علاقة (حب أو زواج) لكل الأدوار التي سوف تلعبها سواء كان دور ربة المنزل الشاطرة، والأم المتفانية، وحامية الواجبات الاجتماعية والعائلية، ولكنها تنسى إجادة أهم دور في العلاقة، وهو دور الزوجة أو العشيقة التي تستمتع مع زوجها بعلاقتهما الفطرية، والبطل في الفيلم ينبه لتلك الحقيقة، وهي أن المرأة عليها الفخر بأنوثتها، وأن تولي اهتمامًا خاصًا بالعلاقة الحميمة، سواء في الملبس المناسب أو في الكلام عنها أو في الإشارة إليها، والأهم هو التعبير عن رغباتها، ومن هنا كان عنوان الفيلم “الحقيقة القبيحة”، أي تلك الحقيقة التي لا ترغب المرأة في الاعتراف بها.

 

ميزة الفيلم أنه أمريكي، وهو ما يؤكد التشابه بين طبائع الرجال والنساء على مستوى العالم، فالأمر ليس شرقيًا بل يكاد يكون عالميًا.

 

ثانيًا: قبول الحقيقة القبيحة

أو

– إيه؟ عاوز مني إيه؟

– إيه يا راضية فيه إيه؟ مالك إنتي مكسوفة ولا إيه؟

ابعد إيدك عني.. إنت فاكرانى إيه؟

– فاكرك مراتي.

يعني إيه؟

مراتي يعني مراتي!

 

من الحوارات الكوميدية في مسلسل “حديث الصباح والمساء” التي جرت بين “راضية” وزوجها “عمرو” في ليلة الدخلة، فعلى الرغم من الحب المشتعل بينهما قبل الزواج، وزواجها جاء وفق هواها الشخصي ولم يجبرها عليه أحد، إلا أن ذلك لم يكن سببًا في إقبالها على زوجها، بل على العكس، كان الخجل هو المسيطر لدرجة إنكارها رغبات زوجها المشروعة كليًا، بل والانتظار حتى الصباح، لتأتي أمها لتخبرها عن زوجها “قليل الأدب”.

 

جملة “إنت فاكرني إيه” التي تنطقها “راضية” بخوف وتوجُّس، هي تقريبًا الكلمة التي تصف حال كثير من النسوة بعد الزواج، واللاتي يعتبرن رغبات الزوج والتعامل معها بنعومة وتقبل أمرًا يدخل في بند المُحرَّمات، وهو ما يؤدي إلى الخيانة، أو الزواج الثاني إذا كان الرجل يرغب في الحفاظ على بيته، أو الحل الأخير انتهاء الزواج.

 

ففي عام 2013 وصلت نسب الطلاق بسبب المشكلات الجنسية إلى 66% حسب دفاتر محكمة الأسرة، و40% من حالات الزواج انتهت بالطلاق والخلع بسبب سوء الحياة الجنسية، وكان نصفها خلال السنة الأولى من الزواج، كما أكدت هبة قطب استشارى العلاقات الزوجية والجنسية أن 80% من حالات الطلاق يكون أسبابها جنسية، و68% من أسباب الطلاق في خمس سنوات الأولى يكون بسبب القالب الجنسي، حسب إحصائيات عام 2016.

 

لذا بعد مرحلة اعتراف المرأة بالحقيقة القبيحة، وهي أن الرجل يولي اهتمامًا خاصًا بالعلاقة الحميمة، تأتي مرحلة التعامل معها وتقبلها كما هي دون أي حساسيات، أي ما يمكن أن نطلق عليه “ثقافة اهتمام المرأة برغباتها الحميمة ورغبات زوجها”، وإزالة الكثير من المفاهيم العالقة التي تدمر تلك العلاقة، مثل تأنيب الضمير بأنها تفعل شيئًا منافيًا للآداب، أو أن الاستجابة لتلك الرغبات أمر لا يليق بمفهوم الزوجة الفاضلة، بل بالعشيقة أو فتيات الليل، والتوقف عن لعب دور الضحية التي يستغلها الزوج.

 

ثالثًا: الاستمتاع بالحقيقية القبيحة

أو

عايزة بدلة رقص حمرا وبترتر

هل تكفي الخطوات السابقة لنجاح العلاقة الحميمة لتصبح حميمة بالفعل؟ الإجابة هي ربما، حيث سيعتمد الأمر على مجهود الزوجين، ولكن لضمان النجاح الحقيقي هناك خطوة باقية، وهي اعتراف الزوجة بمشاعرها والاستمتاع بها.

 

فممارسة العلاقة بشكل آلي، ووضع روتين ثابت مثل أغلاق إلأنوار، وعدم وجود الكلمات الهامسة اللطيفة من الزوجة، أو التعبير عن الحب بداخلها باللمسات البسيطة، بدعوى الخجل، لن يحقق ذلك الاستمتاع الطبيعي الفطري الذي خلقه الله بداخلها، وسيتحول الأمر مع مرور الوقت لواجب، وتبدأ أسطوانة الشكوى بأن “زوجي بيبص برة”، لذا فإطلاق الزوجة العنان لمشاعرها خلال العلاقة والتعبير عنها بكل شكل ممكن دون خوف، وتلبية رغبات زوجها أو رغباتها مهما بدت غريبة أو مجنونة، هو الضمان الأكيد للزواج الصحي الناجح المليء بالحب والاحتواء.

 

وفي النهاية لا يمكن تحقيق كل الخطوات السابقة إلا بمساندة زوج يدعم زوجته ويتقبلها كما هي وفي كل حالاتها، وهو ما عبرت عنه ليلى علوي أو “هدى هانم” في مسلسل “حديث الصباح والمساء”، عندما شكا لها ابنها أن زوجته ترغب في “بدلة رقص حمرا وبترتر” واتهمها بالجنون، فقالت ما يمكن اعتباره دستور للعلاقات الزوجية: “الزوجة صغيرة وبداخلها مشاعر كتيرة وجريئة ساعدها تعبر عنها، وكل ما كان الزوج صديق وحبيب ومتفهم لزوجته كانت حياتهم أسعد”.

المقالة السابقةأحباب الله
المقالة القادمةحوار أ/ إيمان الشرقاوي حول التربية الجنسية
إنجي الطوخي
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا