اليوم الملعون.. عن الختان والشرف والسيكو سيكو

1137

انجي ابراهيم

تم نشرة في 05/31/2016

وقت القراءة : 3 دقيقة

“اليوم الملعون” ده كان وصف واحدة من البنات اللي كنت قاعدة وسطهم والكلام خدنا للختان، أو الطهارة زي ما بيسموها عادةً، بنت متعلمة وحلوة وشيك، من أسرة متوسطة وعايشة في الأقاليم، وشها اتقلب أول ما جت السيرة، وابتدت تحكي من غير ما حد يسألها عن التفاصيل.

 

“تخيلي تبقي بتلعبي عادي في الشارع وأمك تنادي عليكي، تدخلي الأوضة تلاقي واحدة ست عفية وشكلها وحش ومكشرة ماسكة ف إيدها موس وحاطة بين رجليها ع الأرض طشت نحاس مقلوب على وشه، شكلها كان يخوف وكانوا بيمسكوني عشان يحطوني قدامها فوق الطشت، قلعتني هدومي وطاهرتني، وفضلت بعدها كتير مسكوفة”.

 

البنت كانت بتحكي بعصبية شديدة، رغم إن القعدة مكانتش درامية خالص، إحنا كنا بنضحك وبنرغي رغي ستات ملوش أول من آخر، وحتى هي كانت بتحكي الكلام ده وهي بتضحك رغم إنها كانت متنرفزة جدًا.

 

“تخيلي بقى إنهم بيلفوا حوالين رسغك فتلة ولازم تفضل في إيدك أسبوع، تمشي بيها في الشارع والناس لما يشوفوها يباركولك، وإنتي تفضلي مكسوفة منهم وبتخبي إيديكي، بس بعد ما تخبيها هتلاقي خالتك جاية عندكم البيت تباركلك وتقولك كبرتي خلاص، وجوزها يحطلك في إيدك عشرين جنيه حلاوة الطهارة.. دي فضيحة مش طهارة”.

 

دارت حكاوي الختان في القعدة وكل واحدة حكت عن ذكرياتها، اللي لفت نظري إن كلهم لسه فاكرين تفاصيل اليوم وكانوا بيعملوا إيه بالظبط ساعتها، ومع الحكايات اللي بتبتدي تاخد دورها من الأكبر للأصغر بنوصل للمرحلة اللي اتحولت فيها عملية الختان من عملية في البيت على إيد الست العفية أم شكل وحش، لعيادة دكتور كبير، بس بيفضل اليوم ملعون في كل حكاويهم.

 

“92% من السيدات المتزوجات عملوا العملية وبيعملوها لبناتهم.. 200 مليون أنثى حول العالم أجروا عملية الختان.. من بين كل أربع بنات منهم بنت مصرية”.

 

قابلت أمهات كتير اتكلموا في موضوع ختان بناتهم، منهم أمهات شايفين إن ده الطبيعي ومش فاهمين إنها حاجة اختيارية ممكن متعملهاش لبناتها، ومنهم أمهات بيدافعوا عن نفسهم “مبعملش لبناتي العملية غير لما تكون محتاجة.. لما المسائل تكون كبيرة هتحك في هدومهم وهتتعبهم.. لازم يتطاهروا”.

 

“وفاة الطفلة ميار محمد موسى اليوم 29/5/2016 بمحافظة السويس عقب إجرائها عملية ختان بمستشفى خاص، من قام بإجراء العملية الجراحية الخاصة بالختان طبيبة معروفة بالسويس”.

 

ميار ماتت عشان أمها خافت عليها من رغبتها، إنما مخافتش عليها من النزيف اللي موتها، أم ميار وأمهات كتير تانيين مش فاهمين إن الرغبة الجنسية عند كل الكائنات الحية عبارة عن غريزة بتحركها هرمونات، الهرمونات موجودة في المخ مش في الأعضاء التناسلية، قطع جزء من جسم البنت مش هيخليها تمتنع عن الرغبة الطبيعية الغريزية الموجودة عند كل الكائنات الحية، بس هتخليها بعد الجواز تعاني هي وجوزها في السرير.

 

“أثبتت العديد من الدراسات الأكاديمية أن الارتواء الجنسي المشبع بين الشريكين يعزز الثقة بالنفس لديهما ويجعلهما أكثر قدرة على تخطي الأزمات الناشئة من الخلافات الزوجية المعتادة، أكثر من نظرائهم ممن لا يحصلون على علاقة جنسية مشبعة ومنتظمة”.

 

مرة واحدة أعرفها اتخانقت مع جوزها وكلمت واحدة صاحبتها في التليفون تشتكيلها منه، صاحبتها بعد ما سمعت منها كل الكلام قالتلها هسألك على حاجة وجاوبيني بصراحة، إنتو عاملين إيه في السرير؟ الست ردت عليها وقالتلها كويسين، ردت التانية وقالتلها مش هضغط عليكي بس لو مبسوطين فعلاً في علاقتكم مع بعض في السيكو سيكو هتعدوا الخلافات، أنا اتطلقت عشان أنا وطليقي معرفناش نحل مشاكلنا، لأننا مكناش مبسوطين مع بعض في السرير، لو كنا بننبسط كنا عرفنا نكمل سوا.

 

الأمهات كلهم بيعملوا عملية الختان لبناتهم عشان يحموهم من رغباتهم قبل الجواز، بس بيدمروا كل حاجة بعده، ياما سمعت من ستات همّ قد إيه مش مبسوطين وميعرفوش يعني إيه حياة جنسية أصلاً، دايمًا متوترين والوقت اللي بيجمع الواحدة فيهم بجوزها بيكون وقت غريب ومش مفهوم بالنسبة لها ومش قادرة تحدد مشاعرها تجاهه، بتكون عندها رغبة فيه وفي نفس الوقت الرغبة مبتسكنش باللقاء، بيكون قدامها خيار من اتنين، يا تمثل إنها مبسوطة، يا توتر جوزها وتحسسه إنه في صحرا لوحده، ويبقوا هما الاتنين متوترين والحياة بينهم تشتعل بالخناق.

 

ده طبعًا في الحالات العادية والشائعة، فيه حالات تانية بيحصل فيها للست نوع من الارتباط الشرطي بين ألم وإهانة عملية الختان وبين أي تواصل مع أعضائها التناسلية، واللي بيخليها تسترجع كل اللي حست بيه وقت العملية في كل مرة بتمارس الجنس، ده بيحوّل حياتها لجحيم هي والشخص اللي اتجوزته، وفيه حالات كتير جدًا موثّقة بتدعم الكلام ده.

 

المشكلة الحقيقية مش إننا نثبت إن عملية الختان مش ضرورية، المشكلة الحقيقية إننا نثبت إن الرغبة الجنسية شيء طبيعي وعادي ومفيش أي إجراء جراحي ممكن نتخذه يقلل الرغبة دي أو يؤجلها، الرغبة الجنسية عند الستات مش مشكلة، ده حاجة بيولوجية وجزء من الحقائق الكونية اللي مستحيل تتغير، لا بالختان ولا بحاجة تانية غيره، الرغبة الجنسية مش عيب، ومش المفروض إننا نستأصلها من طبيعتنا البشرية ونعتبرها أزمة شرف، إلا لو كان ممكن نعمل عملية تخلي البني آدم ميحسش بالجوع مثلاً.

 

الختان عمره ما كان حل، ببساطة لأن مفيش أزمة أساسًا.

المقالة السابقةكرباج ورا يا أسطى  
المقالة القادمةأسطورة الستات مبتعرفش تسوق
إنجي إبراهيم
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا