من قبل أن يولد الطفل والأم تأخذ قرارات طوال الوقت، تبدأ من اختيارها للطبيب الذي ستتابع معه حملها، والفيتامينات التي ستتناولها، والعناية بطعامها، ولكن تظل هناك قرارات أهم ومصيرية تؤثر على مستقبله وحياته، يكون لزامًا عليها أن تتخذها وحدها بمعونة زوجها فقط، وإحدى هذه القرارات هو اختيار المدرسة الملائمة لأبنائها.
في قديم الزمان وسالف العصر والأوان من حوالي عشرين سنة وما قبلها، كان اختيار المدرسة حسب المنطقة السكنية، خيار سهل وبسيط، كل عائلة تعلم أين سيتعلم أبناؤها من قبل أن يولدوا، ثم ظهرت المدارس الخاصة، وأصبح أولياء الأمور يمكنهم أن يختاروا مدارس أولادهم ومستوى تعليم أفضل بدفع مصاريف أعلى.
تلك كانت الأحوال على حد علمي حتى بدأت في مرحلة اختيار مدرسة ابنتي، لأفاجأ أنني أمام عشرين مدرسة على الأقل لأختار منها، هذا بالإضافة إلى أنظمة تعليم مختلفة، بأسماء مبهرة لا أفقه عنها شيئًا ولا أعرف ما يميز كل منها عن الآخر، لذلك قمت هنا بعمل بحث بسيط عن أنواع نظم التعليم هذه والتي تنقسم إلى:
المدارس الحكومية:
من مميزات المدراس الحكومية أنها متاحة للجميع ومصروفاتها ضئيلة للغاية.
ولكن على الجانب الآخر بها الكثير من العيوب، على رأسها ارتفاع كثافة الطلاب في الفصول، مما يقلل من القدرة الاستيعابية للأطفال، وكذلك عدم توافقها مع الشروط الصحية الواجب توافرها في مكان لتجمع الأطفال.
تعرفي على: كيفية اختيار الحضانة المناسبة للطفل
المدارس التجريبية:
هي أيضًا مدارس تابعة للحكومة لكن بمصاريف أعلى من المدارس الحكومية وأقل من المدارس الخاصة، ويُدرّس فيها المواد العلمية مثل الرياضيات والعلوم باللغة الإنجليزية، ويتعلم فيها الأطفال اللغة الإنجليزية منذ الصفوف الأولى، وتدخل لغة ثانية مثل الفرنسية والألمانية مبكرًا عن المدراس الحكومية.
من عيوبها ارتفاع سن القبول بها، وكذلك الكثافة الطلابية في الفصول، وبالطبع تختلف مستويات المدارس بعضها عن بعض، فلو ستختارين منها يجب أن تسألي عن المدرسة الأقرب لكِ لتعرفي مستواها، وكذلك تقبل عن طريق التقسيم الجغرافي.
المدراس الخاصة (عربي):
هنا المصاريف أعلى بالطبع من المدارس الحكومية والتجريبية، تدرس المناهج الحكومية باللغة العربية مع إضافة اللغة الإنجليزية بمناهج خاصة مختلفة عن المنهج الحكومي منذ البداية، مصاريفها أقل من المدارس الخاصة اللغات، ويتراوح مستواها حسب المدرسة، يختارها الكثير من الآباء والأمهات الذين يقلقون من عدم قدرتهم على متابعة أولادهم دراسيًا بالمدارس اللغات.
المدارس اللغات الخاصة:
مدارس خاصة بمصاريف تتراوح بين المتوسطة والعالية، حسب مستوى المدرسة وسمعتها وتاريخها وكذلك تجهيزاتها، تشبه المدراس التجريبية في المناهج، فهي تقدم المناهج المصرية الحكومية ولكن باللغة الإنجليزية، مع منهج إضافي في اللغة الإنجليزية ودراسة لغة ثانية (فرنسية/ ألمانية) في مرحلة متقدمة على الأاغلب الابتدائية أو الحضانة.
المدارس السيمي إنترناشوال Semi international:
نفس نظام المدراس الخاصة اللغات، ولكن مع إضافة أن طريقة التعليم تكون أمريكية ومنهج اللغة الإنجليزية أقوى، أي أنها ذات المناهج المصرية المُدرّسة باللغة الإنجليزية ولكن مع عناية أكثر باللغات عمومًا وبطريقة التعليم والأنشطة الرياضية والفنية، ومصاريف أعلى بالطبع من المدراس اللغات.
المدارس الإنترناشونال (الدولية):
هي المدراس التي يتم فيها تدريس مناهج أجنبية سواء أمريكية أو بريطانية، من مميزاتها الكثافة القليلة للطلاب، والمرافق والاهتمام بالأنشطة، وطرق التدريس الحديثة، والمناهج التي تؤهل الطلبة لسوق العمل.
ولكن على الجانب الآخر المصاريف الخاصة بها عالية، بالإضافة إلى أن المدراس الدولية ليست متساوية، فهناك مستويات مختلفة من الناحية التعليمية، فليس كل مدرسة إنترناشونال رائعة بالتبعية.
أما النقطة المهمة هي أن الشهادة المعتمدة في المدارس الدولية هي الثانوية فقط، سواء الأمريكية أو البريطانية، لذلك يقوم الكثير من أولياء الأمور بإدخال أولادهم مدارس لغات وبعد المرحلة الإعدادية يقومون بالالتحاق بإحدى المدارس التي تقدم الشهادة المطلوبة لإكمال السنوات الدراسية الثلاث المتبقية، ولكن بالطبع يشترط هنا اختيار مدرسة قوية منذ البداية في اللغة الإنجليزية حتى يستطيعوا مجاراة زملائهم من طلبة المدراس الدولية.
ملاحظة: هناك أنواع أخرى من المدارس مثل الراهبات أو المدارس الأزهرية، لكنها تندرج تحت بند المدارس اللغات أو الخاصة كمستوى رفيع من حيث المناهج.
إذن كيف أختار مدرسة أولادي؟
هناك عدة معايير قد تعينك على اختيار مدرسة أولادك هي:
1- اختاري مدرسة قريبة من منزلك فالتقسيم الجغرافي القديم كان على أسس صحيحة، وبالتأكيد أنت لا تحبين أن يضيع أغلب يوم ابنك في أوتوبيس المدرسة بالصباح والمساء في رحلات طويلة ومرهقة.
2- اختاري مدرسة ملائمة لحالتك المادية لا تحاولي أن تعدي خطة مادية شديدة التقتير حتى تسطيعي أن تدخلي ابنك أو ابنتك مدرسة أحلامك، لأن هذا القرار نتيجته ستستمر لسنوات، وبالتالي حالة التقشف التي ستعلنيها في المنزل لن تكون لشهور قليلة وتمضي، بالإضافة لأن مصاريف المدرسة تزيد كل عام بنسب محددة، وأنتِ لا تضمنين زيادة دخلك بنفس النسبة.
3- اختاري مدرسة ملائمة للوسط الاجتماعي المدرسة التي ستدخلين بها ابنك أو ابنتك سينتقي منها أصدقاءه، وسيختلط بهم رغمًا عنك، وقد تضطرين أنت أيضًا للاختلاط بعائلاتهم للأنشطة المشتركة، لذلك انتقي مدرسة يكون أغلب تلاميذها من وسط اجتماعي ومادي مشابه لكِ.
4- اختاري المستوى التعليمي الذي تستطيعي أن تجاريه سيحتاج ابنك لمساعدتك الدراسية بالتأكيد في مرحلة ما، لذلك لا تختاري مدرسة بها اللغة الأساسية الفرنسية مثلاً، والتي لا تعرفين منها حرفًا، إلا لو قررتِ أن تأخذي كورسات في هذه اللغة تأسسك بها.
5- لا تنبهري بالمظاهر المدرسة ليست ملاعب واسعة أو فصول لامعة فقط، بل من الأشياء الهامة كذلك المستوى التعليمي في المدرسة والمدرسين الموجودين بها، لذلك ابحثي وراء هذه التفاصيل قبل أن تأخذي قرارك.
6- اسألي استشيري، يوجد الأن على شبكات التواصل الاجتماعي وفضاء الإنترنت الكثير من المجتمعات والمواقع التي تناقش المدراس المختلفة، وكذلك كل أولياء أمور مدرسة لديهم جروب على موقع الفيسبوك على الأقل، التحقي بهذه التجمعات والجروبات، واعرفي ما يعجبهم وما لا يعجبهم، وتأكدي أنه لن يجمع أحد على مدرسة واحدة، فاستمعي للجميع ثم اتخذي قرارك في النهاية.
في النهاية هذا القرار ليس حكمًا نهائيًا، فلو أخذتِ قرارًا بإدخال ابنك مدرسة معينة، واكتشفتِ بعد ذلك أنها سيئة للغاية، يمكنك نقله لمدرسة أخرى، ولكن ذلك يؤدي بالطبع لتقلبات نفسية لبعض الأطفال، لذلك حاولي أن تأخذي قرارك بعد تدبر.
عليا