يا مخوفاتي اخرج من حياتي

1391

كتير مننا بيستخدم مع أولاده فكرة المخوفاتي اللي أهلنا استخدموها معانا.. صح؟

 

المخوفاتي له أسماء كتير، بتختلف من بيت لبيت ومن ثقافة للتانية، ممكن يكون اسمه “أمنا الغولة” أو “أبو رجل مسلوخة” أو “الساحرة الشريرة”.

 

الحقيقة أنا كمان كنت مربية اتنين مخوفاتية في البيت، ومسمياهم “عو عيني” للي مبياكلش أكله، و”عو ليلي” للي مبينامش بدري أو ميسمعش الكلام أو يعمل أي حاجة مش على مزاج سعادتي.

 

كنت قريت نظريات كتير عن خطورة ده على السلامة النفسية للطفل، وأد إيه أساليب التخويف ممكن تضر الطفل وتخلق منه شخصية جبانة وخوافة، بس النظريات فضلت نظريات، وكنت بقول لنفسي إني عمري مثلًا ما وصفت شكل العو ده ولا ذكرت أي تفاصيل ممكن تعقد بنتي، وإني مش شايفة أي أضرار مباشرة عليها، بالعكس “العو” بيساعدني والتهديد بيه أسلوب أرحم من الضرب (في وجهة نظري وقتها).

 

لحد ما جه يوم من فترة بنتي كانت بتتفرج على كارتون “توم وجيري”، وفي مشهد متكرر القط ضرب الفار، لقيتها بتقولي إنه بيضربه عشان مكلش أكله، منتبهتش أوي للضوء الأحمر اللي ورا كلامها، لكن بعد كام يوم كنت بفرجها على فيلم كارتون لتوعية الأطفال ضد التحرش* ولما ظهر مشهد التحرش بالطفلة اتفاجئت بيها بتخبي وشها وهي خايفة وبتقولي “عمو شرير عمل كده عشان البنت مكلتش أكلها ومنامتش بدري”، هنا بقى اللمبة الحمرا نورت وقربت تنفجر في دماغي، اترعبت حقيقي؛ حسيت إني بربي إحساس بالذنب جواها من غير ما آخد بالي، ولما دورت على الغلط اللي بعمله لقيت إني طول الوقت بخوفها بالعو اللي ممكن ياكلها لو مكلتش أو مشربتش اللبن أو منامتش بدري، وإن العو ده بيترجم في دماغها -من غير ما أشوفه- لخوف من الخطر والأذى عمومًا.

 

اكتشفت إني لما بتوعدها بالعو اللي هيؤذيها لو عملت حاجة غلط من وجهة نظري، فأنا من غير ما آخد بالي برسّخ جواها إنها تستحق عقاب وأذى من مجهول هي مش فاهمة أبعاده، لو عملت حاجة غلط في عرف ماما/ المجتمع. حسيت إني بربي بنت ممكن لو حد أذاها تسكت وتحس بالذنب وتقول في نفسها يمكن السبب لبسي أو مشيتي أو صوت ضحكتي أو ذنب مش فاكراه ربنا بيعاقبني عليه.

 

كان لازم أقف وأبدأ أغيّر أسلوبي معاها، استبعدت فكرة العو والمخوفاتية بأشكالهم من كلامنا، وبدأت أشرحلها بالراحة إن مش من حق حد يؤذيها أو يهينها حتى لو غلطت، مش من حق حد يضربها أو يشتمها أو يقول “كلام وحش” لو غلطت أو مكلتش أكلها أو ملمتش اللعب، مفيش عو هيؤذيها، كفاية إنها تعتذر وتوعد إنها مش هتكرر غلطها.

 

أنا مش أم مثالية، أنا أم غلبانة جدًا جدًا، ومعايا طفلة شقية جدًا جدًا جدًا، كتير أعصابي بتفلت وبنسى كلامي كله وممكن تفلت مني إني أضربها أو أزعقلها، لو ده حصل لازم أعتذر وأوعد إني مش هكرر ده تاني، ولما بتتقبل أسفي بنتعلم سوا إزاي نعتذر لما نغلط وإزاي نسامح بعض.

متربوش عيالكم خايفين، خلوهم دايمًا عارفين إن مش من حق حد يؤذيهم أو يهينهم مهما كانت سلطته.

* رابط الفيلم: أضغط هنا

المقالة السابقةما هي مقاسات البرا؟ دليلك الشامل لشراء حمالة الصدر بالأرقام والحروف
المقالة القادمةإنت مش حر.. ولا أنا كمان

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا