هي…

444

 

بقلم/ إنجي عاطف

لديها الكثير والكثير من الأسرار في داخلها، وكأنها حفرة في داخل الأرض كلما حفرت فيها تزيد وتتسع. تحاول جاهدة أن تزيح هذا الجبل الثقيل الذي بداخلها ولكنها لا تستطيع. تجتهد لتظهر جزءًا منه، إيمانًا منها بأن الجرح لا بد أن يطهر كي يشفى، ولكنها لا تستطيع الإفصاح عن هذا الجزء الصغير بكامله، ولكنها عندما تجمع كل ما أوتي بها من قوى وتقرر سرد شيء مما تشعر به، تشعر وكأن هناك حقنًا صينية سيئة الصنع تنحر في جسمها، تشعر بأن هناك ألمًا في معدتها ليس له مثيل، تشعر أن هناك بركانًا ثائرًا من الغضب والألم بداخلها، يثور ويثور ولا يهدأ، يرسل إليها كرات من النار تؤلمها بشده وكأنها على حافة الانهيار.

 

تحاول أن تسكنه وترضيه بكلمات طيبة مثل “هذا هو الاختيار الصحيح.. ثقي في الناس.. من أهم خطوات الشفاء الاعتراف، بل الإفصاح”. ولكن هذا البركان لا يمكن إخماده. لا يهدأ. يظل يثور بداخلها أيامًا وأيامًا حتى يتمكن منها وتفقد كل دفاعاتها وقواها وتستسلم، تستسلم لذلك الصوت الذي بداخلها الذي يقول “لا أحد يشعر بك.. لا أحد يفهمك.. لا أحد يمر بما تمرين به.. اصمتي وكوني قوية واحملي العبء وحدك وأنتِ رافعة جبينك”.

 

وبالتأكيد يصاحب هذا الصوت الإحساس الرهيب بالذنب لمجرد أنها سردت جزءًا من قصة تؤلمها بشدة. ثم تحاول جاهدة أن تزيل كل آثار هذه المعاناة بطريقتها التي أجادت استخدامها بأدواتها البسيطة التي طالما أدمنتها والتي تتمثل في ابتسامتها.. ضحكتها الصاخبة.. عملها.. أحمر الشفاة السميك اللون.. السيطرة على من حولها.. إظهار أنها قوية مع أنها في الحقيقة أضعف من ذرة التراب.. وتترك كل هذا خلفها وتبدأ يومها الجديد بتلك الابتسامة.

 

 

 

المقالة السابقةيوم من عمرى.. في معرض الكتاب
المقالة القادمةالتطفل سمة العصر
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا