نوتة الفرحة

1180

زمان وإحنا عيال صغيرة في المدرسة، كنت مهووسة بشراء قصص الرعب والخيال العلمي، ما وراء الطبيعية ورجل المستحيل،
القصص البوليسية وأجاثا كرستي.. كان ممكن أصرف مصروفي كله وأي فلوس بحوّشها على القصص دي ومعاها الأوتوجرافات
الملونة.. وأكون مبسوطة وحاسة إني ملكة زماني وأنا عندي مخزون من القصص والأوتوجرافات في رفوف المكتبة.

في البيت مكانش حد فاهم سر السعادة الغريبة اللي بحسها لما آخد مصروف زيادة أجيب بيه ما سبق، أو حد يهاديني بأتوجراف حلو
وشوية أقلام ملونة.

الوحيدة اللي كانت عارفة السر، هدى أختي الكبيرة، كانت عارفة إني بحب الحواديت وياما حكتلي حواديت وإحنا صغيرين، كانت عارفة
إني مبعرفش أعبر عن اللي جوايا إلا لما أكتبه.. وبس. عشان كده كان بديهي النوتة والأتوجراف والقصص يبقوا أعز أصحابي..
واتحولت مع الوقت للهوس باقتنائهم.

من أول أتوجراف اشتريته في 3 ابتدائي وكتبلي فيه المدرسين وأصحابي لآخر نوتة صاحبتي الأيام دي (النوتة الموف).
يعني مثلاً أنا ممكن أحوش مبلغ كبير وأنزل أشتري بيه كله نوتات حلوة ومتنوعة وأبقى فرحانة، الفكرة كلها إني بتعامل مع النوتة إنها
صاحبتي، والحقيقة بقى محدش بيفهمني ويستحملني ويقعد معايا 24 ساعة غيرها، زيّ ما الناس بتختار أصحابها، أنا كمان بختار النوتة
اللي تكون صاحبتي وتستحمل معايا.

فيه نوتة تفتح نفسك على الشغل والأفكار اللا نهائية.. هنا لازم تعرف إن اللي صممها وطبعها عقله مليان إبداع ولمبات نور وطاقة،
بتوصلك من الورق والطباعة الرايقة.
فيه نوتة تفتح نفسك ع الحب.. وكأن اللي عملها كان جواه طاقة حب زيادة اتقسمت بالمللي على صفحات النوتة علشان تلمس قلبك قبل
عيونك.
فيه نوتة بتكونلك السكن والوطن والحضن.. لما كل الناس تقرر تبعد وتتبقى هي في ركن مكتبك مستنياك تحكيلها.

أنا بعرفهم، بعرفهم على رفوف المكتبات وفي الشارع والمحلات، بقى فيه لغة خاصة بيني وبين كل نوتة، بفهمهم من طريقة رصّهم ع
الرفوف وبعاملهم لما أشتريهم معاملة الطفل اللي لسه مولود ومحتاج يتعود على حياته الجديدة.

عمومًا لو ده جنان بالنسبة للبعض فهو منتهى الحقيقة بالنسبالي..كل نوتة بشتريها بتكتب حكايتها بنفسها.
لكن النهارده هحكيلكم حكاية أكتر نوتة فيهم صاحبتي، هوسي بيها بدأ يوم ما لقيت نوتة موف عليها رسومات فلكلور ورقها أصفر
مكتوب عليه عبارة بتوصفني.. بدون مبالغة أخدتها بالحضن في المكتبة وفضلت طول الطريق ماسكاها في إيدي وفرحانة أوي كإني
لقيت لقية، 3 سنين من يوم ما اشتريتها وهي في مكتبتي، دايمًا كنت حاسة إن مكانتها مينفعش تبقى نوتة شغل وبس، خواطر وبس،
حواديت وبس.. هي معمولة عشان تشيل ذكريات أكتر من كل ده وأحداث أكثر أهمية من كل ده.. فضلت بالسلوفانة لحد وقت قريب..
أول حاجة اتكتب فيها كان أول حلم فعلي من أحلامي يتحقق، وهو معاد طيارة سفري لوحدي، وقتها لقيتني بكتب فيها بدون تردد لأن
وقتها جه، ثم أفكار مكان مبهج بشتغل فيه، وتوالت الأحدث، لخواطر شوية، تجارب، مواعيد مهمة في حياتي، أحداث أهم، تفاصيل
ورسومات بيتي الجديد، أصبحت بنام وأصحى تقريبًا وهي في إيدي، حرفيًا مش عارفة أمشي من غيرها، ورغم كل التفاصيل الكوكتيل
اللي جواها لكن ورقها مش هاين عليه يخلص ويسيبني، مكتوب عليها "البط اﻷبيض ينفع في اليوم اﻷسود"، الحقيقة كنت شارياها في أيام
فُحلقي على كل المستويات، بس لأسباب معرفهاش النوتة دي قررت تكون نوتة الفرحة والماستر سينز في حياتي.

امبارح خطيبي قالي بتلقائية.. إنتي بتكتبي كل حاجة في النوتة دي ليه. قلتله عشان هي صاحبتي ومقدرش أمشي من غيرها. فكان رده
إنها هيجي وقت وورقها يخلص عادي يعني! أنا وقتها بصيت للنوتة وقلتله لأ.. هي صاحبتي، صاحبتي في أكتر أيام محتاجاها فيها،
ومش هتخلص إلا لما دورها يكمل ده وعد، ووقتها هتبقى الميموري كارد بتاع أجمل وأصعب فترة بعيشها في حياتي.

المقالة السابقةفي سوْرة غضب أو حب
المقالة القادمةهي مش عصفورة؟ بس جبارة!
كاتبة وصحفية مصرية

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا