نقطة نور

608

 

بقلم/ حازم أشرف

 

حين نذكر كلمة الأمل، يحرك كثير من الناس أيديهم بالهواء، داعين الآخرين لترك ذلك الهراء. إن تحدثنا عن فشل وقع لأحدهم وحللنا سبب ذلك الفشل، سنجده جاء بعد رحيل الأمل.

 

بالماضي اهتمت الحضارات بالأمل، وحين دوَّنته الحضارة الإغريقية بأساطيرها، كانت أسطورة “بندورا” التي منعها زوجها من فتح الصندوق الغامض، وحين تركها وحدها فتحته، وخرج من الصندوق الجهل والفقر والمرض إلى العالم، ثم أسرعت بإغلاقه، فلم يبق بالصندوق غير فقدان الأمل، ويبدو أنها لم تُحكِم الغلق، فبعضهم بدأ يفقده.

 

“الحكماء يتكيفون مع الظروف، كما يأخذ الماء شكل الإبريق الذي يُصب فيه” الاتفاق والاختلاف يصلحان أن يكونا الموقف من تلك الحكمة. كلٌ منا يعاني من مشكلة ما، صغيرة أو كبيرة، إن كانت تلك المشكلة تمنع عنا نور الأمل، يمكن تأجيل حلها -إن سمح الظرف بذلك- وإبعادها عن أذهاننا حتى نستطيع الاستمرار واستكمال الحياة، فمواصلة التحدي هي التي ستحلها. إن كان حل المشكلة لا يصلح للتأجيل، فالتكيف لن يزيد الموقف إلا سوءًا، يكون هنا الإسراع بالحل هو إنقاذ للأمل.

 

الأمل كلمة نطاردها من المولد حتى الممات، ويزداد الأمل قوة حين يكون في جماعات. مثلاً حين يولد الإنسان ينتظر الجميع أول كلماته بفارغ الصبر، يتمنى كل منهم أن يكون اسمه هو أول ما يُذكر على لسان الطفل، والمدة التي يحتاجها الطفل لإخراج أولى كلماته تتراوح ما بين ثمانية عشر شهرًا وسنتين. الأمل يشاركنا به جماعة من الناس كل فترة زمنية، بالمثال السابق كان الأمل مرتبط بالأسرة. يتطور الأمل عند الطفل، حين يبدأ بالرغبة بشيء ما، فيأمل أن يحصل عليه عن طريق الإشارة أو الحركة تجاهه، ومتى يعجز يبكي لأنه فقد ذلك الأمل.

 

لا يجوز لنا فقدان الأمل، فهو الشاحن الذي نشعر من خلاله بالحياة، وهو الذي يعيد الطاقة لبطارياتنا، لكن إن فقدناه ما الحل؟ قبل كل شيء يجب أن تكون أفعالنا متوافقة مع قيمنا، فالقيم هي التي تُملي علينا الأفكار، والأفكار نتفاعل معها بمشاعر، فتصبح جزءًا من ضمائرنا، ثم يوقفنا حدث ما، ويدعونا للتصرف، فنفعل ما يمليه علينا الضمير. نقوم بعدها بالبحث عن قمرنا، القمر هنا هو مرشدنا للوصول إلى الأمل، نحدد الموقف الذي نشعر فيه بالتفاؤل، بعد تحديده، نتخيله كأننا نعيشه. ويكون ذلك التصور هو نقطة البداية للشعور بالأمل.

 

هناك مفاتيح نستطيع الوصول بها إلى أعماق النفس، لن يصل إليها غيرك. فكل إنسان له مُركب خاص، به يفتح كل الأبواب، ليصل إلى موضع الراحة بالنسبة إليه، أو منه يستطيع الوصول إلى موضع التحفيز. ذلك الشعور الذي يأتيك حين تسمع صوتًا يقول: “فُتحت كل الأبواب أمامك،أسرِع ومُر”، هنا يجب استغلالك الحالة، ومنه يمكن نيل المراد. ستشعر أن الظروف تدفعك للأمام، والناس حولك يشجعونك، وحين تصل إلى مرحلة “ركلة بالظهر هي دفعة للأمام”، اعلم أنك وصلت إلى بيت الأمل.

 

هناك ستة اتجاهات تُقسم أطراف حياتنا عليها: الأسرة، المهنة، الذهن، الروح، البدن، تنمية الذات. بمعرفة ذلك الأساس، توزَّع الجهود والآمال عليها. التوزيع لا يشترط أن يتم بالتساوي، فذلك يختلف من شخص لآخر. من المزايا التي ننتفع بها من خلق مزيد من الاتجاهات هي الإحساس بالإنجاز، فهناك دائمًا شيءٌ متميز عن الباقين، حين تشعر بتميزه، ستغمرك الطاقة الإيجابية. هناك مثل صيني يقول “فرحة واحدة تبدد مائة حزن”، لذلك ستعمل جاهدًا لإضافة تميز آخر وفرحة أخرى. سيكون أحد أصدقائك المقربين هو الأمل.

 

“الأمل في غدٍ أفضل، الأمل بمستقبل باهر، الأمل بخبر سعيد،…”، تلك هي الجمل المرتبطة بالأمل، ولكن هل يصلح أن يكون الأمل هو الديباجة التي نفتتح بها كل صفحة من صفحات الحياة؟ سنفقد الأمل سريعًا، لأن الضربات لن تتوقف، إلا إذا سكنا للحظة لنتأمل الموقف. ما الذي نرغب به بشدة؟ ما الذي قد نناله بعد وقتٍ قصيرٍ؟ وما الذي سيحتاج إلى فترة طويلة؟ ما نقاط الضعف والقوة بالذات؟ وما العوامل المساعدة والعوامل المحبطة؟ يضع كل منا إجاباته الخاصة لتلك الأسئلة مع تحديد الخطوات، تنتهي كل جملة بكلمة “الأمل”، حتى لا ننسى. وبعد يوم طويل من العمل، فلنضيء الليل بالأمل.

 

مصادر:

تستطيع أن تكون متفائلاً – لوسي ماكدونالد

الشاحن – بريندون بيرتشارد

 

فرحة واحدة تبدد مائة حزن

 

المقالة السابقةحتى المشاهير يتعرضون للتنمّر
المقالة القادمةنمر صغير في حقيبتي
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا