نساء بلادي ومتلازمة المحتال

506

 

بقلم/ إيمان يحيى

 

لقد أتممت هذا العمل بنجاح لأن الحظ وحده كان حليفي.

لقد نجحت في الاختبار لأن الأستاذ كان رحيمًا بي وأعطاني الدرجة كاملة.

لا، أنا لم أفعل أي شيء غير معتاد، فقط اتبعت خطوات إعداد هذه الوجبة.

لماذا يتم تكريمي علي هذا المشروع؟!

أنا أشعر بالذنب لأني لم أجتهد بالقدر الكافي.

لولا أن عدد المتقدمين للوظيفة كان قليلاً لما حصلت عليها أبدًا.

 

هل شعرت يومًا بهذه الأحاسيس من قبل؟ إحساس أن تنسبي كل نجاح أو إنجاز في حياتك للظروف أو للحظ، وأن تغرقي في الإحساس الدائم بعدم الاستحقاق لما أنتِ عليه الآن من نجاح؟

حسنًا أنت تعانين من متلازمة المحتال أو imposter syndrome .

 

وأنت لست وحدك يا عزيزتي، ففي عام 1970 لاحظت أستاذة علم النفس بولين كلانس أن الكثير من الطالبات يشعرن ـرغم اجتهادهن- أن اجتيازهن للاختبارات ليس سوى وليد الصدفة أو الحظ، بل بالعكس كن دائمات القلق والخوف من أن ينكشف أمرهن أو يطردن من الجامعة.

وهذه الملاحظة العجيبة دفعت د. كلانس إلى دراسة هذا السلوك، واستنتجت ما يعرف الآن بـ”متلازمة المحتال”، وهي أن يشعر الشخص بأنه غير جدير لما هو عليه من نجاح، ويشعر دائمًا بتأنيب الضمير كلما حصل على تكريم أو إطراء.

 

ولكن هل تنحصر هذه المتلازمة في النساء؟ بالطبع لا، ولكن الإحصاءات أثبتت أن نسبة الرجال المصابين بها أقل كثيرًا من نسبة النساء. ويعزي هذا لأن النساء دائمًا ما تواجهن تحديات أكبر في المجال العملي والعلمي وحتي علي المستوي الشخصي، فالإحساس بعدم الاستحقاق ينبت من الفكرة العامة المأخوذة عن المرأة بأنها أقل تركيزًا من الرجل وأقل نجاحًا من الرجل، وطبعًا في بلادنا العربية طالما سمعنا جملة “ليس للنساء سوى الزواج” أو “النساء مكانها المطبخ” من الرجال في عائلاتنا أو في محيط الأصدقاء وزملاء العمل، وحتى أمهاتنا وجداتنا ونساء العائلة.

 

ويكون هذا ملحوظًا بشكل أكبر عندما تختار السيدة أن يعالجها طبيب أو يشرف على قضيتها محامٍ لاعتقادها أن الطبيبة والمحامية لا بد أن تكون أقل كفاءة من نظيرها الرجل. وعلى مدى سنوات عمرنا يتركز هذا الشعور في داخلنا، وهذا ما ينعكس علينا في الحياة على هيئة متلازمة المحتال، أي أننا نشعر أننا كالمحتال الذي يقنع الآخرين ببراعته في إنجاز الأمور بالرغم من فشله فيها.

 

ولكن على الجانب المشرق، فإن لمتلازمة المحتال إيجابيات كثيرة، ومنها أن الشخص يحاول دائمًا أن يطور من نفسه ويجتهد حتى يتخلص من هذا الشعور، وهذا ما يدفعه لمزيد من النجاح والإنجاز.

فعلينا جميعًا كنساء في مجتمعنا العربي ألا نكن عدوات أنفسنا، وأن نغير من النظرة الدونية لأي عمل نقوم به، وأن نعلم تمامًا أن كل ما ننجزه في حياتنا نابع من أيام كفاح وتعب وسهر وكد، لأنه ببساطة في هذا العصر لا مكان للمحتالين.

 

وأخيرًا.. هل تتنتظرين أن يؤمن بك العالم إذا لم يكن إيمانك بنفسك نابعًا من القلب؟

هل تنحصر هذه المتلازمة في النساء؟

 

المقالة السابقةملابس محجبات شتوية موضة 2018 وطرق تنسيقها
المقالة القادمةيرعبني أن أكون أمًا
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا