نجمي وفنجاني وحلمي الذي رأيته بالأمس

633

 

بقلم/ نادين عبد الحميد

 

سببت إحداهن لي خسارات فادحة حينما اتخذتُ حديثها على محمل الصدقِ دون الرجوع إلى المنطق، عندما كتبتْ على إحدى المواقع الإلكترونية أن أصحاب بُرجي الفلكي سيواجهون مشكلات عصيبة، وتوترًا مُقبلاً وهزائم، وربما يفارقون أحباءهم نتيجة بعض الخلافات. عبستُ وانقلبت ملامحُ وجهي تشاؤمًا من هذا العام وتلك التوقعات التي لا تشير إلى حدوث شيء سار في القريب العاجل.

 

أخذ عقلي يدور ويفكر في محاولة لتوقع أي جانب في حياتي ستعتريه المشكلات، وأي الصداقات هي الأكثر عرضةً للخسارة والانتهاء، أيهن سأفارقها عما قريب؟ أعيد على نفسي الأحداث الأخيرة ككل، لا أستطيع أن أعثرَ على أي شيء. يشتعل رأسي مجددًا، أتوقف عن فعل أي شيء سوى التحديق في العدم ومحاولة استجداء عقلي للعثور على حل سريع، تُرى بما كانت تفكر عالمة الفلك هذه قبل أن تودي بحياتي نحو الجحيم؟!

 

قضيت سنتين من عمري على الأغلب أتابع “حظك اليوم” وتوقعات الأبراج للعام القادم، أقرأ وأتابع، ولا أخفيكم سرًا أنني كنت أجد الشغف في ذلك الهراء بحثًا عن توقع سعيد، وحدث مدهش يغير حياتي بشكل مفاجئ وينهي حالة الروتين والرتابة، ولكن مع الوقت بدأ الأمر يتخذ شكلاً آخر. وجدت نفسي أبحث عن حلول، وأريد لو أنني أجد تلميحًا في كل يوم لما قد يحدث في نهايته، هل سأحصل على ما أريد؟ هل سيمر الاختبار بنجاح؟ كنت أبتهج حينما يخبرني حظي أنني سأنجح في شيء ما أرغب فيه بشدة، وفي أيام أخرى يصيبني الإحباط واليأس حتى أتوقف عن المحاولة تمامًا، فلماذا أحاول في شيء يخبرني حظي أنني لن أحصل عليه في النهاية؟

 

وهنا بدأت المشكلة، حينما أصبحت أتعامل مع أحلامي بالمنطق نفسه، أبحث عن شيء لفك الرموز التي أراها، وأتوقع هل هذا الحلم سيفضي إلى حدث سعيد أم لأ. التوقعات تزيد والأفكار تتزايد بشكل مخيف، وأنا لا أفعل شيئًا سوى محاولات فاشلة لمعرفة ما قد يحدث في مستقبلي البعيد، تاركة هموم يومي دون أدنى اكتراث.

 

كنت قد قرأت في يوم من الأيام أن متابعة الأبراج تعتبر محاولة لقراءة الغيب الذي لا يعلمه أحد سوى الله سبحانه وتعالى. أؤمن بضرورة الابتعاد عما يحرمه الله لما في ذلك من خير واتقاء لشر قد لا يعلمه الإنسان أو يراه واضحًا كل الوضوح أمام عينيه، ولكن هذه المرة فسرت الأمر بشكل شخصي يحتمل الخطأ أكثر من الصواب، وهو أنني أتابعها من أجل التسلية، ولا أهتم حقًا بما يخبرني به حظي في كل يوم، هكذا كنت أفكر دون أن ألاحظ كيف يكون الأمر مختلفًا إلى حد كبير بالنسبة إلى عقلي اللا واعي، الذي يحفظ الأشياءَ عن ظهرِ قلب، ويخرجها إلى الواقع في صور أخرى قد لا ألاحظها، حقًا ما كنت أفكر به وجدته يحدث أمامي.

 

عندما كان يخبرني حظي أن الأشياء ستسير بشكل جيد، أبتهج وأنتظر من العالم أحداثًا سعيدة، وتوفيقًا في الأمور، دون أي توقع لوجود أي عقبات تواجهني. وعلى النقيض حلم واحد ينذر بحدوث شيء محزن، كان كفيلاً بأن يجعل أيامي حزينة بائسة، أرى في كل شيء حولي إنذارًا وإشارة لقدوم شيء ما لا أحب حدوثه. نعم قد لعبت التوقعات (التي كنت أبنيها دون أدنى محاولة للتفكير أو التحليل) بي وبمجريات حياتي ككرة صغيرة تحركها كيفما تشاء، ودون أي تحكم مني فيما يدور في حياتي.

 

الأمر نفسه يتكرر إذا كنت تهتم بقراءة فنجانك، ولو أنني لم أحاول يومًا ولا أصدق في مثل هذه الخرافات، ولكن اليوم بعد تلك التجربة، أظن أن الإنسان قادر بما يكفي على التحكم بحياته نسبيًا، وفي أغلب الأوقات، يرزقنا الله على حسن ظننا به، حتى أن الأمر لا علاقة له بالتنمية البشرية أو ما شابه، ولكن مجرد وجود توقع سيئ متشائم يجعل عقلك مهيئًا لاستقبال كل الأشياء السيئة والتركيز مع وجودها وتجاهل أي شيء جيد في الحياة.

 

أعتقد أن خطورة الأبراج التي جعلتها تقع في موضع التحريم أنها تهدم حياة البشر، إذا فاق الاهتمام بها الحد الطبيعي ووصل إلى حد الهوس، وهي درجة غالبًا لا يستطيع الإنسان التحكم فيها كما الإدمان. تخيل معي أنك تترك حياتك في يد شخص، لا علم له أكثر مما تعلمه أنت عن حياتك، ليخبرك في كل يوم أنك ستعايش حدثًا ما وفقًا لتوقعات عشوائية يمليها عليك، أو أن تصبح مكتوف اليدين أمام حلم رأيته في منامك، قد يكون لا شيء أكثر من محاولة إفراغ لعقلك الباطن من كل الأحداث والمشاعر التي تعيشها في يومك.

 

نحن نأمل في حدوث الكثير من الأشياء السعيدة، ولا أحد ينتظر من حياته الألم أو الحزن، ولكن بعد محاولات عدة وتجربة أظنها قد أعطتني درسًا جيدًا، ربما عليك أن تبذل وتفعل كل ما في وسعك نحو ما تريد، دون أن تكترث لما يمليه عليك البرج من حظ سعيد. نحن مُخيَّرون، ويستطيع كل منا أن يتوقع أحداثًا تلائم مخيلته، ولكن الأهم هو أن يتحرك دون أن يصبح مُحمَّلاً بهموم وجبال من التوقعات السيئة.

 

أجد الشغف في البحث عن توقع سعيد وحدث مدهش

 

المقالة السابقةدليل العلاقات الفاشلة He’s just not that into you
المقالة القادمة5 تصورات ظلمت الحب
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا