بقلم/ كاتي عياد
من فترة كان فيه بوست صادم على الفيس، واتشاف واتعلق عليه واتعملّه شير من آلاف الأشخاص، عن شاب بيحتفل بذكرى وفاه والده، وكتب كلام كتير مضمونه إنه مبسوط إن أبوه مات.
وفضل يعد ويحصر كم المواقف السيئة اللي اتعرَّضلها من الأب، وكان بيوصف شعوره المؤلم تجاه كل موقف، وحكى كلام كتير يمكن ميكونش قاله للأب ده في حياته وجهًا لوجه.
وما بين اللي تعاطف معاه واللي أهانه واللي اتأثر إن ده موجود في الواقع فعلاً، أدركت حقيقة صادمة، إنه مش بالضرورة فعلاً تحب أهلك، هو مش شيء إلزامي خالص. شخص زي ده بكم التفاصيل المأساوية دي كان صعب يحب والده.
أصل بالعقل هيحبه إزاي، أو بمعنى أدق هيوصله مفهوم ومعنى الحب إزاي، لما الشخص اللي نشأ في
حضنه معندوش حب جواه يديهوله من الأساس.
هو متقابلش مع الحب ورفضه، ولا اختبره ولا داقه، فوقتها النتيجة الطبيعية إنه فعلاً ميحبش أبوه.
برضو كان فيه بنت على علم بسلوكيات والدها المشينة، واللي يمكن كانت بتتعاير بيها كمان، وده ولِّد جواها كراهية للشخص ده، برضو ده رد فعل -في رأيي- طبيعي، أصل بالعقل برضو هو كده مش أمانها ولا محترمها، وكمان كاسر عينها قدام أشخاص تانية. هي مطالبة تحبه إزاي؟!
الكارثة الكبرى مش إن دي أنماط موجودة في الواقع، لا، الكارثة إن فيه أشخاص زي الولد والبنت دول وقت ما بيحبوا يعبروا بيتهاجموا. وقتها الحلول المتاحة إما إنك تعبر وتحكي وتحاول تدور على شفاء أو إيد تساعد، وتستحمل استهجان الناس وقرفهم، ويمكن اشمئزازهم منك باعتبارك ابن عاق مبيحبش أهله أو شخص جاحد مقدرتش اللي رباك -اللي وقتها إنت بتكون مقتنع إنه مرباش أصلاً- وإما إنك تدخل قوقعة الزيف الاجتماعي وتبدأ تظهر عكس ما هو واقع بالفعل، وتعزز لدى الآخرين صورتك العائلية الجميلة المتماسكة المحبوبة، وده بالوقت هيدخلك دايرة كتمان وكبت، وفي مرحلة ما هتنفجر كالبركان وهتطيح بكل ما هو حولك.
وقتها بتكون قدام قرارين أصعب من بعض، وعواقب كل قرار منهم مش سهلة وعليك إنك تختار، بس نصيحة اختار إنك تصرّح وتُشفَى رغم نقد الناس، لأن كده كده الناس مش بتبطل كلام على الفاضي و المليان، وبعد وقت هينسوا.
إجبارك لنفسك إنك تحب حد إنت مش قادر تحبه ده بيخليك تكرهه، مش بس تقف عند نقطة اللا حب واللا كراهية، بالعكس، ده الإجبار بيوصلك للكراهية.
اتصالح مع فكرة إنك معندكش مخزون حب لأهلك وتبقى حقيقة مؤلمة ممكن تتعالج، أهون بكتير من إنك تتكيف مع حب مزيف اخترعته عشان صورتك الاجتماعية متتهزش.
وكلمتين للناس اللي هتجرم عليك حقك في اختيارك تحب مين ومتحبش مين:
* الشخص بيحب اللي يسلك معاه بود وبتصرفات يتحب عليها.
* إحنا بنحب الأشخاص اللي بنلمس فيهم حب.
* حبك وكراهيتك لشخص بتعتمد على سلسلة مواقف، مش على مسميات ومكانة الأشخاص دي.
الحب في أصلة هو شعور، وفي الأغلب إنت صعب تشعر بشخص مش شاعر بيك.
الشخص اللي بيتعرى اجتماعيًا بالشكل ده بيكون مسكين، وفي أشد احتياج لحد يحس بيه ويداويه بالحب
اللي هو مفتقده وفقدانه جارح للدرجة دي.
كفاية إن ظروف الواقع اللي بنعيشه أصلاً قاسية، فبلاش قلوبنا تقسى على بعض لما حد يعبر عن اللي فيه.. يا بخت راحم المساكين.