كله تمام

641

 

بقلم/ رضوى الصحن

 

أي حد: إزيك يا رضوى؟ عاملة إيه؟

أنا: كله تمام الحمد لله. بابتسامة عريضة كده كل اللي يشوفها بيحس بالأمل والتفاؤل والانشكاح وحلاوة الدنيا.

دماغي: آه يا كدابة! بقى “كله تمام”؟! طب ما تقولي الحمد لله وخلاص! لازم يعني كله تمام دي؟!

 

الناس غالبًا بتصدق، وساعات أنا كمان بصدق إن كله تمام.

بس مش كل الناس بيصدقوا، مرة واحد من أصحابي القريبين-اللي عارفين الدنيا عندي عاملة إزاي تقريبًا- قعد يضحك لما قولتله كده! ولما سألته بتضحك على إيه، قاللي حاسس كأني بكلم جهاز متبرمج إنه أول ما يسمع إزيك يرد يقول “كله تمام”.

 

كل مرة حد بيسألني فيها عاملة إيه، بسرح كده للحظة وببقى نفسي قوي أرد أقولهم عندكم استعداد تسمعوا أنا عاملة إيه بجد؟! ببقى نفسي أحكيلهم عن خناقاتي مع نفسي على كل حاجة بعملها وكل فكرة بتيجي في دماغي. عن إحساسي إني مش عايشة أصلاً، وعن الأمل اللي مش مصدقاه كفاية إني بكرة هعيش إن شاء الله. عن اللخبطة اللي جوايا وترتيب أولويات حياتي اللي بيتغير كل لحظة على حسب المود في اللحظة دي إيه، وعن المود اللي كل ما يطلع لفوق مبيطولش وبيرجع تاني ينزل تحت الأرض. عن الخوف والضعف اللي موقفينني في مكاني، وعن تبريري لكل حاجة، وعن اقتناعي بمبرراتي وقبولي لده اللي مش عارفة ده صح ولا غلط. عن الحاجات اللي عايزاها قوي بس لأ مش هينفع، لأ خايفة، لأ مش دلوقتي.. وعن شكي إن ما يمكن أنا مش عايزاها أصلاً!

 

عن تليفوني اللي تقريبًا مبيرنش واللي طول اليوم عاملاه سايلنت عشان عارفة إن مفيش حد يهمني مكالمته هيتكلم. عن إحساسي لما أبقى مروحة من الشغل ونفسي حد يونسني في الطريق وأمسك تليفوني وأقعد أقلب في الأسامي، وفي الآخر أسيبه ومكلمش حد. عن الدوشة اللي جوايا والوجع والوحدة والخوف، وفقرات العياط اللي في الطريق وأنا سايقة، قال يعني قزاز العربية بيخبيني من الناس وبيديني الخصوصية اللي مش عارفة ألاقيها في حتة تانية.

 

عن محاولاتي إني أسد وداني عن اللي سامعاه في دماغي بإني أشغل أغاني وأعليها على الآخر وأقعد أغني معاها وأعلي صوتي لحد ما يبقى أعلى من الصوت اللي جوايا. عن محاولات هروبي من التفكير باقي الوقت بالشغل، لدرجة إني فجأة بكتشف آخر الليل إن النهارده كان الخميس وإن الأسبوع خلص وأنا محستش، وإن كان المفروض أقابل أصحابي أو أخرج أو أعمل أي حاجة تبسطني، بس للأسف كنت مشغولة ونسيت.

عن هروبي من أهلي ومن أصحابي عشان معنديش حاجة أقولهالهم، عن اليوم اللي بقدر أهرب فيه شوية من الدوشة اللي جوايا وأنام، فأحلم بحاجات تخليني أصحى بدوشة وأفكار أصعب.

 

فجأة بلاقي سيل الأفكار اللي شغال لوحده في الخلفية ده اتقطع، وألاقيني لبست الابتسامة العريضة على وشي وقولتلهم “كله تمام الحمد لله”. وعليت المزيكا اللي في وداني وكملت شغل، وسيبتلهم النظرة اللي بتحسسهم بالأمل والتفاؤل والانشكاح وحلاوة الدنيا.

وألبس ابتسامة التفاؤل والانشكاح

 

المقالة السابقةلاسكالا.. الحياة دومًا ما تعطينا “فرصة ثانية”
المقالة القادمةليه منديش المطلقين فرصة تانية؟
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا