كان يا ما كان

1263

 

بقلم/ نور أبو زيد

 

زمان وإحنا صغيرين كانوا أهلنا بيحكولنا حواديت سمعناها كتير واتربينا عليها وحبيناها وصدقناها، لدرجة إننا تخيلنا إن أبطال القصص دي حقيقيين وموجودين في مكان ما.

 

أكتر قصتين كنت بحبهم وأثروا فيَّ قصة سندريلا وقصة سنو وايت، بالنسبة لقصة سندريلا إنها عانت مع زوجة الأب، ولما لقت الأمير حبته وراحت الحفلة عشانه، ووقعت منها الجزمة، وبعد شوية معاناة لقاها الأمير واتجوزوا وعاشوا سعداء للأبد. فيها جزء من الواقع وجزء من الحقيقة اللي كبرنا ولقيناه مكانش موجود في القصة.

 

الجزء الحقيقي إن فيه بنات كتير ظروفهم صعبة فعلاً، والأغلب بتبقى ظروف خارجة عن إرادتهم، والظروف دي بتبقى عبارة عن سلسلة من العوائق اللي بتبعدها بأي شكل من الأشكال عن حلمها والطريق اللي عايزة تمشي فيه، واللي هيوصلها للي بتحلم بيه. بس هنا الجزء الخيالي بيفسد خطة البطلة للتخلص من الجزء الحقيقي، وهو الواقع المرير، لأن مفيش أمير هييجي ينقذ البطلة وهي في ظل ظروفها العائلية أو الحياتية السيئة، والحقيقة الأكثر إن محدش هينقذها غير نفسها، وساعتها لو أنقذت نفسها ممكن جدًا تلاقي الإنسان الصح، لأنه هيبقى مبهور بقوتها وشجاعتها وقدرتها على تحدي الصعاب. الفكرة إن لو هي مغيرتش الواقع اللي عايشة فيه واستسلمت، محدش هيشوفها قوية.

 

أما بالنسبة لقصة سنو وايت اللي حاولت زوجة والدها تقتلها عشان هي أجمل منها، ولكنها هربت وراحت عاشت مع السبع أقزام لحد ما جالها الأمير وحبها، كانت أكتر حدوتة خيالية سمعتها، لأن برغم وجود حقد وحسد وغيرة وعدم تمني الخير للآخرين، بس عمرها ما هتوصل لدرجة القتل، ثانيًا وده الأهم محدش هيروح يعيش مع ناس ميعرفهاش ولا يعرفوه، وتبقى النهاية زي معظم القصص سعيدة إن يعيش الأمير مع الأميرة في سعادة لا تنتهي.

 

للأسف الحياة هي الحقيقة المُرَّة، الحياة قاسية ولو مكنتش قدها وتواجهها ومتخافش هتتفرم. الحياة مش قصة من الحواديت اللي اتربينا عليها، نسمعها ونبتسم في آخرها وننام وإحنا مطمنين إن بكرة أحلى، وهنعيش زي الأميرة في سعادة لآخر العمر.

 

الحياة مش حدوتة حلوة أغلب الوقت، إلا لو قرر كل واحد يكون هو بطل حدوته، ويصنع نهايتها اللي تليق بيه.. مش يستنى مصيره يتحدد بناء على اللي حواليه.

 

أنا كنت بحب القصص دي جدًا وبستمتع بيها، وأثرت عليَّ في حاجات كتير، لحد ما كبرت وعرفت إن القصص اللي بتتحكي مجرد قصص، اكتشفت سلبية إن الأميرة تقعد حاطة إيديها على خدها مستنية الأمير ييجي ينقذها عشان القصة تنتهي بنهاية سعيدة، مش هتحصل إلا لما ييجي الأمير عشان الأميرة، وإلا هتفضل عايشة في تعاسة أبدية. وده مش صحيح تمامًا لأن المفروض تبقى هي بطلة قصتها وتستحق البطولة دي.

 

عايزة أقول لكل أم، من فضلك وإنتي بتحكي قصص خيالية لبناتك، احكي برضو قصص حقيقية لبنات تعبوا وعانوا لحد ما قدروا يعدوا الصعاب اللي قابلتهم في حياتهم بمواجهتها.. صدقوني الأطفال هيفهموها، ولو مفهموش دلوقتي لقلة خبراتهم الحياتية هيفتكروها لما يكبروا، زي ما إحنا ما فاكرين القصص اللي كانت بتتحكيلنا زمان.. وشكِّلت جزء كبير من وعينا.

 

اخلطوا الواقع بالخيال عشان أولادنا لما يكبروا يقدروا يواجهوا الحياة زي ما سمعوا في القصص اللي اتحكتلهم، وميتصدموش من الدنيا والناس.

 

دخلي تفاصيل في الحدوتة تعلم بنتك إنها لما تكبر تبقى قوية، وإن حياتها متقفش على الأمير اللي تفضل مستنياه عشان ييجي ينقذها من أي موقف يحصلها في حياتها، وتعلمي ابنك إزاي يحترم البنت ويشيلها في عينه وفوق راسه، ويعرف إنها بتتعب زيه وأكتر، وإن القوة دي الإنسان اتصف بيها ومكانتش مخصصة للذكر بس أو للأنثى بس.

 

وبرغم مرارة كلماتي وقسوة وصفي، ولكن هتفضل برضو القصص دي محفورة في قلوبنا، وهتفضل دايمًا تفكرنا بالبراءة اللي كانت فينا والعالم الطفولي الجميل الحالم اللي كنا عايشينه.

 

الحياة مش حدوتة حلوة أغلب الوقت

 

المقالة السابقة5 روايات مترجمة غيرت نظرتي للحياة
المقالة القادمةحواديت أمي الوردية
مساحة حرة لمشاركات القراء

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا