قنوات الأطفال فيها سم قاتل

1317

تفتكر لو معانا فلوس ممكن نعمل قناة أطفال وتألف إنت الأغاني، وأنا أخرجها ونخلي “وَنَس” البطلة المطلقة؟!

آه طبعًا.

كويس؛ كنت خايفة نكون بنحب بنتنا أقل من آل مقداد. طب وهنسميها إيه؟

مممممم.. غربان جهنم.

 

طبعًا لو إنت سينجل أو لا تعول مش هتعرف إحنا بنتكلم عن إيه ولا مين هم آل مقداد، أما لو إنت رب أسرة أكيد هتفهم وهتتعصب ويمكن كمان تحسبن، خصوصًا إن كل أب متريش بقى هوب يروح عامل قناة له هو وعياله وإحنا اللي ندفع التمن، بس خلينا الأول نعَرَّف اللي ميعرفش.

 

آل مقداد دول عيلة من أب وأم وبنت و4 أولاد، عاملين قناة للأطفال كلها أغاني، في الغالب أبطالها الأب وعياله ومن إخراج الأم، باستثناء كليبات قليلة جدًا لناس تانية قد لا يقلوا عنهم سماجة. طبعًا قبل الخلفة وسنينها لو لمحت القناة دي شغالة عند حد هتقول عليّ وعلى أعدائي إني أشغلها لأولادي في المستقبل، لكن اللي مش هتبقى عامل حسابه فعلًا إن الأطفال –ويا للعجب!- بيتعلقوا بالقناة دي وما شابهها جدًا بشكل مثير للدهشة والجدل.

 

قنوات الأطفال بتتقسم وفقًا لمحتوياتها:

– قنوات بتقدم أغاني أطفال كرتونية أو على شكل كليبات بهدف تقديم محتوى ترفيهي، تعليمي، أخلاقي أو ديني، زي طيور الجنة وكراميش ونون ودار القمر، واللي مع الوقت بيقلب لسبوبة ومواكبة الأحداث لضمان أكبر نسبة مشاهدة مش أكتر.

– قنوات بتقدم أغاني أطفال قديمة تمانينات وتسعينات، بعضها بشكلها القديم وبعضها الصوت متركب على مقاطع كرتونية حديثة تتناسب مع الغنوة، أو أغاني أجنبية تعليمية وترفيهية، مع شوية كرتونات مدبلجة، زي آي كيدز ومودي كيدز وكوكي كيدز.

– قنوات بتقدم أفلام كرتون مدبلجة بس زي كيدزانيا.

– وفي وسط كل ده قنوات قليلة جدًا بتقدم محتوى خاص بيها من أغاني وكارتون مختارين ومتنفذين بعناية شديدة، زي براعم.

 

طيب فين المشكلة؟!

المشكلة إن:

1- كتير من المحتوى -خصوصًا الغنائي- هتلاقيه للأسف بيضرب الذوق الفني للطفل في مقتل.

2- بعض القنوات بيكون بين محتواها فواصل إعلانية غير مناسبة لسن الأطفال، سواء من حيث الفجاجة في الأسلوب أو طريقتها الشعبية.

3- قنوات زي طيور الجنة وكراميش مثلًا بيقدموا أغاني طول الوقت بدون أي فواصل أو محتوى تاني، الأغاني دي أغلبها رتمها سريع جدًا ومزعج، وأثبتت الدراسات إن الأطفال اللي بتتعرّض بشكل متواصل للنوع ده من القنوات هي الأكثر عرضة للإصابة بالتوحد وتأخر الكلام.

 

اللي بيحصل كالآتي:

الطفل بيبدأ بالاستمتاع بالإيقاع لأنه مش قادر يفهم الكلمات، فيحاول يركز مع الصور اللي بتتحرك بسرعة، ولأن دماغه مش قادرة تلاحقها ولا تخزنها بنلاقي الطفل مع الوقت بيلزق في الشاشة ويركز معاها تركيز تام، ويبدأ مينطقش ويُصاب بتشتت الانتباه، فرط في الحركة، انفصال عن الواقع، ويتحول لشخص انطوائي وأحيانًا عدواني، وتتعطل قدراته العقلية والجسدية ويلقط القيم السيئة في اللي بيتفرج عليه. طبعًا ده بيخلي الطفل بعد كده سريع الغضب والاستفزاز، عنيف مع أهله لفظيًا وجسديًا، ويبقى قليل المشاركة والإنتاج في النشاطات التانية زي القراءة أو الرياضة، ولو هو أقل من 3 سنين فغالبًا كمان هيتأخر في النطق.

 

طيب.. هل ده ممكن يحصل للطفل مع قنوات الأغاني بس؟!

للأسف لأ؛ تعرض الطفل بشكل مبالغ فيه ومستمر للتليفزيون بشكل عام ممكن يعمل ده، حتى لو بيتفرج على قنوات مفيدة وتعليمية، وده لأن الموضوع مش بس متعلق بالمحتوى، لأ وكمان متعلق بالكَمّ اللي بيتعرّض بيه ابنك أو بنتك للنوع ده من النشاط.

 

طيب إيه الحل؟

خلينا نحط الحل في نُقط:

1- كل أب وأم يسألوا نفسهم هم بيسيبوا أولادهم قدام القنوات دي ليه! لاعتقادهم إن القنوات دي بتنمي مهارات أولادهم الإدراكية والمعرفية! ولا لإرضاء أطفالهم وإيقاف مسلسل الزن الأبدي! ولا عشان يشغلوهم فيعرفوا يقوموا بأعمال منزلية تانية! ولا عشان كل ده؟ وفقًا للإجابة هيقدر الأهل يعرفوا يتصرفوا إزاي ويبدؤوا منين.

 

2- محدش بيقول امنعوا التليفزيون نهائي، لكن فيه حدود ومقاييس معينة لازم تتحدد وتتنفذ، لأن التليفزيون من المفترض إنه يكون آخر وسيلة ترفيه مش الأولى، لأنه بيمهد لشخصية استرخائية (حزب كنبة يعني).

أولًا.. ابعدي تمامًا عن المحطات اللي أغانيها ذات وتيرة واحدة، واختاري بعناية المحتوى اللي عايزة طفلك يتفرج عليه وخليه متنوع ما بين التعليمي والترفيهي، وطبعًا لازم تنتبهي للمحتوى اللفظي والأخلاقي اللي بيتقدم لطفلك. اختاري محتوى واضح وهادف، وده متوفر على قنوات زي براعم – الجزيرة للأطفال – ناشيونال جيوجرافيك – ديسكوفري.

ثانيًا.. كل شيء له مكان، كذلك التليفزيون، فيا ريت يكون مكانه غرفة المعيشة، مينفعش كل أوضة يكون ليها تليفزيون مستقل، بحيث إن الطفل يتعود على إن التليفزيون ده في أوقات معينة مش خلفية موسيقية لإيقاع حياته متاحة طول الوقت.

ثالثًا.. من المفترض إن التليفزيون يكون بيشتغل لهدف محدد مش سداح مداح، جمعية الأطباء الأمريكية بتقولك إن الطفل المفروض ميتفرجش على الشاشات المرئية أكتر من ساعتين في اليوم (ساعتين لكل الشاشات، يعني تليفزيون وكمبيوتر أو حتى ألعاب إلكترونية) بشرط إن الساعتين دول لازم ميكونوش متواصلين ولا يكون ليهم علاقة بالتعلم أو حل الواجب أو التدريب على مادة بعينها.

رابعًا.. الدراسات برضو بتقولك المفروض يكون فيه يومين كل أسبوع التليفزيون مبيتفتحش فيهم من أصله.

خامسًا.. في حالة تخطي الحدود القصوى وإدمان الطفل للتليفزيون اقطعيه فورًا وقدمي خطة بديلة.

 

3- على الأهل إنهم يعملوا إثراء للجلسات الأسرية ويوجدوا البديل للطفل، زي الرياضة، القراءة، التلوين، القص واللصق، الفك والتركيب… إلخ. وطبعًا الطفل وارد جدًا إنه يقاوم؛ أهم حاجة الصبر.

 

هنتعب؟ المحاولات مرة هتنجح ومرتين لأ. هناخد وقت ومجهود؟ مش مهم، أصل مينفعش أبدًا نآمن ونسيب مهمة تربية أولادنا لأشخاص تانيين فاكرينهم همهم الأكبر مصلحة أولادنا، في حين إن مهما كان إخلاصهم وحُسن نواياهم فالموضوع في الأول والآخر بالنسبالهم بيزنس!

 

وحتى لو غلطنا أو مكناش نعرف الكلام ده منقعدش نولول،  نقدر نبدأ نصَلَّح من دلوقتي ونعمل الصح، وممكن نستعين كمان بمتخصصين واستشاريين.. مش عيب. المهم إننا منستسهلش ولا نكسّل، ونحاول نبقى موجودين بأكبر قدر في حياة أولادنا. آه محتاجين نشتغل عشان نقدر نعيش، وآه فيه شغل بيت وحاجات لازم تتعمل، بس نحاول ننظم وقتنا وفي وقتنا المتاح يا ريت بأكبر قدر نكون مع أولادنا، لأن لو إحنا سيبناهم دلوقتي يربيهم التليفزيون والنت والألعاب مينفعش نزعل منهم بعدين لما نلاقي سلوكياتهم اتغيرت أو نفسيتهم اتأثرت، ولا نعاتبهم لما يومًا ما نقرر نتفرغلهم ونقعد معاهم نلاقيهم بيقولولنا لو سمحتم سيبونا لوحدنا. 

 

أولادنا همّ أكبر استثمار في حياتنا، فلازم نبذل فيه كل جهدنا قبل ما الأوان يفوت ونطَلَّع أجيال عايزة ضرب الشبشب.

المقالة السابقةولنا في الصمت حياة
المقالة القادمةحياتها مش Black
امرأة ثلاثينية متقلبة المزاج، أعشق الرقص على السطور كتابةً، أُحب الفن بمختلف أنواعه وأعيش عليه. والآن كبرت وصار عليّ أن ألعب في الحياة عشرات الأدوار طوال الوقت، لأستيقظ كل صباح أُعافر حتى أستطيع أن أُحاكي بهلوانات السيرك فأرمي الكُرات المُلونة بالهواء ثم ألتقطها كلها في آنٍ واحد.

ترك الرد

الرجاء إدخال تعليقك!
الرجاء إدخال اسمك هنا